يقال إنها نظرية علمية ومطبقة لدى الكثير من الحكومات في وقتنا الحالي، وهي مستوحاة من رواية قديمة مفادها أن حاكما ظالما أمر بسجن مواطن بدون أي تهمة أو جريمة قد ارتكبها، فأخذ هذا المواطن يدافع عن نفسه ويصرخ ليلاً ونهاراً بأنه مظلوم، ويقسم أنه لم يرتكب جرماً ليسجن، فأمر الحاكم بسجنه في زنزانة «انفرادي» لا تتجاوز المتر في متر، فنسي المواطن مظلوميته، وأخذ يصرخ بأنه سيختنق من الوحدة. فما كان من الحاكم إلا أن أمر بسجن تسعة أشخاص معه في الزنزانة المتر في متر، فترك السجين قضيتيه الأولى والثانية ليطالب مع بقية المساجين بأنهم سيموتون مختنقين بسبب هذا العدد في هذه الزنزانة الضيقة، وطالبوا على الأقل بإخراج نصفهم، فانزعج الحاكم وطلب من مستشاريه حلاً يمنعهم من المطالبة بأي شيء، ويقبلون بالواقع فأبلغوه بأن يضع معهم خنزيراً، وبذلك سيطالبون فقط بإخراج الخنزير والقبول بواقعهم، ومن ثم ينسون مطالبهم، وفعلاً حصل للحاكم مراده، ونسي السجين ومن معه مطالبهم. ولأننا نرى كيف يخلقون لنا مشكلة تلو الأخرى لننسى قضايانا المهمة، فذلك يجعلنا نجزم بأنهم يطبقون نظرية الخنزير معنا من خلال إلهائنا بقضايا هامشية ومفتعلة تجعلنا نركز عليها، ونترك القضايا المهمة التي كنا نطالب بها، وتسبب لهم إزعاجاً. يعني بالعربي المشرمح: ما نراه اليوم من افتعال متعمد لقضايا هامشية أو ليست بذات الأهمية التي نعتقدها يجعلنا نجزم بأنهم متفقون على تفعيل نظرية الخنزير ليشغلونا عن مطالبنا الحقيقية والمهمة، ويجعلون ما يفتعلونه من قضايا شغلنا الشاغل، وبذلك نصبح أمام واقع سيجبرنا أن نقبل على الأقل بحل ما خلقوه لنا من مشاكل جديدة لم تكن يوماً من أهدافنا أو حتى من مطالبنا، لذلك أعتقد أن نظرية الخنزير المطبقة حالياً هي من أهم النظريات العلمية والعملية وأنجحها في عالم السياسة القذر.
مشاركة :