فيما تابعت الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس سعد الحريري في السراي الكبيرة أمس، استكمال مناقشة مشروع موازنة عام 2017، ما زالت سلسلة الرتب والرواتب تثير انقساماً في المواقف بين مؤيد لدمجها في الموازنة ومعارض لربطها بها. وفي هذا الإطار غرد رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط (يلتقي الرئيس فرنسوا هولاند اليوم في باريس) عبر «تويتر» فقال: «احذروا الفوضى. سلسلة الرتب والرواتب يجب ربطها بموارد ثابتة وإصلاح وأن تكون ضمن الموازنة بعد استكمال قطع الحساب». وقبل دخول الجلسة أشار وزير المال علي حسن خليل من السراي إلى أن «أي ضريبة تمس بذوي الدخل المحدود هي ضريبة مرفوضة ولن تقرّ»، وشدد على أن «كلفة السلسلة ضمن الموازنة ولا قرار في شأن فصلها». ولفت الوزير محمد فنيش إلى أن «السلسلة موجودة أصلاً في الاحتياط، وحزب الله مع بقائها كما هي لتسهيل إقرارها في المجلس النيابي». وفي المواقف أشار وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة إلى أن «الأزمة الأكبر هي أزمة الموازنة لأنها ليست جانباً سياسياً أو بحثاً عن مقاعد إنما أرقام حقيقية تفرض الانتباه إلى الوضع الاجتماعي وعدم اللعب بالحقوق العائدة للإدارات والجيش والمعلمين وغيرهم من خلال السلسلة، علما أنها تحتاج إلى إيرادات معقولة متوازنة لا تكسر ظهر الاقتصاد اللبناني، فالعملية جراحية دقيقة جداً لأن لبنان لا يستطيع أن يسقط تصنيفه وأن يسمح بفجوة بين الإيرادات والصرف». وفي الشأن الانتخابي لفت حمادة إلى أنه لا يشاطر وزير الخارجية جبران باسيل الرأي بـ «أننا بلغنا الخط الأحمر في موضوع الانتخابات النيابية لأنه حتى ولو وقع رئيس الحكومة سعد الحريري مشروع المرسوم الموقع من وزير الداخلية نهاد المشنوق فهذا لا يعني صداماً مع الرئيس ميشال عون لأن التوافق على البحث عن قانون جديد قائم ومستمر والمحاولات لم تتوقف والاتصالات مستمرة». وعن الحلول التي قدمها جنبلاط لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، قال: «حلول جنبلاط أظهرت أن العقدة ليست لدى الحزب التقدمي الاشتراكي أو الطائفة الدرزية، لأن لا مانع لديه من» نسبية «ما في الانتخابات، لذلك فليبحثوا عن غيرنا ككبش محرقة لتعطيل إقرار القانون الجديد». وقال وزير الاتصالات جمال الجراح: «هناك أمور عدة يجب بحثها عند مقاربة أرقام الموازنة: أولاً عجز الخزينة، الوضع الاقتصادي والمالي الصعب ووضع المواطن الصعب»، مشدداً على «ضرورة اتخاذ خطوات إيجابية باتجاه تحسين الاقتصاد تساعده على النمو والتطور واستعادته مكانته الإنتاجية». وشدد الجراح على «وجود محاولات جدية ومستمرة لإنتاج قانون انتخاب جديد بعيداً من أي سقف زمني للتوافق، لكن إذا حصل في وقت قريب فهذا أمر جيد، متوقعاً التوصل إلى قانون عصري يرضي جميع الأفرقاء ويأخذ هواجس الجميع بالحسبان». وأشار إلى أن «النقاش يتركز حول القانون المختلط والعقد كامنة بين الدوائر واختيار المقاعد بين الأكثري والنسبي». وأكد وزير الإعلام ملحم رياشي بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون أن «موقف الرئيس من قانون الانتخابات النيابية واضح ومعروف، ونحن ندعم هذا الموقف». وعن إقرار الموازنة قبل آخر الشهر، قال: «قد يكون قبل ذلك، ويتم الأمر هذا الأسبوع حيث تعقد جلسات اليوم والأربعاء والجمعة». اعتصام وتزامنت جلسة مجلس الوزراء مع اعتصام نفذه «تحالف برلمان لكل