هويات الأسرى اكتشفت من خلال البصمة الوراثية

  • 2/20/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عائشة الجيار| نتناول في الحلقة الثالثة جانبا مهماً جداً من تطبيقات DNA، إن لم يكن الأهم، وهو استخدام DNA في مجال الأدلة الجنائية، التي تتعلق بالأمن وإرساء العدالة وإظهار الحق في مجال الجرائم والكوارث ودعاوى إثبات النسب. في الكويت هناك أشخاص يشار لهم بالبنان كان لهم الفضل في إرساء هذه العلوم وتطبيقاتها ونقلها للكويت وتفعيلها، وتحمل الحروب المضادة، على رأسهم المدير السابق لإدارة المختبرات الجنائية بالإدارة العامة للأدلة الجنائية بوزارة الداخلية، العميد المتقاعد د.بدر خالد الخليفة، الذي يفتح لـ القبس أبواب عالم الأدلة الجنائية وأهمية تطبيقات DNA فيه. العميد المتقاعد د.بدر خالد الخليفة في البداية، كشف د.بدر الخليفة عن مواجهة صعوبات كبيرة لإنشاء مختبر للبصمة الوراثية في التسعينات، إلى أن وافقت وزارة الداخلية بالكويت ومجلس الأمة والمواطنون أن أنشئ مختبراً للبصمة الوراثية، والآن الكويت تتحدث عن عمل بصمة وراثية للأمة برمتها، من الطفل الصغير وحتى الضيف الزائر! ويشير الخليفة إلى أن رسالته لدرجة الدكتوراه كانت في البصمة الوراثية من جامعة «ستراث كلايد» في مدينة جلاسكو في المملكة المتحدة، ويقول: كنت أول من حصل على الدكتوراه في الكويت والشرق الأوسط في مجال البصمة الوراثية وعلاقتها بالطب الشرعي والأدلة الجنائية، فبدايتي مع البصمة الوراثية كانت بالإجبار؛ حيث يجبرنا مجال عملنا في المختبرات الطبية أن نستخدم أحدث التطبيقات، وأنشأت المختبر الجنائي الكويتي للاستعراف، الذي يعتمد على DNA. ويتابع الخليفة: أنشأت المختبر الجنائي الكويتي للاستعراف، واستخدمته في القضايا الجنائية ودعاوى النسب وقضايا الاستعراف على ضحايا الكوارث، وبالنسبة لنا في الكويت، كانت الكارثة هي قضية الأسرى والتأكد من مطابقة ما لدينا من رفات بالهويات الحقيقية للأسرى والمفقودين. يؤكد الخليفة أن البعض اعتقد في البداية عندما كان يسمع عن البصمة الوراثية أنها مثل بصمة الأصابع، ويقول: «كان مدخل العلماء لشرح مفهوم البصمة الوراثية للعامة بما يفهمونه وهو بصمة الاصابع التي يتفرد بها كل شخص، كذلك البصمة الوراثية هي بصمات جينية يتفرد بها كل كائن حي، وليس الإنسان فقط، واستخدمها علماء الأدلة الجنائية للاستعراف وليس في الهندسة الوراثية». ما قبل DNA كانت هناك تحديات تواجه مسرح الجرائم قبل اعتماد تطبيقات DNA كما يشير د.الخليفة، ويوضح بقوله: في مسرح الجريمة حيث جثة المجني عليه والدماء منتشرة، كنا نعتمد على الفصائل الدموية لاكتشاف الأدلة، وكان ذلك يوقعنا في حيرة كبيرة، فمثلا الدماء حول المجني عليه من فصيلة O، وكان هناك دماء أخرى على الباب الخارجي التي لا يمكن أن تكون للضحية وأنها لا بد للجاني، ولكن بتحليلها نجدها أيضا من فصيلة O، فهل هو دم الضحية أم الجاني، وهل الاثنان فصيلة دمهما O، الآن وبواسطة DNA نستطيع أن نحدد إذا كانت فصيلة الدم O تعود للضحية أم الجاني، وبلاشك اختلفت العلوم الجنائية بشكل كبير ومذهل بعد تطبيقات DNA، مثال آخر، إذا حدث انفجار ولم يتبق إلا جزء من اصبع لشخص نستطيع أن نتوصل لهويته عن طريقها. فوائد وعن فوائد تطبيقات DNA يقول الخليفة: «استفدنا من البصمة الوراثية في اكتشاف هويات الأسرى بعد مرور 13 عاماً، واستطعنا أن نستخرجهم ونتأكد من تطابق هوياتهم مع ذويهم من خلال البصمة الوراثية، وفي روسيا جرى اكتشاف المقبرة التي دفن فيها القيصر وأسرته والتأكد منها عبر البصمة الوراثية وذلك بعد مرور 70 عاماً على دفنه، في مصر استطاع العلماء استخلاص بصمة وراثية من مومياء دفنت قبل 5000 عام، طالما أن هناك أجزاء من الجسم لم تتحلل مثل السن، أو الشعر، أو أي جزء يمكن أن نستخرج البصمة الوراثية ونستدل على صفاته وهويته». حروب ضد البصمة يعود الخليفة