سلبيات "الذكاء الاصطناعي" قد تقود إلى إنشاء محكمة عالمية للملكية الفكرية

  • 2/18/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تثير التطورات الراهنة في تقنيات "الذكاء الاصطناعي" مخاوف عديدة حول العالم بشأن فقدان عدد هائل من فرص العمل لمصلحة الآلات الذكية، إضافة إلى مخاطر الحروب الإلكترونية، كما يمكن للأجهزة أن تُقدِّم نتائج مُتحيِّزة خاصة بها استناداً إلى بيانات يتم تعمد وضعها بهدف التحليل.ودعا قانونيون إلى تأسيس محكمة دولية للملكية الفكرية والتجارة الدولية، على أن تلعب دورا حاسما في توفير آليات موثوقة وجديرة بالثقة في تسوية المنازعات الناشئة من سلوك خاطئ للتقنيات الحديثة واستخداماتها.مفهوم الآلات التي بإمكانها أن تُفكِّر وتبتكر بطرق لا يمكن تمييزها عن البشر، كانت أشياءً من الخيال العلمي منذ عقود، والآن، بعد تقدم الذكاء الاصطناعي، أصبحت حقوق الملكية الفكرية التي يتم إنشاؤها بواسطة آلات دون تدخل من الإنسان، حقيقة واقعة، وهو ما دفع إلى طرح سؤال على علماء القانون، والهيئات التشريعية، والسلطات القضائية للحكومات في العالم أجمع: مَن يملك حقوق الملكية الفكرية التي لم يصنعها البشر؟المنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية "وايبو" عقدت حلقة دراسية على مدى ثلاثة أيام لمناقشة المسائل الأخلاقية المحيطة بالآلات الذكية، وإمكانية اتخاذ خطوات تنظيمية وتشريعية تجيب عن سؤال فحواه "من الذي سيمتلك حق المعرفة والعلامة التجارية للابتكار الذي أنشأته الآلات الذكية"؟فالابتكار الهدَّام الذى يشير حاليا إلى تقنيات الإنترنت، والواقع الافتراضي، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة "بِك داتا"، والتقنيات ثلاثية الأبعاد، وطباعتها، قد غيَّر الطريقة التي يعيش بها الناس حياتهم، وأثَّر في الصناعات التقليدية القائمة، لكن النظم القانونية الحالية غير مجهزة بالتشريعات اللازمة للتعامل مع هذه التغييرات حتى الآن. مختصون حكوميون وخبراء من القطاع الخاص في مجالات التشريع، والتجارة، وحقوق الملكية الفكرية، ناقشوا وضع إطار قانوني لابتكارات الآلات، كان جوهر الحلقة الدراسية في "وايبو".وأوضح فيرابول تونجسووان، رئيس المحكمة العليا في تايلند، أن العالم الآن، أمام ثورة تقنية ستُغيِّر بشكل حتمي طريقتنا في العيش والعمل والتفاعل مع الآخرين، وهذا التحول سيكون مختلفاً عن أي شيء سبق أن واجهناه، لكن أيضا فيه عديد من أوجه عدم اليقين، بما في ذلك كيفية تطبيق القوانين والأنظمة على نتائج هذا التحول.وعمل دينيس كروز، مدير مكتب المنظمة العالمية للملكية الفكرية في سنغافورة على توضيح مفهوم الثورة الصناعية الرابعة، وأشار إلى أن الثورة الصناعية الأولى جاءت مع اختراع المحركات البخارية، والثانية مع الكهرباء والإنتاج الضخم، والثالثة مع الإلكترونيات والحواسيب والأتمتة، في حين جاءت الثورة الصناعية الرابعة مع توافر الاتصالات العالمية والرقمية، وتخزين البيانات الهائلة بتكلفة منخفضة وكثافة عالية، جنبا إلى جنب مع مزيد من الترابط بين المستخدمين النشطين للتقنيات الرقمية. غير أنه أضاف أن "الأكثر أهمية في الثورة الصناعية الرابعة أنها توفِّر الأدوات والتقنيات التي تجعل من الآخرين قادرين على صناعة الذكاء الاصطناعي".