برامج مستعادة ... إفلاس أم نجاح مضمون؟

  • 2/17/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لجأ بعض القنوات الفضائية إلى إعادة إنتاج برامج عرضت في فترات سابقة وحظيت بمقدار كبير من النجاح. واللافت أن جميعها قُدمت على التلفزيون أو الإذاعة المصرية وتوقفت، كأنما القنوات قررت أن تستثمر رواجاً ونجاحاً حققته تلك البرامج منذ سنوات طويلة، ربما أملاً في جذب المشاهد والمعلن، في وقت امتلأت الساحة الإعلامية بعدد هائل من قنوات استنفدت كل الأفكار والقوالب، فلم يتبقّ سوى البحث في خزانة الماضي والذكريات. نماذج عدة أعيد استنساخها، ويُعد برنامج البيت بيتك من أشهر وأكبر البرامج التي أنتجها التلفزيون المصري وحقق نجاحاً منقطع النظير عند عرضه في 2004، وتناوب على تقديمه عدد من المذيعين أشهرهم محمود سعد، ثم توقف عرضه في 2010 بسبب أزمة قضائية بين منتجيه. وأعادت قناة «تن الفضائية» البرنامج على شاشتها في عام 2015 وقدّمه عمرو عبدالحميد ورامي رضوان وإنجي أنور، لكنه لم يستمر سوى شهور قبل أن يتوقف. وثمة أيضاً برنامج «اعترافات ليلية»، قدمته بثينة كامل وحاز نجاحاً كبيراً منذ سنوات طويلة، ثم قررت قناة العاصمة الجديدة التعاقد مع كامل وإعادة إنتاجه لكنه توقف بعد شهور قليلة. وينضم لهما برنامج «مواقف وطرائف» الذي عُرض للمرة الأولى على القناة الثانية في التلفزيون المصري عام 1988 (تقديم جلال علام)، وحظي بشهرة كبيرة ونسبة مشاهدة عالية قبل أن يتوقف عام 2008. ثم قررت شبكة النهار التلفزيونية إعادة إنتاجه وعرضه على شاشاتها. ولا شكّ في أنّ الاستنساخ من البرامج الغربية شكّل ظاهرة في المحطات العربية، إذ لجأ بعض الشاشات إلى اقتباس أشهر البرامج العالمية، وبخاصة الترفيهية منها، مثل «من سيربح المليون» أو «آراب آيدول»، وستار أكاديمي و «ساتردي نايت لايف»، وحظيت هذه الأعمال بنجاح جماهيري. يبدو أنّ بعضهم يُفضّل الأفكار الجاهزة، لذا فإنّ الاستنساخ قد يكون حلاًّ يسيراً. وقد يرى بعضهم الآخر أنّ في ذلك استثمار لحالة النجاح السابقة وحنين الجمهور لبرامج افتقدها فيتم اللجوء لإعادة تقديمها. تحدث المذيع عمرو عبدالحميد لـ «الحياة»، قائلاً: «لستُ ضدّ إعادة إنتاج البرامج الناجحة، ولكن وفق روح المرحلة الحالية بحيث لا تُعاد بحذافيرها وتفاصيلها، لا سيما أن كل مرحلة لها روح وظروف لا بد أن تُؤخذ في الاعتبار. وقد شاركت في النسخة الثانية من برنامج «البيت بيتك» التي تم تقديمها على «قناة تن»، ولكن كانت تنقصنا الإمكانات المادية التي توافرت للنسخة الأولى في التلفزيون المصري. ولا يرى عبدالحميد أن إعادة إنتاج هذه البرامج يعني فقراً في أفكار القائمين عليها، مضيفاً: «ترسخت هذه البرامج في أذهان الجمهور، والعودة إليها تعد رغبة في استثمار حالة حنين الجمهور لها وهذا يتوقف على الآلية التي ستقدم بها هذه البرامج. وقد حرصت وزملائي في البرنامج، وبخاصة رئيس تحرير البرنامج محمود التميمي، أن نخرج من أسر الموضوعات السياسية بشكلها المباشر في فترة شهدت تراجع اهتمام الجمهور بالشأن السياسي، ولم نتعامل مع البرنامج بوصفه «توك شو» كـ «مجلة تلفزيونية». وأوضح: «لم تستمرّ النسخة الثانية من برنامج «البيت بيتك» بفعل عدد من المشكلات ومنها ضعف الإمكانات المادية، حيث أولى الوكيل الإعلاني