خصص البرلمان الألماني جلساته لمناقشة القوانين المتشددة الجديدة التي أقرتها الحكومة الألمانية مطلع الشهر الحالي في إطار حربها على الإرهاب والجريمة. وعارض مندوبو المعارضة إجراء وضع القيود الإلكترونية في كواحل المشتبه فيهم بالإرهاب والجريمة، لكنه من المستبعد أن ينجحوا في وقف الإجراء بحكم الأغلبية الساحقة التي تحتفظ بها الحكومة في البرلمان (البوندستاغ). وتركز النقاش أمس على مدى الفائدة من تكبيل المشتبه فيهم بالإرهاب والجريمة بالقيود الإلكترونية. وأعلن وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير في الجلسة عن إعادة فتح ملفات «الخطرين» ودراسة إمكانات تسفيرهم قسرًا أو إرسالهم إلى السجن. وقال دي ميزيير إنه أوعز بتشكيل وحدة خاصة في المركز المشترك لمكافحة الإرهاب لإعادة تدقيق ملفات «الخطرين»، كما وجه دائرة شرطة الجنايات بضرورة تحسين «تقديرهم للخطر» في كل حالة. ودعا الوزير إلى الإسراع بالعملية قائلا: «ليس لدينا وقت نضيعه» في ظل المخاطر الإرهابية التي تحيق بألمانيا. وأضاف أن «علينا أن نطبق في الحال ما نعتقد أنه إجراء صحيح، لا أن ننتظر». وهي إشارة واضحة إلى وقوف المعارضة ضد إجراء «القيود الإلكترونية». ودافع دي ميزيير، من الحزب الديمقراطي المسيحي، عن إجراء وضع القيود الإلكترونية في أرجل المشتبه فيهم بالإرهاب، مشيرًا إلى أنه سيمنع الإرهابيين من التهرب من المراقبة بسهولة. وطالب الوزير بمزيد من الصلاحيات للمركز على حسب الولايات، ودعا ولايتي الراين الشمالي فيستفاليا وبرلين إلى مزيد من الرقابة على شبكات الهاتف. وأكد الوزير أنه «لا وجود لمناطق ذات إجراءات أمنية مختلفة» بعد الآن، في إشارة إلى التنسيق بين المركز والولايات. وكان وزير العدل هايكو ماس (من الحزب الديمقراطي الاشتراكي) دافع أيضًا عن القرار وقال إنه «أداة ناجعة تمامًا» في مراقبة المشتبه فيهم بالإرهاب والجريمة. وتحدث ماس عن 60 ألف حادثة تعد على رجال القانون في العام الماضي، وأكد أن إجراء القيود الإلكترونية سيشمل الأفراد الذين خرجوا من السجن بعد ارتكاب جرائم ثقيلة. وتأخذ المعارضة، ممثلة في حزب الخضر وحزب اليسار، على إجراء تكبيل الخطرين بالقيود الإلكترونية أنه لا يرتكز إلى تعريف قانوني صادر عن وزارة العدل يعرف من «الخطر». ويرى المعارضون أيضًا أن «الخطرين» يشتبه في استعدادهم لتنفيذ الجنايات، لكنهم لم يرتكبوا حتى الآن جنايات تبرر تقييدهم بهذه الصورة. وانتقد ديتمار بارتش، رئيس كتلة حزب اليسار في البرلمان، إجراءات دي ميزيير، وقال إن القوى الأمنية لا تتعامل بشفافية مع البرلمان الألماني، وتساءل ما إذا كانت القيود الإلكترونية ستمنع الإرهابي أنيس العامري من ارتكاب عملية الدهس الإرهابية في برلين. واتهم هانز كريستيان شتروبيله، النائب عن الخضر، وزارة الداخلية بمحاولة إشاعة «أجواء أمن وهمي»، من خلال قضية القيود الإلكترونية. واعتبرت أولا يلبكه، المتحدثة باسم حزب اليسار، أن القيود الإلكترونية محاولة للنيل من النظام الديمقراطي. وكان بوركهارد ليشكه، عضو لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، تحدث بعد اجتماع للجنة يوم الأربعاء الماضي عن اختفاء 3 «خطرين» من مجموع 547 متشددًا تم تصنيفهم في خانة «الخطرين». وأضاف ليشكه: «أنيس العامري، اختفى عن رادار الشرطة قبل أسابيع من تنفيذ عملية الدهس، ليصبح العدد أربعة». وقال إن ذلك «لعب بالنار»، لأن أي خطأ في التقييم، كما حصل ذلك مع العامري، يؤدي إلى نتائج قاتلة. جدير بالذكر أن القيود الإلكترونية تكبل حاليًا 88 مشتبهًا فيه بالإجرام والإرهاب، بحسب معطيات وزارة الداخلية. ووزن القيد 180 غراما فقط، ومخصص لقدم واحدة، ويتصل بالأقمار الصناعية، ويفترض أن يطلق إنذارا حال خروج المشتبه فيه من منطقة معينة، أو اقترابه من أماكن محظورة عليه، أو عند محاولة التلاعب به أو عند تراجع عمل البطارية داخله. على صعيد متصل، قررت السلطات الألمانية ترحيل لاجئين، أحدهما جزائري والآخر نيجيري، للاشتباه في صلتهما بالإرهاب. وقال متحدث باسم وزارة الداخلية المحلية في ولاية سكسونيا السفلى أمس الجمعة، إن الوزارة أصدرت اليوم قرارين بهذا الشأن وفقًا لقانون الإقامة الألماني. وتم القبض على النيجيري (22 سنة) والجزائري (27 سنة) يوم 11 فبراير (شباط) الحالي بعد حملة أمنية كبيرة في مدينة غوتينغن الألمانية للاشتباه في تخطيطهما لهجوم إرهابي. وبحسب بيانات المحققين، كانت الإعدادات للهجوم قد بلغت مرحلة متقدمة تكاد تسمح بتنفيذه في أي وقت. وعثرت الشرطة في شقتيهما على أعلام «داعش» وعلى أسلحة منوعة وذخائر، وصادرت كثيرا من وسائط نقل وحفظ المعلومات لأغراض التحقيق. ووفقًا للتحقيقات، فإن الرجلين محسوبان على الأوساط الإسلامية المتطرفة. وأمرت المحكمة الإدارية في مدينة براونشفايج إيداع المتهمين سجن الترحيلات. ويمكن لوزارة الداخلية المحلية في الولاية إصدار أمر بترحيل المتهمين دون أمر رسمي سابق في حالة درء خطر إرهابي أو مخاطر أخرى على الأمن القومي، وأوضحت الوزارة أن المعلومات المتوفرة لدى سلطات الأمن تؤكد تلك المخاطر. والرجلان من المحسوبين على العراقي المعتقل أحمد عبد العزيز عبد الله الملقب بـ«أبو ولاء». وسبق للشرطة أن اعتقلت «أبو ولاء» وأربعة من أعوانه هم التركي حسن. س والألماني الصربي الأصل بوبا. س والألماني محمود. و والكاميروني أحمد ف.ي في أغسطس (آب) الماضي بتهمة دعم تنظيم إرهابي أجنبي وتجنيد مقاتلين للانضمام إلى صفوف «داعش». وأعلنت النيابة العامة أمس الجمعة أن لاجئًا سوريًا، 24 سنة، سلم نفسه طوعًا إلى شرطة ولاية سكسونيا (شرق)، واعترف بأنه من ناشطي تنظيم القاعدة الإرهابي. وفتحت النيابة العامة التحقيق معه بتهمة العضوية في تنظيم إرهابي أجنبي.
مشاركة :