وتشمل هذه التقنيات الإنترنت، والروبوتات، والذكاء الاصطناعي، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والواقع الافتراضي، والبيانات الضخمة، وأشار متحدثون إلى أن التغييرات التي أحدثتها هذه التقنيات سريعة، وواسعة النطاق، وضخمة من حيث الحجم، لكنها تفتقر إلى الأطر القانونية والتشريعية. من جانبه، أوضح كروز، أنه لا يبدو أنه ستكون هناك – حسبما نعرفه اليوم – حقوق جديدة للملكية الفكرية تنشأ نتيجة للثورة الصناعية الرابعة، لكن ستكون هناك تغييرات مهمة في الطريقة التي ندير بها حقوق الملكية الفكرية، مضيفا أن "المسألة هى مَن يملك فعلاً: ما سيصبح الأكثر أهمية في التاريخ الإنساني".وأظهرت المناقشات أن التعريف الدقيق لماهية "الذكاء الاصطناعي" ظل فضفاضاً على مدى ثلاثة أيام، لكن عموماً ظهر إجماع عام على أن الذكاء الاصطناعي "ليس رجلا ولا آلة، بل علاقة تكاملية بين الإنسان والآلة تقوم بموجبها الآلات بزيادة ما يمكن أن يفعله الإنسان من ناحية السرعة والكفاءة والدقة".وتساءل كويتشي ماتسوشيتا، مدير مكتب اليابان للبراءات، أنه في حال السيارة ذاتية القيادة، أو السيارة التي تمكن قيادتها من دون سائق، التي تتسبب في حادث طريق مع أضرار تلحق بها وبالطرف الآخر، مَن سيكون مسؤولاً عن تلك الأضرار، صاحب السيارة، أم الشركة المُصنِّعة للسيارة، أم المؤسسة المبرمجة للسيارة؟وترى يوارتشوكياتي جيرك، من "وايبو"، أن المسألة معقدة، لأن كل واحدة من هذه "التقنيات الهدَّامة" تشارك في أوجه متعددة لحقوق الملكية الفكرية، فعلى سبيل المثال، فإن الروبوتات تتعامل مع براءات الاختراع، والأسرار التجارية، والعلامات التجارية، وحقوق التأليف والنشر "بسبب برامج الحاسوب الموجودة داخل الروبوتات". وسلطت جيرك، الضوء على تعقيد آخر لإنفاذ قوانين الملكية الفكرية، ذاكرة أنه طالما كان الذكاء الاصطناعي قادراً على التفكير، فلا بد أن يكون قادراً على أن يصبح مخترعاً، وفي هذه الحالة هل يمكن للذكاء الاصطناعي نفسه أن يتقدم بملف طالبا حماية الملكية الفكرية؟ وإذا كان الذكاء الاصطناعي قادرا على الابتكار، فهل يمكن له أن يصبح معتدياً على حقوق الملكية الفكرية في ذات الوقت؟وأشارت جيرك إلى أن قوانين الملكية الفكرية تأتي دائماً عقب ظهور تقنيات الملكية الفكرية، "فلا أحد يسن القوانين قبل التقنيات"، مقترحة أن تُكتَب القوانين المتعلقة بالتقنية الحديثة في إطار واسع، كي تكون قابلة للتطبيق في البيئات المتغيرة. وأفادت جيرك أن مصدر القلق الرئيس هو أن القانون قد لا يكون قادراً على مواكبة التقدم في التقنيات، والتقنيات غير المُغطاة بالقوانين والأنظمة قد تضر المجتمع أكثر مما تنفعه. وحدَّد قضاة وقانونيون التحدي القانوني في: "مَن أو ما" سيكون مسؤولاً عندما تتسبب آلة تتمتع باستقلال ذاتي في أداء عملها في وقوع حادث، وإلى أي مدى يمكن لطبيب أو محام أن ينيط تقرير مهامه لجهاز ذكي دون تعريض نفسه للمسؤولية عن سوء تصرف لهذه الآلة الذكية، ويعتقد هؤلاء أنه يكفي لفيروس في جهاز مُبرمج أن يُتسبب في إساءة فهم، أو إيقاف، أو تجميد عملية ما قد تسفر عن نتائج قاتلة. وفي شرحه نظام التشخيص "المعرفي" في مجال الرعاية الصحية الذي طورته شركة "أي بي إم واتسون"، ذكر جيني روميتي، الرئيس التنفيذي للشركة، أنه عندما تقوم الشركات بوضع مجموعة من البيانات المتراكمة في أنظمة الذكاء الإصطناعي، فالأفكار التي تخرج منها تكون ملكك، لكن ينبغي للشركات أن تعرف كيف يتم تدريب النظام المعرفي، وعندئذ فقط سترى ثقة متنامية بهذه الأنظمة. وأضاف روميتي، أنه "من أجل تدريب نظم الرعاية الصحية، فإن هناك حاجة للاستفادة من مجموعات ضخمة من البيانات التي يقدمها المختصون والأطباء، وفي نهاية المطاف بيانات المرضى، في جميع أنحاء العالم". Image: category: عالمية Author: ماجد الجميل من جنيف publication date: الأحد, فبراير 19, 2017 - 22:09

مشاركة :