التحركات الاحتجاجية السابقة للأساتذة والمعلمين أساسها مطالب نقابية متعلقة بزيادات في الأجور أو إقرار الحوافز أو اتفاقيات مهنية تم التراجع عنها أو عدم الالتزام بها، ليقع إدراج شعار المطالبة باستقالة الوزير خلال المظاهرات كأمر ثانوي. وتوجه اليعقوبي بالدعوة إلى الهياكل النقابية للأساتذة بشكل عام من أجل العمل على إنجاح قرار الهيئة الإدارية لقطاع التعليم الثانوي الذي يسعى إلى الضغط على الحكومة كي تستجيب إلى مطلبهم المتعلق بإيجاد بديل على رأس وزارة التربية “قادر على بعث رسائل طمأنة للعائلات التونسية بشأن مستقبل أبنائهم”. وقال اليعقوبي إن هذا القرار يأتي لعدة أسباب، أبرزها “تعطل إمكانية الحوار مع وزير التربية وإهانته لكرامة المدرسين في أكثر من مناسبة”، معتبرا أن “تصرف الوزارة في عملية الإصلاح بشكل أحادي وارتجالي هو تهديد لحقوق التلاميذ على غرار قرار تركيز ديوان الخدمات المدرسية”. وشرعت وزارة التربية منذ أبريل 2015، في وضع استراتيجية شاملة للإصلاح التربوي، عقدت حولها استشارات وطنية وحوار وطني مع الضالعين في العملية التربوية من مربين وأولياء ومنظمات مجتمع مدني. وأنشئت لجنة مشتركة بين وزارة التربية والاتحاد العام التونسي للشغل والمعهد العربي لحقوق الإنسان (منظمة غير حكومية مقرها تونس) للتباحث حول إجراءات وآليات تنفيذ البرامج. واعتبر إياد الدهماني، الوزير المكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب والناطق الرسمي باسم الحكومة، خلال استضافته في برنامج بالإذاعة التونسية، أنه ليس من حق النقابات أن تتدخل في تعيين أو إقالة أي وزير. كما أشار إلى أن هذا الأمر من صلاحيات ومشمولات رئيس الحكومة، وأن إقالة الوزير لا يمكن أن تكون مطلبا في حد ذاتها. وكانت الهيئة الوطنية للتعليم الثانوي قد دعت إلى سلسلة من التحركات الاحتجاجية والاعتصامات المحلية ابتداء من الاثنين وإلى غاية الجمعة 24 فبراير الجاري، إلى جانب تنفيذ إضراب وطني، الأربعاء، وتجمع وطني الأربعاء 1 مارس القادم أمام وزارة التربية. وينتظر أن ينفذ مدرسو التعليم الابتدائي إضرابا عاما حضوريا يومي 8 و9 مارس القادم. وتأتي كل هذه التحركات الاحتجاجية استجابة لدعوة نقابتي التعليم الثانوي والأساسي باتحاد الشغل. وعبر النقابيون خلال احتجاجاتهم عن رفضهم لديوان الخدمات المدرسية وللنقل “العشوائية” التي قام بها وزير التربية خلال العطلة المدرسية الأخيرة. كما انتقدوا “مماطلة” وزارة الشباب والرياضة في الإيفاء بالتزامها، وعبروا عن رفضهم للتسميات والتعيينات التي تمت صلب وزارة التربية. وكان وزير التربية قد قال في تصريحات لصحيفة محلية أن من يقف وراء الأخبار التي تتحدث عن إقالته والتي انتشرت في الأيام الأخيرة “هم جرحى الانتخابات الذين لم يقبلوا نتيجة الانتخابات الماضية وقالوا إنها أعادت المنظومة القديمة، هم لا يريدون للحكومة النجاح ولا يريدون للبلاد الاستقرار السياسي لذلك لجأوا إلى هذا التشويش”. وتوجه جلول بالدعوة إلى نقابتي الثانوي والابتدائي للحوار وبسط المطالب المهنية والمالية، قائلا “أبوابنا مفتوحة للتفاوض..”، مضيفا “وعندما لا نحققها من حقهما التوجه للإضراب”. وأكد جلول أن جميع مطالب الأساتذة والمعلمين تمت الاستجابة لها، مشيرا إلى أنه “بقي مطلب واحد”. واعتبر أن مطلب إقالته هو “مطلب سياسي وليس نقابيا، وليس من اختصاصي بل من اختصاص رئيس الحكومة والائتلاف الحاكم ولا يمكنني التفاوض بشأنه”. وأضاف “أقول للنقابات اتركوا المدرسة تسِر بشكل طبيعي.. وتفاوضوا ما شئتم مع رئيس الحكومة حول إقالة أو بقاء الوزير”. وتلقى احتجاجات الأساتذة والمعلمين دعما من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل. وكان نورالدين الطبوبي، الأمين العام الجديد لاتحاد الشغل، قد أعلن في تصريحات إعلامية سابقة، أن الطريق صارت مسدودة في التواصل مع وزير التربية والتعامل معه، ملاحظا في الآن ذاته أن الاتحاد ليست له أي مشاكل شخصية مع أعضاء حكومة الوحدة الوطنية. وجاء موقف الطبوبي مخالفا لمواقف القيادة السابقة للمنظمة الشغيلة التي حافظت على شيء من الحياد والدبلوماسية في علاقاتها مع وزير التربية الحالي. وقال الطبوبي إن التلاميذ على موعد قريب مع الامتحانات، وإن المصلحة العامة تقتضي البحث عن خيارات وبدائل عن وزير التربية الحالي ناجي جلول. ووجه دعوته إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد للتفاعل إيجابيا مع مطالب الأطراف النقابية. وأكد الطبوبي أن المنظمة الشغيلة لن تقبل بـ“إهانة كرامة المدرسين أو أي عامل كان”. وتضم تونس نحو 65 ألف مدرس في المرحلة الابتدائية، و91 ألف مدرس في المرحلتين الإعدادية والثانوية، بحسب أحدث بيانات وزارة التربية. ويدرس قرابة مليون و93 ألف تلميذ في 6070 مدرسة عامة، موزعة بين 4562 مدرسة ابتدائية، و1508 مدارس بين إعدادية وثانوية، بينما توجد حوالي 320 مدرسة خاصة.
مشاركة :