سامي الجميل لـ«القبس»: لن نطبع كغيرنا

  • 2/19/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت انديرا مطر هذا الحوار مع الشيخ سامي الجميل، هو حوار مع حفيد مؤسس حزب الكتائب اللبنانية بيار الجميل الراحل، وابن الرئيس الأسبق أمين الجميل، وابن أخ مؤسس القوات اللبنانية ورئيس الجمهورية الذي اغتيل بشير الجميل، وشقيق الوزير بيار الجميل الذي اغتيل ايضا مع غيره من أقطاب قوى 14 آذار بعد اغتيال رفيق الحريري. إبن بيت سياسي لبناني أساسي، في ظل نشوء السياسة «الشعبية والديموقراطية» في لبنان رسوها على الزعامة والبيوتات العائلية وعلى العصبيات الطائفية. والشيخ سامي الشاب، نائب في البرلمان وقطب سياسي مسيحي فاعل. وهو من السياسيين القلة الذين يتمردون على سياسة التطبيع مع حزب الله والسكوت عن سلاحه، بعد التسوية السياسية التي أتت بميشال عون رئيسا للجمهورية وبسعد الحريري رئيسا للحكومة. ينتظر الشيخ الشاب إقرار القانون الانتخابي وتشكيل اللوائح لتقييم أداء الثنائي المسيحي تجاه حزب الكتائب الذي وحده من فريق 14 آذار ، كما يقول الجميل، بقي متمسكا بثوابت 14 آذار ومبادئها ولم يحد عنها. يذكّر الجميل بأن قسما من اللبنانيين لم يرضخ للاحتلال السوري وظل مقاوما له حتى وصلنا إلى لحظة 14 آذار فيما الجميع اليوم «يطبعون» مع قوى الأمر الواقع. ويبدي عتبا مكتوما على بعض حلفائه السابقين ممن يلتزمون الصمت حيال مواقف وتصريحات تتعلق بحزب الله. لا يرى الشيخ الشاب أن الصورة الجامعة لفريق 14 أذار في الذكرى الثانية عشرة لاستشهاد رفيق الحريري أكثر من محاولة تجميلية لتغطية مواقف البعض الأخيرة وقبوله بالأمر الواقع. وفيما يتعلق بأزمة لبنان الراهنة، أي إيجاد قانون انتخابي جديد، يبدي حزب الكتائب مرونة لافتة مع تفضيله قانون الدائرة الفردية. وسط زحمة المواعيد واللقاءات، في البيت المركزي للكتائب في منطقة الصيفي في بيروت، وكان لقاء القبس مطولا مع الشيخ سامي الجميل الذي تناول فيه مشكلات لبنان الراهنة وعلاقته بالحلفاء والخصوم. ● بعد تأسيس حزب الكتائب عام 1936، صار الأول مسيحياً، الآن يصنّف ثالثاً. ما الأسباب برأيك؟ ــــ بداية لا بد من التذكير بأن حزب الكتائب جرى وضع اليد عليه في مرحلة الاحتلال السوري، إلى حد الغائه كليا. الجهد الجبار الذي قام به أخي الشهيد بيار ووالدي الرئيس أمين الجميل، أعاد إحياء الحزب من الصفر تقريبا. الأولوية اليوم للكتائب هي أن تكون ممثلاً لصوت الناس وهواجسهم، وأن تبقى رافعة مبادئ قيام الدولة كما كانت على الدوام منذ أكثر من 80 سنة: سيادة، استقلال، ديموقراطية، تعددية، وتحييد لبنان عن صراعات المنطقة. هذه ليست مبادئ خارجة عن المألوف، بل هي من أسس قيام أي دولة حضارية. للأسف لا نزال في لبنان نجاهد من أجل هذه المقومات الأساسية لبناء دولة. ● لبنان حاليا أمام مأزق قانون الانتخاب، برأيك ما القانون الذي يلائم لبنان واللبنانيين، وما العوائق دون التوافق على مثل هذا القانون؟ ــــ لكل قانون غاية وهدف. الكتائب تريد قانوناً يؤمن تمثيلاً صحيحاً للطوائف، وتمثيلاً صحيحاً للقوى السياسية داخل الطوائف. أي قانون يحقق هذين الهدفين يلبي طموحاتنا. بالنسبة لنا نجد أن القانون الأفضل اليوم هو قانون الدائرة الفردية. هناك قوانين أخرى تحقق هذه الأهداف، بدرجة أقل ربما، إنما بدرجة مقبولة. مثل «الصوت الواحد للشخص واحد» والذي يختلف عن الدائرة الفردية. ففي الدائرة الفردية يتم تقسيم لبنان إلى 128 دائرة، كل دائرة صغيرة تنتخب نائبها. أما في «الصوت الواحد للشخص الواحد» فتترك الدوائر كما هي ويعطى الحق لكل مواطن بانتخاب اسم واحد على اللائحة مما يسمح للأشخاص بالترشح والفوز، كما يسمح بالحد من تأثير البلوكات