بذاكرته للوراء عندما كانت الناس لا تعي أهمية البصمة الوراثية في مجال الأدلة الجنائية فيقول: «لقد خضنا حروباً كثيرة، شرعية وقانونية، ومجتمعية في البداية، من أجل استخدام وتطبيق البصمة الوراثية في الكويت، لكننا خضناها وحصلنا على فتوى تجيز استخدامها، وكانت الجبهة المعارضة حجتها أن استخدام تطبيقات DNA تفشي الأسرار، وكنت أرد عليهم: نعم ! إذا أحببت أن تفشي الأسرار فهي تفشي فعلاً، وكنت أضرب مثالاً بمختبرات الدم، التي يذهب لها المريض ليحلل دمه ويفاجأ بأنه مريض بالإيدز، القانون يمنع الطبيب في المختبر أن يفشي ذلك، لكن إن أفشاها وانتشر السر، فالعيب ليس في اختبار الدم الكاشف للايدز، ولكن في الطبيب والشخص الذي لم يحفظ السر الذي ألزمه القانون بحفظه في سرية تامة». «إذن العيب ليس في تطبيقات DNA».. الكلام للخليفة، ويتابع: «لكن في الشخص الذي يفشي المعلومات، وهذا قائم في كل مجال يتطلب سرية تامة، فمثلاً أسر وعوائل تعيش في هدوء لسنوات طويلة، ويموت الأب وعند توزيع الميراث يدعي بعض الإخوة أن فلاناً ليس أخاهم، ولا يستحق الميراث، إذاً هو كان أخاهم مدة 40 عاماً وعند توزيع المال لم يصبح أخاهم!، لذلك يجب أن نكون حذرين في موضوع البصمة الوراثية، فالهدف منها الفائدة وليس الضرر». الأدلة الجنائية وعن أحدث تطبيقات DNA في عالم الأدلة الجنائية، يقول الخليفة: «كل الحوادث العامة في العالم يستخدم فيها DNA، لو رجعنا لعام 1988 وقضية لوكيربي الشهيرة تم أستخدام DNA للتعرف على ركاب الطائرة من بقايا الجثث، ومنذ عامين حدث حريق أثناء موسم الحج في مكة، وتم استخدام DNA للتعرف على المتوفين في الحادث، وفي الكويت استخدمناه في حريق خيمة عرس الجهراء، لنتعرف على الضحايا، ويستخدم أيضاً في قضايا البنوة دعاوى النسب، وبشكل عام أي كارثة تحدث في العالم لابد أن يكون DNA أساسي في تحقيقاتها». ويتابع الخليفة: «وهناك استخدام لتطبيقات DNA في الأدلة الجنائية في القضايا الدولية، مثل حقوق الإنسان، وإثبات نسب سلالات الحيوانات مثل الخيل، فإذا أراد أحد شراء فرس أصيل سعره بالملايين، فلا بد أن يكون معه شهادة تثبت سلالته الفريدة، وهذا ما حققه الـDNA الآن». المواد المخدرة كشف د.بدر الخليفة أن أبحاث الـDNA فتحت الباب على مصراعيه في كل المجالات، مشيراً إلى أن له بحثاً مهماً في اكتشاف منشأ المواد المخدرة، عبر DNA، يحدثنا عنه قائلاً: لي بحث علمي منشور عن دور الـDNA في اكتشاف المنشأ لكل نبتة مخدرة، فمثلاً نبات الماريغوانا من مزرعة في الكويت يختلف عن الماريغوانا من مزرعة في كولومبيا، وإذا كانت هناك نبتة ماريغوانا وهناك شك أنها من مزرعة في الكويت أو من خارجها، نستطيع بتحليل الـDNA أن نحدد في أي بلد نبتت. البحث العلمي هل تعاني الأبحاث في مجال DNA، أو التطبيقات الحديثة من قيود أو تضييق في الكويت؟ سؤال طرحته على د.بدر الخليفة فأجاب متحمساً: «أول شيء أنا ضد أن تكون هناك قيود على البحث العلمي، فلا شيء اسمه قيد على البحث العلمي، لكن هناك عدم توافر للإمكانات، أو عدم وجود رؤية، أو إمكانية عمل البحث من عدمه، هذا فعلاً قد يكون موجوداً، وفي العلوم الجنائية لا دولة في العالم يمكنها أن تمنع البحث عن مجرم لأي سبب كان. وبالنسبة للتطبيقات DNA في الكويت في مجال الأدلة الجنائية، يشير يوضح الخليفة: هي تسير بموازاة أحدث التطبيقات العالمية، وأتذكر أنه في أوائل التسعينات بعد الغزو وصل للكويت رفات من الصليب الأحمر ومعه هوية لشخص كويتي، ولم تكن لدينا حينها مختبرات البصمة الوراثية وعندما سئلت عن الحل لهذه القضية، قلت إن هناك مختبراً في وزارة الدفاع الاميركية، ومختبرا في بريطانيا، لم يقل لي أحد حينها لا يجوز، ولا نملك إمكانات فنية، بل قالوا لي احمل قضيتك واذهب بها لأميركا وبريطانيا، وبالفعل ذهبت وتأكدت من تحليل البصمة الوراثية من هوية الرفات وسلمناه لعائلته».

مشاركة :