«زاندر كيج».. ذلك الخيط الرفيع بين التشويق والملل

  • 2/16/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في العرض المتوافر على الساعة التاسعة والدقيقة الثلاثين مساءً لفيلم «إكس إكس إكس: عودة زاندر كيج» في صالة سينما إمباير سيتي ـــ بيروت، لفتني عدد الحضور القليل والكافي ليبدو الجمهور كعائلة كبيرة مجتمعة في حفلة مملة رغم الصخب والضجيج الذي يملأ الصالة. اخترتُ وزوجي مقعدًا خلفيًا، محاولة إجبار نفسي على إخفاء امتعاضي من سخافة هكذا أنواع من الأفلام وذلك إرضاء لزوجي كونه من عشاق أفلام الآكشن.«نيمار» الهوليوودييبدأ الفيلم بالجاسوس أوغستس غيبونز «الذي يقوم بدوره ساميول إل جاكسون» جالساً في مطعم صيني يحاول إقناع نيمار «لاعب كرة القدم البرازيلي نفسه» بالانضمام لفريق ثلاثي إكس. فتقع كارثة تستدعي عقد اجتماع أزمة في مقر وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) في نيويورك، وهنا يظهر الخطأ الأول في الفيلم، فمقر الوكالة يقع في لانجلي في ولاية فيرجينيا الأمريكية وليس نيويورك. تترأس الاجتماع الجاسوسة ماركي « التي تلعب دورها توني كوليت» فتكشف للمشاركين في الاجتماع عن جهاز خطير يسمى «باندورا بوكس» . ويعود الإسم لأسطورة يونانية قديمة عن صندوق يحتوي كل الشرور البشرية مثل الجشع والطمع والغيرة والحقد.. وغيرها، ويمكن بواسطته التحكم في الأقمار الاصطناعية العسكرية وإسقاطها على أهداف لتدميرها. يقتحم رجل يدعى زيانج (نجم سينما الأكشن في هونج كونج دوني ين) الذي برع بدوه في فيلم «روج ون: قصة حرب نجوم» يقتحم الاجتماع ويسرق الجهاز. طبعاً زيانج يقتحم غرفة اجتماعات في برج، ويخرج منها بكل بساطة بالقفز من النافذة إلى المبنى المجاور كأنه يقفز فوق سور حديقة منزل. وفي هذه الحالة على ماركي إيجاد الشخص المناسب الذي يتمتع بتلك المهارات نفسها للتصدي لذلك اللص.إنفجارات ضخمةيمتلئ الفيلم بأصوات الانفجارات الضخمة وأزيز الرصاص، وصفعات اللكمات، وهو ما جعلني في حالة توتر طوال فترة عرضه، لكن لم تغب عن ذهني فكرة أنه فيلم أكشن دراما، فأي تأثير لهذه المشاهد المصنوعة في استديوهات ضخمة أمام ما نعيشه يومياً في بلادنا العربية من إثارة حقيقية في شوارعنا واللعب بالنار مع الذي لا يمكن ترويضه، ألا وهو «الموت».وللتصدي للص يقع الاختيار على زاندر كيج «الذي يلعب دوره الممثل فين ديزل»، والذي حاول في هذا الفيلم أن يظهر بمظهر الممثل الذي يجيد التعبير عن مشاعره، بعد أن قرر التخلي عن وجهه الجامد في سلسلة أفلام «السريع والغاضب»، الذي كاد أن ينافس به أسطورة التسعينيات ستيفن سيجال، واختار رسم ابتسامة صفراء على وجهه في كل مشاهد هذا الفيلم. وكان كيج قد لفق قصة موته ويعيش في منفى اختياري يركب أجهزة لاقطة للبث الفضائي للفقراء ليتمكنوا من مشاهدة مباريات كرة القدم في إحدى دول أمريكا اللاتينية. تجند ماركي زاندر من جديد وتضعه ضمن فريقها إلا أنه يأبى ذلك لأنه يريد تجنيد فريقه الخاص، فيتخلص من فريقها بلمح البصر، ويذهب لجمع فريقه المؤلف من قناصة ثرثارة اسمها أديل (تعلب دورها روبي روز)، وسيرينا (نجمة بوليوود ديبيكا بادوكون)، وبيكي (تلعب دورها نينا دوبريف). وطبعاً في النهاية كيج ينقلب على الحكومة ثم تنقلب الحكومة عليه، كما حدث في سلسلة أفلام «السريع والغاضب».