اهتمامه لبرامج أخرى. وعلى رغم تقديمنا انفرادات ناجحة عدة فإنها لم تأخذ حقها في التسويق. وإذا عقدنا المقارنة مع النسخة الأولى والثانية للبرنامج في ما يتعلق بالاهتمام سنجد فارقاً شاسعاً يصب في مصلحة النسخة الأولى». ويرى الرئيس الأسبق لاتحاد الإذاعة والتلفزيون أسامة الشيخ أن «فكرة إعادة تقديم نسخة ثانية لبرامج حققت نجاحاً ليست مرفوضة، ولكن إعادة استنساخ البرنامج بتفاصيله يُعد إفلاساً. فلا بد أن يكون مناسباً للزمن والنافذة الإعلامية التي ستُعيد عرضه. القوالب التلفزيونية محدودة وليس مطلوباً أن يكون لكل برنامج قالبه الخاص، وينبغي ألا يعتمد على الاسم فقط مثلما حدث مع «البيت بيتك». عند بداية عرضه في التلفزيون المصري أخذ شكل «توك شو» في وقت لم يكن مثل هذا النوع من البرامج منتشراً، فملأ البرنامج فراغاً كان موجوداً في الساحة الإعلامية حينذاك، على عكس انتشار هذا النوع من البرامج حالياً». وأشار الشيخ إلى أنّ الإمكانات المادية قد تُشكّل عقبة في نجاح النسخة الثانية من البرنامج لكنها ليست السبب الوحيد، فهناك أسباب أخرى وثمّة برامج تتوافر لها إمكانات مادية كبيرة لكنها لا تُحقّق النجاح المنشود». وعند سؤال الشيخ عن إعادة قناة «العاصمة الجديدة» (التي أشرف على تطويرها في وقت ما) تقديم برنامج «اعترافات ليلية» لبثينة كامل، أجاب بقوله: «كان برنامجاً إذاعياً، وأعدنا تقديمه في شكل يناسب التلفزيون واستحدثت فقرات جديدة فلم يعد مجرد أحاديث تلفونية لأنّ ذلك محله الإذاعة التي لا تحتاج إلى معامل بصري كما هي حال التلفزيون». وفي سياق آخر، نوّه الإعلامي محمد صلاح الزهار لـ «الحياة»، قائلاً: «إنّ إعادة تقديم برامج عن القنوات الغربية لا يعد استنساخاً لكنها مأخوذة من شاشات عالمية (فورمات) يتمّ إنتاجها وتعريبها بعد شرائها مثل برنامج «من سيربح المليون» و «آراب آيدول». وأوضح: «هذه البرامج لها حقوق ملكية عالمية وأسماء معروفة، ويتم شراء حق الاستغلال، والنموذج الواضح لها هو برنامج «من سيربح المليون»، ويقاس على ذلك كل «الفورمات» العربية التي قدمتها شاشات عربية، إذ تقدم النسخة من دون أي تغيير في المحتوى، ولا أرى ذلك إفلاساً». وأضاف: «يبلغ عدد القوالب التلفزيونية في العالم نحو 17 قالباً، وجرى التوسع في العالم العربي، ولا سيما في مصر في إنتاج البرامج التلفزيونية أو «التوك شو»، بل ابتكرنا «فورمات» خاصاً بنا لا مثيل له في العالم، إذن التجربة المصرية مستحدثة ومتفردة ولا يعني أنها متميزة لكنها ابتكرت مزيجاً من كل البرامج. وتابع الزهار: «هناك مدرستان عريقتان للإعلام في العالم هما المدرسة الإنكليزية (وهي الأقدم) والمدرسة الأميركية. وكل منهما يتميز بأسلوبه، ينبغي أن نضع في الاعتبار أنّ الوعي والإدراك للمواطن الغربي مختلف عن نظيره في مصر والعالم العربي. أما هذا الاختلاف فيجعل المُنتج الذي يتم تقديمه في الغرب غير صالحٍ بالضرورة للمشاهد العربي والعكس. فلغة الحوار والنقاش في أميركا والغرب تختلف عنها عربياً». تحدث الزهار أيضاً عن أسباب عدم نجاح بعض البرامج العربية التي أعيد إنتاجها بقوله: «حظيت النسخة الأولى من البرنامج- على شاشة التلفزيون المصري بدعم الدولة- بدعم وزير الإعلام المصري شخصياً، بينما لم تتوافر الإمكانات والدعم ذاته للنسخة الثانية».

مشاركة :