سوء الفهم تراكمي...! - مقالات

  • 2/19/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في الحالات الطبيعية الصحية معنويا٬ نجد الحل لأي سوء فهم عن طريق امتثال الأطراف المختلفة إلى قواعد ثابتة من قانون وإجراءات وحوكمة... وسوء الفهم كحدث يحصل عندما نجد موضوعاً معيناً يتم قياسه من قبل طرفين أو ثلاثة وكل منهم له مرجعية معينة، ورسم طريقة قياسه حسب ما يراه على ضوء فهمه للقواعد الثابتة. وفي الكويت الوضع مختلف، فلا قواعد ثابتة، ولا سبل إقناع تتبع للوصول إلى حل للقضايا العالقة لأسباب عدة، يأتي في مقدمتها الصراع وتبعية كل مجموعة لطرف خارج اللعبة أو المؤسسة التي تشهد صور الاختلاف وسوء الفهم. إنه الصراع الحاصل بين الأطراف، والخاسر في كل صراع هو المؤسسة والجموع التي لا ناقة لها ولا جمل. لهذا السبب كنت ومازلت أنادي بضرورة وضع الحلول وحوكمة تستند إليها الأطراف المتنازعة بعيدا عن العاطفة والميول أو أي تأثير خارجي تحركه المصالح الضيقة. يقول صاحبي، «أنت تبحث عن سبل للوصول إلى المدينة الفاضلة أو المثالية... وهذا صعب تطبيقه». مَن قال إنني أبحث عن هذا...! المتابع لما أطرحه يفهم أنني مع تطبيق القانون ورسم حوكمة تضبط إيقاع عملية اتخاذ القرار، وقد ذكرت في المقال السابق عن «الإيداعات المليونية» على سبيل المثال إن أعضاء مجلس الأمة مطالبون بسن تشريع قانون وتعديلات على قانون غسيل الأموال: فهل يعني هذا أنني أبحث عن المثالية/المدينة الفاضلة؟ وقلت في ما سبق إن وزارة الصحة وديوان المحاسبة مطالبان في متابعة تنفيذ المشاريع، وذكرت منها مشروع مستشفى العدان لضمان عدم وقوع أي خطأ في التنفيذ... فأين المشكلة؟ وطالبت بتطبيق الفكر الإستراتيجي وتعيين الكفاءات في المناصب القيادية وابتعاد الأجنحة المتصارعة عن إدارة شؤون المؤسسات، وإذا كان البعض مصرا على تنفيذ «واسطته» فلا بأس لكن ليأتي بكفاءة على الأقل. ممكن أن نتنازل عن بعض الأمور لكن الأمور الثابتة لا تقبل التغيير. المطالبة بحوكمة محددة الأبعاد٬ تطبيق القانون٬ السماحة/المكاشفة/الاحترام، عند قياس وجهات النظر حول موضوع محل اختلاف يحتاج إلى مرجعية، وهنا تبرز أهمية المطالبة بتطبيق القانون وإنشاء حوكمة كي لا تستمر الخلافات مؤسساتيا واجتماعيا وسياسيا. نعلم بأن كثيراً من الدول تمارس فيها المحسوبيات والواسطة لكنها في المقابل تعتمد على حسن الاختيار، وكثير منها شهدت حالات عزل لقياديين كبار واستقالات وسجن لبعضهم في حين الحال عندنا مختلفة، وإن سمحنا بالواسطة والمحسوبية فلم نجد على مر العقود شخصاً تمت محاسبته... هنا يتضح الفرق بيننا وبين المحيط من حولنا! هنا يبرز سوء الفهم التراكمي الذي نعاني منه منذ عقود... وإن تحدثنا عن ضرورة نبذ الخلافات والصراعات الجانبية التي أطلق عليها مصطلح «القيادة الخفية» نجد البعض يسيء الفهم ويصور مطالبتنا بالبحث عن المدينة الفاضلة. الزبدة٬ كل ما يجري من حولنا لا علاقة له لا بالقانون ولا بالحوكمة، فأغلبه نابع من صراعات أنفس، وكل يرى أن الصواب معه لمجرد أنه يريد أن «يمشي اللي في راسه»، وهذا خطأ كبير جدا جدا جدا. لذلك٬ نريد أن نحدد من يقف وراء الأخطاء المتكررة وسوء الفهم التراكمي أولا ومن ثم يقال لهم «كفاية»... وبعدها توضع الحوكمة وتطبق القوانين كي لا تتأثر الجموع وتضيع حقوقها في خدمات طيبة ونظام تعليمي سليم ورعاية صحية أفضل وشوارع بلا زحمة واستجوابات مستحقة ورموز فساد تجد العقاب الرادع. غير هذا الكلام لا أظن بأننا سنصل إلى حل لكثير من القضايا العالقة... والله المستعان. terki.alazmi@gmail.com Twitter: @Terki_ALazmi

مشاركة :