ركاكة الحواريحتوي االفيلم الذي أطلقته شركة فور ستار فيلمز على جرعة مكثفة من مشاهد الآكشن والمطاردات وحتى الاشتباكات بالأيدي وتبادل قذف القنابل اليدوية، فيركز المخرج د. ج. كاروس على المبالغة الشديدة في «الآكشن» على حساب التشويق والإثارة، وليس هناك سبب يدعونا للاهتمام بأحد لأنهم مثل الروبوتات الحديدية في أفلام «المتحولين»، فلا أحد يموت ولا إصابات تذكر ولا خدوش ولا آلام. وكانت أفضل مشاهد الفيلم مشهد المطاردة بالقوارب البحرية.الفيلم من إنتاج شركات صينية وواضح أنه موجه لجمهور الشرق الأوسط وآسيا من خلال طاقم الممثلين الدولي، وهو يحمل كثيراً من ملامح أفلام التسعينات، وقرار صنعه بطريقة تحاكي أفلام «السريع والغاضب» هو لضمان تحقيق النجاح.إن شخصية ديزل هي التي تجذب المشاهد، ولا يخفى على المتابعين رصد الأداء السيئ إلى حد ما لمعظم شخصيات الفيلم، وكذلك الحوارات الركيكة، وأيضاً انعدام الرؤية والإبداع في الإخراج. يضاف إلى ذلك الإفراط الكبير في المبالغة، والذي يظهر جليا عندما يستخدم ديزل سلاحاً رشاشاً وهو ينظر إلى ساعته، أو يعدّل مسار طائرة تسقط على مقدمتها وهي في الجو كأنها سيارة، وهو ما لم يقو شعاع عيون سوبرمان، أو خيوط سبايدر ما، على القيام به.هذا الفيلم هو الجزء الثالث من سلسلة «ثلاثي إكس» فالأول صدر عام 2002 والثاني 2005. وفقاً لفيلم xXx: State of the Union، تعرض زاندر كيج للموت في هجوم بالمتفجرات، لكنه حي يرزق في هذا الجزء الجديد وذلك من دون تقديم أية تفسيرات حول كيفية حصول ذلك. الطريقة التي نكتشف بها أن البطل الخارق لا يزال حياً هي عندما يعاد تقديمه لنا في الفيلم عبر مشهد قفز من على برج للأقمار الاصطناعية مرتفع لدرجة خطيرة ويتزلج نزولاً منه نحو الغابة، وهو أمر نادراً ما يفعله الأشخاص الذين ذهبوا إلى الموت. وعلى الرغم من أنه على قدر تحدي حركاته الخطيرة التي تتحدى الموت، إلا أن كيج لم يعد عميلاً مستأجراً، بل هو يمضي بدلاً من ذلك أيامه في مشاهدة كرة القدم في أحياء البرازيل الفقيرة.استطاع الفيلم أن يحقق إيرادات في شباك التذاكر العالمي وصلت إلى 70 مليون دولار حول العالم وذلك خلال أيام قليلة رغم أن ميزانيته لم تتخط الــ85 مليون دولار وهو الفيلم الذي يعرض حول العالم في أكثر من 3500 شاشة عرض حول العالم.تابعت الفيلم الذي كان ممتلئًا بأصوات الرصاص والانفجارات القوية، تلك الأصوات التي تجعلك تشعرُ أنك وسط ِالأحداث، وهو بالضبط ما دفع جسدي للانقباضِ مرات عديدة، وفي مخيلتي أسئلة جمة، فأين العبارات المعبرة، والحبكة والمواقف الهزلية التي لا معنى لها لأنها تحتوي فقط على فان ديزل الخارق؟" إنه ببساطة ذلك الخيط الرفيع بين السخافة والحبكة، والتشويق والملل من جهة أخرى. Image: category: ثقافة وفنون Author: أميرة حمادة من بيروت publication date: الخميس, فبراير 16, 2017 - 03:00

مشاركة :