تحدثت مع أحد مصادري القيادية داخل تنظيم حزب الله الإرهابي قبل أيام عن التقارير التي تحدثت عن الشح المالي وقلة الدعم الإيراني للتنظيم، وحاولت أن أستوضح منه عن صحة هذه الأنباء وأسبابها ونتائجها القادمة على الحزب وقيادته وبيئته الحاضنة التي اعتادت على إسكاتها بالمال منذ حرب يوليو مرورا بالمشاركة في الحرب السورية. قال لي المصدر إن الدعم الإيراني لحزب الله ليس كما عهدناه خلال السنوات الماضية، بل إن إحدى الغارات الإسرائيلية استهدفت قافلة لحزب الله في سورية كانت تنقل ملايين الدولارات للحزب، فزاد هذا الأمر من سوء الأوضاع الاقتصادية التي يعانيها الحزب بشكل عام. القافلة التي قصفت من قبل إسرائيل كانت تنقل، وبحسب المعلومات، أكثر من 500 مليون دولار أميركي، واحترقت بالكامل ولم يصل منها شيء إلى الحزب في لبنان. إلى جانب ذلك، أكد المصدر لنا أن قيادة الحزب أصدرت أوامر بتخفيض الدعم المقدم لأسر القتلى والجرحى والتأمين على الأدوية والمستشفيات التي كانت تصل في بعض الأوقات إلى 100%، وأكد المصدر قيام قيادة الحزب في الفترة الماضية بخفض قيمة التغطية الصحية لمقاتليه بسبب الضائقة المالية التي يعانيها، وقد أبلغت الرعاية الصحية كل المنتسبين أنه تم خفض نسب التغطية الصحية للطبابة والأدوية والاستشفاء، وقد تم وقف إصدار بطاقات صحية لأي منتسب للحزب غير متزوج، وذلك ضمن خطة "التقشف" التي أعلن عنها حزب الله داخليا، مما تسبب بحالة من الامتعاض على رئيس مجلسه التنفيذي الذي يتهمه كثيرون بالوقوف وراء خطة التقشف. ويؤكد المصدر أن حزب الله أرسل وفدا إلى إيران لمناقشة موضوع الميزانية، وطلب زيادة الدعم نتيجة للعجز المالي، فكان الرد الإيراني للوفد: "قوموا ببيع سيارات المسؤولين الفارهة وقصورهم الفخمة، وسدوا العجز الذي تعانون منه"، نحن قدمنا لكم الدعم لتحقيق أرضية خصبة لمشروع الدولة الإسلامية ولم نقدم الدعم لزيادة أرصدتكم في البنوك وترفيه أبنائكم ونسائكم، بينما شعبنا يعاني بمجمله من ضائقة مالية كبيرة نتيجة الحصار الاقتصادي والعقوبات الدولية والتهديدات المستمرة لنا. لقد اتجه حزب الله في هذه الأيام إلى الشارع واضعا صناديق صفراء عليها صور قتلاه في سورية ومن قتلوا سابقا في حروبه مع الإسرائيلي، وبدأ يشحذ الأموال من المواطنين، ولكن اللافت في كل هذا أن همة جمهوره قد خفتت ولم يستطع الحزب تحقيق أي مكاسب، فيما يبدو أنها حالة من التململ داخل بيئته من حربه في سورية التي أفرغت جيوب آلاف المناصرين له الذين تضرروا من المقاطعة الخليجية لزيارة لبنان، وتسببت بطرد العشرات من اللبنانيين المؤيدين له والعاملين في دول الخليج، بالإضافة إلى العقوبات الأميركية على رجال أعمال لبنانيين شيعة يقيمون في لبنان أو في أفريقيا أو جنوب أميركا حرمتهم حتى من أرصدتهم في البنوك الأجنبية. إلى جانب ذلك، يؤكد المصدر القيادي في حزب الله أن المرحلة القادمة ستكون أصعب على قيادة الحزب، خصوصا مع تولي ترمب الرئاسة في أميركا ومحاولته إلغاء أو تعديل الاتفاق النووي، مما سيزيد من الضغوط على إيران، وبالتالي على علاقتها بحزب الله الذي لا يرى أنها، أي إيران، تقدم الكثير لخدمة الحوثي الذي انقلب على الشرعية في اليمن بناء على توجيهات من الحرس الثوري الإيراني، فماذا يمكنها أن تقدم لحزب الله في هذه الظروف وهي في النهاية ستبحث عن مصالحها في الفترة القادمة لتخفيف حدة المواجهة، وتجنب مواجهة عسكرية مع دول الخليج وأميركا. مقاتلو حزب الله في سورية سينسحبون عاجلا أم آجلا، ولا يمكننا تحمل نفقات دعم النظام من أموال نجمعها هنا وهناك، فهي لا تكفي للحفاظ على منطقة كالقصير يقول المصدر، لذلك لا نستبعد تقليص عدد العناصر المقاتلة في سورية، وسحب آلاف المقاتلين باتجاه القرى اللبنانية الحدودية، ولا يستبعد المصدر أن يبدأ حزب الله بتغيير في سياساته والتقارب مع دول الجوار في محاولة منه لإصلاح ما كسرته مشاركته في الحرب السورية، والتطاول على دول الخليج العربي خلال السنوات الماضية، ودعم المخربين في البحرين والانقلابيين في اليمن. حزب الله دق ناقوس الخطر اقتصاديا وعسكريا وشعبيا، فهل تكون الانتخابات النيابية القادمة مفاجئة من حيث حجم التمثيل له في البرلمان فنشهد دعما جماهيريا لمستقلين شيعة مناهضين للحزب ومن خارج لوائحه الانتخابية؟ لا يستبعد المصدر ذلك! لقد تغيرت الظروف منذ وصول ترمب إلى السلطة في أميركا، ويبدأ بالتضييق على مصادر تمويل حزب الله وتجفيف بعضها بشكل سريع من جنوب أميركا، وتحديدا فنزويلا، حيث يستخدمها الحزب لتجارة المخدرات وتبييض الأموال لتمويل عملياته العسكرية والإعلامية في حربه السورية، ومحاولته المستميتة بسط سيطرته على لبنان.
مشاركة :