او المحادل الكبيرة. في بعبلك الهرمل مثلا يتوزع المقترعون بين %80 لحزب الله وحركة أمل و%20 للمستقلين. قانون «الصوت الواحد للشخص الواحد» سيرغم حزب الله على توزيع أصواته على 8 مرشحين أو 7 فقط من ضمن عشرة نواب الــ %20 من الأصوات الباقية اذا صبت على مرشح أو اثنين ستدخلهما الى البرلمان. ولكن الدائرة الفردية تفسح في المجال للطائفية والمذهبية والزبائنية.. ليس بالضرورة. لأن البلوكات الحزبية سوف توزع أصواتها على عدد المقاعد الموجود في الدائرة. بالنسبة لنا الدائرة الفردية (على دورتين) هي المشروع الأول. يحل ثانيا قانون «الصوت الواحد للشخص الواحد»، ومن بعدهما النسبية. ● النسبية المختلفة عن نسبية حزب الله؟ ــــ حزب الله يطالب بالنسبية على أساس لبنان دائرة واحدة. وهذا يدخلنا في لعبة الديموغرافيا والأعداد. لتفادي هذا الأمر يمكن أن تجرى النسبية على 13 أو 15 دائرة لنحافظ على تمثيل الطوائف. ● أي من هذه القوانين يحظى بقبول من الأطراف اللبنانية؟ ــــ لو كان هناك قبول لكنا توصلنا الى قانون انتخابي. كل طرف يريد تفصيل قانون على قياسه. لهذا السبب نطالب باعلان مبادئ واعتماد وحدة معايير يصاغ قانون بناء عليهما وليس تقسيم الدوائر وفقا لأهواء كل طرف. مأخذنا على القانون المختلط (الذي يعتمد المزاوجة بين النسبي والأكثري) انه يبقي نصف المقاعد على قانون الستين الحالي، ويجعل نصفها الآخر على النسبي الذي يصبح أقرب إلى الأكثري. وبالتالي يقفل الباب أمام القوى السياسية الجديدة، أو الإصلاحية، أو التغييرية، لتتمثل في المجلس النيابي. لأنه كلما قلَّ عدد المقاعد على القانون النسبي كلما صعب على القوى السياسية الجديدة أن تتمثل. لهذه الأسباب نحن نرفض القانون المختلط. الانتخابات والطوائف ● هل تشعر أن هناك اتجاها لدى التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لتصفية حزب الكتائب في الانتخابات النيابية وتقاسم قاعدته الشعبية؟ ــــ لن أحكم على النوايا وعلى ما نسمعه ونقرؤه. سننتظر حتى التوصل إلى قانون انتخابي لنقيّم أداء الفريقين والبناء عليه. ● كتلة حزب الكتائب اليوم هي 5 نواب. أنت والشيخ نديم الجميل تفوزان بأصوات المسيحيين. الثلاثة الآخرون فازوا إما بأصوات السنّة او بأصوات الدروز. كيف ستتجاوزون ذلك في الانتخابات المقبلة؟ ــــ النائب إيلي ماروني (نائب زحلة) كان الأول بين النواب المسيحيين في 2009. في مطلق الأحوال نحن نطالب بقانون يؤمن صحة التمثيل للطوائف لكي لا يكون هناك تأثير من طائفة على أخرى. الحزب والزعيم ● يتردد أن الشيخ سامي يتصرف ديكتاتوريا في رئاسة حزب الكتائب، وهذا ما يجعله يتخذ قرارات عبثية مثل سحب وزرائه من حكومة تمام سلام حيث رفض اثنان وانصاع ثالث. التزم وزير (آلان حكيم). وآخر لم يلتزم (سجعان قزي). أما الوزير الثالث (رمزي جريج) فهو ليس كتائبيا إنما صديق للحزب. الكتائب حزب مؤسساتي عمره 80 سنة. سلطة الحزب متمثلة بالمكتب السياسي المنتخب من جميع الكتائبيين. أي قرار يناقش ساعات طويلة قبل البت به ويصدر بالتصويت. القرار بفصل سجعان قزي (وزير العمل السابق) أتى بعد رفضه الالتزام بقرار الحزب الذي اتخذه المكتب السياسي بعد خلوات مطولة. هذا تصرف طبيعي لأي حزب. لم اتخذ القرار منفرداً وإنما مع المكتب السياسي وبطريقة شفافة وديموقراطية. السلاح والسياسة ● الواضح ان لبنان ينتقل من أزمة الى أخرى، هذا في حين ان ملفات كبيرة مثل سلاح حزب الله ومشاركة الحزب في القتال في سوريا، موضوعة الآن على الرف. ما هو في نظرك العلاج لمثل هذه الأوضاع؟ موضوعة على الرف بالنسبة للجميع باستثناء حزب الكتائب. منطقياً وموضوعياً لا يمكن بناء دولة قانون بوجود سلاح غير شرعي. لم تقم دولة في العالم في ظل ازدواجية السلاح. هذا موقف غير قابل للتأويل بالنسبة للكتائب. عندما يكون هناك فريق مشارك بالسلطة وبالحياة السياسية ويمتلك هذا الكم من السلاح وهذه القدرة العسكرية من غير المعقول وغير المنطقي القول إن هذا لا يؤثر على الحياة السياسية الديموقراطية. إضافة الى عدم إمكانية تحقيق مساواة بين اللبنانيين طالما قسم منهم يمتلك حقوقا لا يمتلكها الآخرون. هذا ما يخرب الحياة السياسية ويضرب الديموقراطية في صميمها. ● وكيف ترى الحل لهذه الملفات؟ ــــ لا ندعي أن الحل سيأتي غدا. لكننا لن نتوقف عن الإشارة إلى مكمن الخلل في حياتنا السياسية وإلا نكون كرسنا الأمر الواقع ورضخنا له. اذكّر أنه لو لم يكن هناك فريق من اللبنانيين رافض للاحتلال السوري ومقاوم له بشتى الطرق، بالموقف وبالشارع، لما حصلت 14 آذار. ولو أن الأطراف اللبنانينة كلها طبّعت مع الاحتلال السوري لكانت جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري مرت كسواها. حصلت انتفاضة اللبنانيين لأن أقلية لبنانية حافظت على المشعل خلال 15 سنة وظلت تقول لا للاحتلال. ● هل تقصد أن فريقا لبنانيا كان على خصومة مع حزب الله ويسير اليوم في التطبيع مع الحزب وسلاحه؟ ــــ اللبنانيون يلمسون هذا الأمر. من الواضح أن هناك تطبيعا من قبل جزء من القوى السياسية التي كان لديها موقفنا نفسه من سلاح حزب الله.. وبات اليوم يتماشى معه. ● بالأمس في ذكرى 14 شباط رأينا صورة 14 آذار كاملة بل وأضيف اليها وزراء التيار الوطني الحر. في المواقف السياسية الوضع مناقض للصورة. ما رأيك؟ ــــ المشكلة ان البعض يحاول تغطية الأمر الواقع- الذي فُرض علينا والذي قبل به البعض- بمظاهر معينة، بالشكل او بالصورة. انما في الواقع، مواقف الأفرقاء السياسيين واضحة، كما تصرفاتهم وقراراتهم وخطابهم السياسي. ربما هي محاولة تجميلية للمحافظة على حد أدنى من الشكل ولكن يجب ألا تخدعنا الصورة لنقتنع بأن الأمور لا تزال كما هي. هناك واقع جديد قبل به الجميع، معادلة جديدة، توازن جديد او بالأصح خلل جديد في التوازن، وعليهم ان يتحملوا مسؤوليته تجاه الرأي العام، كما ندفع نحن ثمن وقوفنا بوجه هذا الأمر الواقع ونتحمل مسؤوليته تجاه أنفسنا وتجاه الرأي العام. انحياز الرئيس ● هل فاجأكم تصريح الرئيس ميشال عون عن الجيش الضعيف وحاجة لبنان الى المقاومة وحزب الله، أم أنكم شعرتم برضا داخلي بأن الثنائية المسيحية لم تستطع ان تغير شيئا في قناعات الرجل وأنها ربما ستكون على حساب طرف من الطرفين؟ ــــ لم نفاجأ. يا ليته فاجأنا بتصريح مغاير. رئيس الجمهورية هو رئيس كل اللبنانيين. وموضوع سلاح حزب الله هو موضوع خلافي. كنا نتمنى لو اعتبر أن هذا الموضوع خلافي ويحتاج إلى المعالجة. لكنه اتخذ موقفا لمصلحة فريق على حساب فريق آخر، ولو كان هذا رأيه الشخصي لكنه لا يلزم كل اللبنانيين. هذا لا يفيد الرئاسة ولا حياديتها تجاه كل الأفرقاء اللبنانيين. ● يتحدث البعض عن معاناة «الشيخ- الشاب» سامي الجميل بين رجلين هما ميشال عون وسمير جعجع. ما تعليقك؟ ــــ ابداً. خضنا معارك كبيرة إلى جانب القوات والتيار طيلة فترة الاحتلال السوري. وخلال السنوات العشر الماضية كانت علاقتي ممتازة بالرجلين على الرغم من خلافي السياسي مع العماد عون. كنت الوحيد من فريق 14 آذار الذي يزروه ويتحاور معه ومع نواب كتلته الذين تربطني بهم علاقة صداقة. ليس لدي مشكلة شخصية مع الرجلين. خلافنا اليوم هو على المبادئ والثوابت التي كانت مشتركة فيما بيننا طيلة عهد الوصاية السوري. انا ما أزال كما انا لم أتغير. ولكنهما اتخذا قرارا بالتطبيع مع أمر واقع كنا نرفضه معا وقررا التوقف عن مواجهته. هذا هو اصل الخلاف السياسي الذي أوصلنا الى ما نحن عليه اليوم.

مشاركة :