"متحف نوبل 2017".. جرعة معرفية بلا جمود

  • 2/17/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

دبي: مصعب شريف يتعدى متحف نوبل 2017 الذي تنظمه مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، للعام الثالث على التوالي تحت شعار جائزة نوبل في الفيزياء.. لنفهم خصائص المادة، البعد التوثيقي والتأريخي لجائزة نوبل في الفيزياء، ليستشرف من خلالها آفاق البحث مع الطلاب والأكاديميين الإماراتيين في صيغ مختلفة لتطوير البحوث والاهتمام أكثر بالفيزياء عبر جائزة نوبل، التي يخصص لها برنامج المتحف في هذا العام، بعد تسليطه الضوء على جائزة نوبل للطب في العام الماضي. المتحف الذي انطلقت فعالياته بمدينة الطفل في حديقة الخور بدبي 7 فبراير/شباط الجاري، وتستمر حتى 5 مارس/آذار المقبل، هو الأول من نوعه في العالم. إذ يمنح الزائر له جرعة معرفية مكثفة خالية من الجمود المدرسي الذي أصبح انطباعاً ملازماً للفيزياء وغيرها من العلوم في قاعات الدراسة بالجامعات والمعاهد، فثمة فرق كبير هنا في طرائق تقديم المادة العلمية، إذ تلعب التقنيات الحديثة دوراً كبيراً في الشرح والتبسيط وتجسير الهوة بين الطالب أو المتلقي ومصدر المادة، وهي السمة الطاغية على أقسام المعرض ال8 الذي يضيء كل قسم منها جانباً محدداً من جوانب علم الفيزياء، بدءاً من الأشعة والموجات والمادة القسم المخصص للتعريف بالأجزاء الداخلية المكونة للأجسام من خلال استخدام الأشعة السينية. ويمكن للزائر أن يقف على هذه المعلومات بالغة الدقة عبر 3 شاشات تفاعلية تستعرض الأجزاء المكونة للذرات، وتتيح الفرصة للتعرف إلى الذرات وخصائص العناصر والحالات المختلفة للمادة، فضلاً عن قسم الكون والنجوم الذي يطلع الزوار على أبرز الاكتشافات الفيزيائية في مجال الفضاء عبر فيلم تعريفي يقرب الصورة للزوار بشأن الطرق التي تمت بها هذه الاكتشافات. في قسم الإلكترونيات يجد الباحثون والطلاب والأكاديميون الفرصة متاحة أمامهم لتطوير الاختراعات بشكل تفاعلي مبتكر، يجعل من زائر المتحف جزءاً من منظومة العمل، حتى لا يكتفي بالتلقي فقط، ليبسط نتاجه المعرفي أمام الناس، كذلك يبدو الأمر أكثر تفاعلية في الغرفة الضبابية التي تعرفك إلى الجسيمات الكونية المختلفة عبر تقنيات مرئية متطورة، ويمكن للزائر أن يقف على قوانين الكم وتطبيقها على الرخام في قسم الفيزياء الكمية، إضافة إلى الذهاب في رحلة افتراضية تحاكي الرحلات إلى الفضاء الخارجي من خلال تقنيات الواقع الافتراضي الموجودة في قسم يحمل ذات الاسم. كل هذه الأقسام محاطة بالصبغة العلمية التي سرعان ما تتحول لتجربة تعليمية ترفيهية ممتعة عبر التقنيات الحديثة التي تتيح لك الحصول على المعلومة بكل يسر. تجد كذلك قسماً مخصصاً للحائزين على جائزة نوبل للفيزياء، إلى جانب قسم آخر صغير للتعريف بألفريد نوبل، صاحب الجائزة، عبر التركيز على محطات معينة كان لها الأثر في حياته العلمية بدءاً من ولادته في ستوكهولوم بالسويد، ومعاناة والده من مصاعب مالية، وحتى انتقاله للعيش في بطرسبورغ حيث بدأ شغفه بتعلم اللغات والآداب وحتى اكتشافه للديناميت، ويضيء قسم الحائزين على نوبل على أبرز الاختراعات التي نالت جائزة نوبل للفيزياء، مبيناً أهميتها ودورها في جعل حياة الناس أسهل. ويمكن للزائر أن يتعرف إلى 20 عرضاً في تطبيق مسار الفائزين لقطع تخص الحائزين على نوبل في الفيزياء إلى جانب نبذة تعريفية قصيرة عن مسارات حياة كل منهم، ولم يكتف المتحف باستعراض الفائزين بل جعل الفرصة متاحة أمام الجميع للتعرف إلى الطريق الذي سلكه من حازوا على الجائزة، عبر استعراض هذه النماذج والاختراعات التي أسهمت في دفع حياة البشر نحو التقدم والرفاهية، بدءاً من أولى جوائز نوبل في الفيزياء في عام 1901 التي ذهبت للعالم الألماني فيلهلم كونراد رونتغن، الذي اكتشف الأشعة السينية التي باتت طريقة متداولة للكشف عن أمراض الأسنان والعظام وكسورها. واكتشف رونتغن الأشعة السينية التي تعرف بأشعة إكس أو أشعة رونتغن عام 1895. ودرس كثيراً من خصائصها وفتح اكتشافه هذا آفاقاً في مجالي الطب والفيزياء، ليقودنا هذا الاكتشاف إلى تتبع مسار حياته منذ أن كان محاضراً في عام 1874 بجامعة ستراسبورغ، ويصبح بعدها أستاذاً في أكاديمية الزراعة في هوهنهايم عام 1875. ويعود مرة أخرى لجامعة ستراسبورغ أستاذاً للفيزياء في عام 1876. وفى عام 1879 تم تعيينه