البلد» أمام السراي الكبيرة رفضاً «لمحاولة التمديد للبرلمان وإعادة تدوير طاولة الحوار والتلاعب بمبدأ دورة الانتخابات والمهل الدستورية وزيادة ضرائب جديدة على المواطنين في بلد تخطى فيه عدد الناس الذين يعيشون تحت خط الفقر 30 في المئة». «حزب الله»: وافقنا على بعض الأفكار تسهيلاً لقانون يتفاهم عليه الجميع شدد وزير الشباب والرياضة محمد فنيش على أنه «لا يزال أمامنا استحقاق مهم على رغم تجاوزنا مرحلة الشغور الرئاسي، واتفاقنا على تشكيل الحكومة، ألا وهو إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية من أجل إعادة تكوين السلطة، وانتخاب مجلس نيابي جديد، لأنه لا يمكن إعادة تكرار مسألة تمديد ولاية المجلس، وعليه فلا بد لنا جميعاً من أن نستفيد من الوقت المتبقي الذي ينفد بسرعة، من أجل الاتفاق على قانون جديد للانتخابات». ولفت إلى أنه «عندما طرحنا موضوع النسبية، لم نفكر بحسابات خاصة، لأن النسبية إذا ما طبقت، لا تجعل من كل القوى السياسية محتفظة بأحجامها، فهي تعطي كل فريق سياسي حجمه في المجلس وفق التأييد الشعبي الذي يحظى به، وبالتالي فإن النسبية تعطي فرصة لكل أصحاب الأحجام السياسية أن يكون لديها ممثلون في المجلس». واعتبر «أن النسبية هي الوصفة الملائمة في بلد مثل لبنان لمراعاة هذا التنوع الطائفي والمذهبي والسياسي الموجود فيه، وبالتالي لا داعي للخوف أو القلق أو الحديث عن أن النسبية تلغي فريقاً أو تهدد مصير فريق آخر، بل هي تعيد الفرقاء إلى أحجامهم الطبيعية، وتؤمن المشاركة الصحيحة فضلاً عن صحة وعدالة التمثيل». وأكد عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض «أهمية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وفق قانون جديد»، داعياً إلى «عدم قطع الأمل بالوصول إلى قانون على رغم ضيق المهل، لا سيما أن الأمر يحتاج إلى مزيد من المرونة وتحكيم المصلحة الوطنية والواقعية من القوى التي تخاصم النسبية». واعتبر أن «بدائل عدم الوصول إلى قانون جديد هي إشكالية برمتها، وستترك تأثيرات سلبية على الواقع السياسي اللبناني، وتعني عجز اللبنانيين عن التفاهم على هذه القضية التي تضاف إلى مجموعة القضايا الكبرى المختلف عليها مثل تطبيق الطائف في بنوده الإصلاحية والقضايا الأخرى التي تتصل بموقع لبنان وعلاقاته الخارجية». وقال: «إننا نهيب بكل القوى أن تبدي مزيداً من المرونة والإيجابية في مناقشة قانون الانتخاب»، مشيراً الى «أننا كفريق معني تجاوزنا مع النقاش الكثير من الصيغ، وأبدينا الاستعداد للموافقة على بعض الأفكار التي لم تكن واردة في حساباتنا تسهيلاً للوصول إلى قانون يتفاهم عليه الجميع». «اللقاء الديموقراطي» يلتقي أسامة سعد ويرفض الانجرار إلى سجال مع باسيل في سياق جولاته على المسؤولين والقيادات اللبنانية لمناقشة موضوع قانون الانتخاب، زار أمس وفد من «اللقاء الديموقراطي» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» برئاسة النائب غازي العريضي، الأمين العام لـ «التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد. وضم الوفد إلى العريضي النائبين فؤاد السعد وأنطوان سعد، وأمين السر العام في الحزب ظافر ناصر، وعضو القيادة سرحان سرحان، في حضور مسؤولين في «التنظيم الشعبي الناصري». وأكد العريضي بعد اللقاء «أهمية التمسك بالثوابت الأساسية الوطنية انطلاقاً من اتفاق الطائف وأهمية الاستفادة من الوقت المتبقي لإقرار قانون انتخاب يأخذ في