مر نحو شهر على تحرير الجزء الأيسر من مدينة الموصل، في أكبر معركة تخوضها القوات العراقية منذ سقوط النظام السابق قبل ١٣ عاماً، ولم يسبق للعراقيين أن توحدوا كما فعلوا مع هذا الانتصار ضد تنظيم داعش، الذي استهدف جميع الطوائف بأكثر الأساليب وحشية. ورغم الأنباء المتواترة عن اقتراب ساعة الصفر لعملية تحرير الساحل الأيمن، لا تزال العمليات العسكرية متوقفة منذ ٣٠ يوماً، دون أن تفعل شيئاً للضفة الغربية من دجلة حيث المدينة العتيقة والأحياء السكنية التي يقطنها نحو ٧٠٠ ألف موصلي، ودون توفر إجابات عن سر هذه «الوقفة التعبوية»، كما تسميها بيانات الجيش. وحسب مصادر مطلعة، يشعر السكان بالإحباط تجاه هذا الجمود، بل إن العسكر الذين تفاخروا بالانتصارات يعيشون نوعاً من خيبة الأمل، إذ إن الاستعدادات اكتملت كما يفترض، لكن مشاكل سياسية ذات طابع طائفي وقومي، إلى جانب مظاهرات ضد الحكومة في بغداد، قد تتسبب في تلكؤ تحرير الموصل بشكل تام. ومجمل المعطيات يفيد بأن فرحة «عرس التحرير» انتهت، وتوقف العمليات أشاع الإحباط، ولابد للحكومة العراقية والتحالف الدولي أن يتعاملا مع الوضع الجديد بإجراءات حاسمة قبل أن «يفسد العرس». ولا تفلح تفسيرات المحللين في توضيح مقنع لتوقف العمليات، لكن المحللين العسكريين يعزون ذلك إلى أن «داعش» يريد استدراج الجيش وتحريضه على عبور دجلة من قلب المدينة حيث جهز كمائن وعدداً كبيراً من الانتحاريين للفتك بقوات النخبة، «لكن الجيش انتبه لذلك، ويحاول تجهيز طرق بديلة للالتفاف على الضفة اليمنى غرباً وجنوباً، وهو ما يستغرق وقتاً». أما الأخطر من هذه التفسيرات، فهو ما تشير إليه مصادر سياسية من وجود نزاعات قومية ومخاوف طائفية تتسبب في تلكؤ العمليات، من قبيل ظهور نزاعات على الأرض بين المسيحيين الكلدان والعرب المسلمين في أطراف الموصل، حيث يحظون بدعم متناقض من أربيل وبغداد، وكذلك ظهور نزاع على الأرض وبعض المباني بين الشبك الشيعة وقبائل كردية، ويتطلب الأمر فض هذه النزاعات لتأمين طرق وظروف معقدة تحتاج إليها معركة الساحل الأيمن. وتشير مصادر أخرى إلى سبب إضافي، وهو وجود بضعة آلاف مقاتل سني يراد لهم أن يكونوا ظهيراً لمكافحة الإرهاب في اقتحام الضفة الغربية لدجلة، حيث تلقى هؤلاء تدريباً في الأنبار على يد القوات الأميركية.
مشاركة :