رئيساً لقسم الفيزياء في جامعة غيسن. وفى 1888 عُيّن رئيساً لجامعة فورتسبورغ، وفى 1900 عُيّن رئيساً لجامعة ميونيخ نتيجة طلب خاص من حكومة ولاية بافاريا. كان لرونتغن عائلة في ولاية أيوا بالولايات المتحدة، وقرر الهجرة إليها، وعلى الرغم من أنه قَبل موعداً في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك، واشترى بالفعل تذاكر للسفر عبر المحيط الأطلسي، فإن اندلاع الحرب العالمية غيرت خططه، وبقي في ميونيخ لبقية حياته. نماذج كثيرة أخرى لحائزين جائزة نوبل في الفيزياء، غيرت اختراعاتهم كثيراً من أوجه الحياة، ولا يزال أثرها باقياً في عالم اليوم، عبر أبحاث ديفيد ثاوليس، وف. دانكن هولداين، وج. مايكل كوستيرليتس، العلماء البريطانيين الثلاثة الذين حازوا الجائزة العام الماضي عن أبحاثهم في المادة، التي أتاحت تقدماً كبيراً في الفهم النظري لأسرارها الغامضة، وفتحت آفاقاً جديدة في تطوير مواد مبتكرة، ليفتحوا الطريق لعالم مجهول تمر فيه المادة بأطوار غريبة، عبر استخدامهم للوسائل الرياضية المتقدمة لدراسة المراحل أو الأطوار غير المعتادة للمادة، مثل الموصلات الفائقة، والأجسام ذات الميوعة الفائقة، والأشرطة المغناطيسية الدقيقة، الأمر الذي أدى لاكتشافات يتوقع أن يكون لها أثر كبير في تطبيقات علم المواد والإلكترونيات. السبيل إلى الفوز بجائزة نوبل، كانت عنواناً لإحدى ورش العمل التي استضافها المتحف بتنظيم من مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، بالتعاون مع مجلس علماء الإمارات، وقدمها غوستاف كالستراند، كبير أمناء متحف نوبل، وآنا دوياجي، مديرة مركز نوبل. كانت الورشة إلى جانب ورش علمية أخرى أحد ملامح برنامج دورة هذا العام من المتحف، التي تعمل على غرس الاهتمام بالعلوم الفيزيائية في طلاب الإمارات الذين تتاح لهم ساعة يومياً لكل مؤسسة أكاديمية للتجول في أرجاء المتحف. وهدفت هذه الورش، وفقاً لجمال بن حويرب، العضو المنتدب لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، إلى تقديم جرعة معرفية مكثفة للطلاب والباحثين والمختصين في الفيزياء، ليتعرفوا عن قرب إلى هذا المجال الحيوي في حياة البشر، الذي يتم حوله تنظيم متحف عالمي مختص للمرة الأولى على مستوى المنطقة، مشيراً إلى أنه يجسد أهداف المؤسسة من خلال تنظيم الفعالية التي تحظى باهتمام كبير وسط الباحثين والمهتمين من الإمارات والمنطقة العربية. تقنيات وتعلّم يتألف عالمنا المادي من أنواع مختلفة من الذرات، تتوافق مع عناصر مختلفة، مثل هذه المعلومة الفيزيائية الجامدة التي تتطلب استغراقاً في التفكير وتفكيكاً للمعادلات الفيزيائية المعقدة والتي تبدو منفرة للبعض، تتحرر من جمودها هنا في معرض متحف نوبل، فشاشات العرض التفاعلية الموجودة هنا تمكنك بلمسات بسيطة من أن تتعرف إلى أعقد المعادلات الفيزيائية بصورة بسيطة وسهلة، ما عليك سواء اتباع الخطوات الموجودة في الشاشة والمصممة على شكل لعبة ممتعة، لتنتقل خطوة بعد أخرى للوصول إلى مبتغاك، تجد الذرات المكونة للمادة مرسومة أمامك وتطلع عن قرب في خطوة مقبلة على كيفية تشكلها حتى تصل إلى عنصر فيزيائي. في إحدى هذه الشاشات التفاعلية المتاحة للزوار هنا، وقفنا على الخواص الفيزيائية التي تميز عنصر الليثيوم ذي الكثافة المنخفضة، وغيره من الأمور الفيزيائية التي كان شرحها سيتطلب وقتاً طويلاً، لولا أنها قدمت لنا كزوار عبر هذه الطريقة المبسطة مثل الألعاب المسلية، التي أزالت التعقيدات والجمود من المادة العلمية، في توظيف لذات التقنيات الحديثة التي توصل لها العالم عبر جهود علماء الفيزياء الحائزين جائزة نوبل الذين أتاحوا لنا كل هذه الإمكانيات التي تسهل من أنماط الحياة المختلفة، سواء تلك المتعلقة بالتعليم أو العمل أو الترفيه. دور الباحثين الإماراتيين إسهامات الإماراتيين في الفيزياء لم تكن غائبة عن المتحف الذي يتيح الفرصة للباحثين والمختصين للتعمق في المجال، والتعرف إلى إسهامات الإمارات فيه، حيث يخصص فعاليات خاصة للتعرف إلى دور الباحثين الإماراتيين في مجال الفيزياء وما أنجزوه من خلال أبحاثهم ودراساتهم، ليلقي المتحف كذلك الضوء على الدور الكبير الذي تضطلع به مراكز البحث العلمي على مستوى الدولة، عبر سلسلة من ورش العمل التي يستضيفها المتحف بمشاركة مجموعة من العلماء والمخترعين من الإمارات والعالم، وبالشراكة مع مجلس علماء الإمارات.

مشاركة :