الاعتبار هذه الثوابت ويستند إليها، وبالتالي إقرار مشروع قانون يشكل مدخلاً حقيقياً للتغيير الفعلي، والوصول إلى مجلس نيابي خارج القيد الطائفي ومجلس شيوخ، ولا مركزية إدارية». وانتقد «نظرة البعض إلى موضوع الانتخاب بأنها عملية حسابية صغيرة لترتيب أوضاع هذا أو ذاك من الأطراف السياسية»، معتبراً إياها «سوء تقدير يرافقه سوء تدبير». ورأى أن «المقاربات يجب أن تكون وطنية حقيقية». وأكد أن «التهديدات للبنان تدفعنا إلى مزيد من التحصين الوطني الداخلي، تفرض علينا الذهاب إلى مشروع قانون انتخاب نتوافق عليه»، مذكراً بـ «أننا على أبواب مناقشة مشروع الموازنة وستكون لنا محطات كثيرة تجاه هذه المسؤولية». وكان سعد أكد «أهمية مواصلة النضال للوصول إلى قانون خارج القيد الطائفي، وعلى أساس النسبية والدائرة الواحدة». إلى ذلك، رفض مصدر بارز في «اللقاء الديموقراطي» الرد على رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل. وقال لـ «الحياة»: لن ننجر إلى سجال إعلامي وسياسي معه، على رغم أنه لم يوفرنا في مواقفه من قانون الانتخاب الجديد، لأننا في غنى عن المهاترات، ونحن من أشد الحريصين على التهدئة وتجنب كل أشكال التوتر السياسي، للحفاظ على الاستقرار وتحييد المصالحة المسيحية - الدرزية في الجبل عن كل ما يؤثر فيها سلباً. وقال المصدر نفسه إن «باسيل وإن كان يعتقد أن لديه مشكلة مع «اللقاء الديموقراطي» فهذه مشكلته، ونأبى الانجرار إلى سجال لا جدوى منه ويدفع في اتجاه الاحتقان الذي نعمل على تنفيسه ومنعه من أن يستهدف التعايش في الجبل». «التيار الوطني»: للاختيار بين المختلط والتأهيلي أكد المجلس السياسي لـ «التيار الوطني الحر» أن «لا مفر من إقرار قانون جديد للانتخاب لتجنّب أزمة سياسية تلوح في الأفق في حال بقيت القوى السياسية عاجزة عن الاتفاق على قانون، خصوصاً أنه ليس لدينا أي خيار: لا التمديد للمجلس النيابي ولا إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين». ولفت إلى أن «الحل الوحيد هو الاختيار بين القانون المختلط القائم على مبدأ أكثري ونسبي انما وفقاً لمعايير موحدة، والقانون التأهيلي الذي يضمّ الأكثري على أساس الطائفة والنسبي على الأساس الوطني مع تأهيل أول وثانٍ»، مشيراً إلى أن «كل المداولات تدور حول هذين الموضوعين وتبقى الفرصة أمام القوى السياسية أن تتفق على أحدهما». وأكد أن «التيار يمد اليد الى كل القوى السياسية للتعاون الايجابي في مجلس النواب المقبل». واعتبر المجلس في بيان تلاه النائب آلان عون بعد الاجتماع الشهري للمجلس برئاسة رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل أن «لبنان في عهد الرئيس ميشال عون، دخل مرحلة إعادة لمّ الشمل وتمتين الوحدة وإشراك الجميع، من دون استثناء، في ورشة استعادة الثقة في الدولة وهو عامل مطمئن للتخفيف من وطأة الحسابات الانتخابية التي تصعّب فرص الاتفاق». وأكد التزام «التيار» «الاسراع في إقرار الموازنة بما فيه مداخيل وإيرادات جديدة لا تطاول الطبقات الشعبية ولا تزيد أعباء اقتصادية اضافية على المواطنين، على أن تترافق مع معالجة دستورية وقانونية تؤمّن حصول قطع الحساب». واعتبر أن «إقرار الموازنة ممر إجباري لإعادة انتظام عمل المؤسسات ومالية الدولة وهو يعزز الشفافية ويحدّ من الفساد في العمل المالي لكل إدارات الدولة ووزاراتها عندما تنتظم من خلال موازنة واضحة ومبوبة وسقوف مالية محددة وغير متفلتة».
مشاركة :