قد يبدو العنوان أعلاه غريبا بعض الشيء، لكنه في نظري يعبر عن الواقع المعاش. الشعب السعودي النبيل ظل لسنوات طويلة ومنذ تأسيس هذه الدولة على يدي المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز يعتبر حكومة هذه البلاد وعلى رأسها الملك الملجأ بعد الله والسند. تعطي وترعى وتنفق وكأنها تقوم بدور الأب الحنون لهذا الشعب. استمرت الأمور في عهود كل الملوك من آل سعود، وكانت علاقة تبادلية فعطاء الحكومة السخي يقابله الشعب بالحب والولاء والامتنان. هكذا تربى الشعب وعاش يرى في حكومته الحل لأي معضلة أو مشكلة، وينتظر منها العطاء. لا أعتقد أننا يمكن أن ننسى عبارة «مكرمة ملكية» كان الناس في المملكة عندما ينتظرون بشرى سارة يقولون نبشركم فيه مكرمة ملكية قريبة. كانت المكرمة ومازالت إما في تمديد الإجازة بعد الأعياد أو صرف رواتب إضافية في المناسبات السارة مثلما حدث في بداية عهد الملك سلمان أطال الله عمره وعند مبايعته بالملك بصرف راتب شهرين لكل أبناء شعبه من الموظفين والطلاب وحتى المتقاعدين. الأوامر الملكية المفرحة هي بالنسبة لأبناء الشعب مكارم من الحكومة وعلى رأسها الملك. نشأت العلاقة بهذه الطريقة التبادلية الجميلة ما مكن الشعب من العيش الرغيد فالجميع في انتظار أوامر الوالد للحكومة لطرح وظائف جديدة أو تثبيت موظفين، أو ترقيات وتعيينات في المراكز الكبيرة والصغيرة وتدشين مشاريع وبناء جامعات ومدارس وطرق ومستشفيات. أي أن الحكومة هي الراعية وهي صمام الأمان للشعب بعد الله. لا يمكن أن يتصور أحد غير هذه العلاقة فالحكومة أبو الشعب إذ توفر له التعليم والعلاج والدواء وتحرص لتقديم الخدمات عن طريق أجهزتها المختلفة. لن أقول أن الحكومة قد عودت الناس على الاتكالية لأنها ترى ببساطة أن ما تقوم به واجبا عليها ويجب أن يستمر دون توقف. رعاية الحكومة قد تقل نتيجة متغيرات اقتصادية تتعرض لها كل دول العالم، ونتيجة رؤية تحاول التركيز على مصادر دخل أخرى غير النفط الذي تتعرض أسعاره للانخفاض، وتسعى لتحقيق أهداف أخرى لكن لا ينبغي أن يكون ذلك بصورة سريعة خاصة بالنسبة لذوي الدخول المحدودة أو متوسطي الدخول فاعتمادهم على العطاءات المقدمة كبير تعليما وعلاجا وتوظيفا ولن يكون أمامهم سوى حساب المواطن إذا كان العائد منه كافيا، أو إعفاء بعض السلع التموينية وخاصة ما يعتمد عليه أغلب الناس في غذائهم اليومي وما عدا ذلك ستكون هذه الفئات أكثر المحتاجين لرعاية الحكومة «أبو الشعب» مرة أخرى.
مشاركة :