باشرت القوات العراقية اليوم الأحد (19 فبراير/ شباط 2017) عملية استعادة الجانب الغربي من مدينة الموصل والتي يتوقع ان تكون الاكثر شراسة في إطار المواجهات التي بدأت منذ اربعة أشهر لاستعادة ثاني المدن العراقية واخر أكبر معاقل الجهاديين في البلاد. وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الأحد بدء العمليات العسكرية لاستعادة غرب الموصل من تنظيم داعش، وفقا لبيان أصدره مكتبه الاعلامي. وافاد البيان "نعلن انطلاق صفحة جديدة من عمليات (قادمون يا نينوى) لتحرير الجانب الأيمن من الموصل،" ثاني مدن العراق. واوضح قائد عمليات "قادمون يا نينوى" الفريق الركن عبد الامير رشيد يار الله في بيان ان الحشد الشعبي ساهم ايضا في التقدم نحو الموصل واستعادة نحو 15 قرية الاحد. من جانبهم، يبدي مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية مقاومة شرسة للدفاع عن آخر معاقلهم في شمال العراق، والذي أعلن زعيمهم ابو بكر البغدادي منه دولة "الخلافة" العام 2014. واكد مراسل فرانس برس سماع دوي قصف مدفعي وجوي عنيف من تلال البوسيف قرب خط الجبهة على مسافة خمسة كلم من المطار. وغطت سماء الموصل سحابة دخان اسود كثيف، في حين كانت القوافل المدرعة متجهة الى المطار. قال العميد عباس الجبوري قائد قوة الرد السريع لصحافيين من فرانس برس "لقد حققنا اهدافنا حتى الان ونتجه ناحية المطار". من جهته، قال أحد عناصر فرقة الرد السريع واسمه علاء انه يتوقع ان يضاعف الجهاديون العمليات الانتحارية "لإيقاع أفدح الخسائر كونهم يعرفون انهم سيموتون بكل الاحوال". بدوره، قال زميله علي ان "الجهاديين يتملكهم اليأس" بينما كانت المروحيات تحلق في اجواء البوسيف. وأعلن التحالف الدولي ان طيرانه شن السبت تسع غارات على منطقة الموصل. يشار الى ان أكثر من نصف تسعة الاف جندي من قوات التحالف الدولي منتشرين في العراق هم من الجيش الاميركي. وقد ظهر بعضهم على الجبهة الاحد. وقال وزير الدفاع الاميركي جيمس ماتيس الذي يقوم بزيارة الى دولة الامارات ان "التحالف يؤمن الدعم لهذه العملية". واضاف ان "القوات الاميركية تقوم بالدور الذي لعبته في شرق الموصل". وتابع الوزير "سنواصل تسريع جهودنا لتدمير الجهاديين" الذين على الرغم من النكسات التي تصيبهم، لا زالوا قادرين على شن هجمات دامية في العراق. وقد تمكن تنظيم داعش عبر هجوم شرس في حزيران/يونيو 2014، من السيطرة على الموصل ومناطق واسعة في شمال وغرب العراق. وبدأت القوات العراقية في 17 تشرين الاول/اكتوبر، عملية واسعة بمشاركة عشرات الالاف من القوات الامنية بدعم جوي وبري من قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة. واعلنت قيادة العمليات المشتركة في 24 كانون الثاني/يناير، "تحرير كامل" الجانب الشرقي من الموصل. واستغرقت العملية أكثر من شهرين، وشاركت فيها قوات عدة أبرزها قوات مكافحة الإرهاب. صعوبة أكبر في غرب الموصل وقال باتريك سكنر من مجموعة "صوفان" للاستشارات الاستخبارية إن المعركة في غرب الموصل "قد تكون أكثر صعوبة". وستشكل الشوارع الضيقة للمدينة القديمة عائقا لمرور الآليات العسكرية التي تستخدمها القوات الأمنية، ما سيدفعها لخوض حرب شوارع. ولا يزال الجهاديون ينفذون هجمات في المناطق التي استعادتها القوات العراقية، ما يعكس الصعوبة التي تواجهها القوات في رصد أي جهاديين قد يكونون اختلطوا بالسكان المدنيين. قلق على مصير المدنيين ورغم عدم حدوث موجة النزوح الهائلة التي توقعتها المنظمات الإنسانية مع انطلاق عملية الموصل قبل أربعة أشهر، الا ان انعدام الاستقرار في شرق المدينة يهدد بنزوح الكثير من السكان. وتحذر المنظمات الإغاثية من تدهور الظروف المعيشية في الجانب الغربي من الموصل، حيث يحتجز تنظيم الدولة الاسلامية نحو 750 ألف مدني. من جهته، اعتبر المجلس النروجي للاجئين ان نجاح الحملة لن يكون من خلال "عدد القطاعات التي ستتم استعادتها وانما من حيث قدرة القوات العراقية وقوات التحالف على حماية المدنيين". وتثير شراسة المعارك أيضا قلق المنظمات الإنسانية، إذ نبهت منظمة "سيف ذا تشيلدرن" غير الحكومية البريطانية الأحد إلى أن نحو 350 ألف طفل عالقون في القسم الغربي من المدينة، داعية القوات العراقية وحلفاءها إلى "بذل كل ما في وسعهم لحمايتهم". ويتعرض الجهاديون حاليا لحصار شبه كامل في المدينة، إذ أن خطوط إمدادهم مع سوريا من الغرب قطعت من قبل قوات الحشد الشعبي، وهي فصائل تضم مقاتلين ومتطوعين شيعة مدعومين من إيران. وليست هناك حصيلة لقتلى الهجوم لكن الخسائر في صفوف الجهاديين قد تكون كبيرة بعد اربعة أشهر من الهجوم ما من شأنه حرمانهم من الموارد للدفاع عن غرب الموصل. وتشكل خسارة الموصل هزيمة قاسية للجهاديين الذين فقدوا الكثير من المناطق خلال الاشهر الاخيرة في العراق وسوريا. ولن يتبقى لهم سوى منطقة حول بلدة الحويجة التي تبعد 180 كلم جنوب شرق الموصل، وبلدات صغيرة على حدود العراق الغربية مع سوريا حيث يدافعون عن معقلهم الرئيسي في الرقة بمواجهة قوات عربية كردية.
مشاركة :