طعنت الأمم المتحدة أمس، بنزاهة محاكمة سيف الإسلام القذافي وأعوان والده في طرابلس، واعتبرت أن العملية برمتها لا تلتزم المعايير الدولية لحقوق الإنسان، خصوصاً في ما يتعلق بسوء معاملة المتهمين واحتمال تعرضهم للتعذيب. وجددت مطالبتها السلطات الليبية بتسليم نجل العقيد معمر القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية لتوفير محاكمة عادلة له. ورفضت الأوساط الرسمية الليبية ما وصفته بـ «مزاعم» تضمنها تقرير الأمم المتحدة، وأبلغت مصادر الادعاء العام الليبي «الحياة»، بأن تسليم القذافي الابن يتعارض مع القوانين الليبية، مشيرة إلى رد رسمي يجري إعداده بهذا المعنى لتسليمه إلى مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم والتي تتخذ من جنيف مقراً لها. وقالت لـ «الحياة» مصادر مطلعة على ظروف احتجاز القذافي الابن في الزنتان، إنه «التقى في الآونة الأخيرة والدته صفية» أرملة العقيد القذافي و «أبلغها رفضه مغادرة الزنتان» القرية الجبلية الواقعة في أقصى الغرب الليبي. وأوضحت المصادر أن سيف استقبل والدته في منزل يخضع فيه لإقامة جبرية في الزنتان، وأطلعته على عرض روسي بقبول لجوء أفراد من الأسرة، لكنه أبلغها بأنه «ليس مطمئناً للحراك المتعلق بإخراجه من الزنتان»، وشدد على أنه «لا يثق بأي جهة أخرى، ولا يضمن سلامته ويخشى على حياته إذا غادر الزنتان». ويخضع نجل القذافي و36 مسؤولاً سابقاً في نظام والده لمحاكمة بتهم ارتكاب جرائم حرب خلال قمع الانتفاضة ضد نظام العقيد القذافي في العام 2011. وأصدرت محكمة جنوب طرابلس في تموز (يوليو) 2015، أحكاماً بالإعدام بحق المتهمين، ويجري حالياً استئناف الأحكام. وأشار تقرير لبعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا والمفوضية العليا لحقوق الإنسان، إلى انتهاكات خلال المحاكمات التي «لم تطبق المبادئ والمعايير الدولية للمحاكمة النزيهة وتمثل أيضاً انتهاكاً للقانون الليبي في بعض النواحي». وأكد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين في التقرير، أن «تحميل المعتدين مسؤولية انتهاكات مسألةٌ في غاية الأهمية، إلا أن المحاسبة يجب أن تأتي نتيجة لإجراءات قانونية ومحاكمة عادلة». وأضاف أن «هذه المحاكمة كانت بمثابة فرصة ضائعة للعدالة وللشعب الليبي، لتحقيق إمكانية مواجهة سلوك النظام السابق والتأمل فيه». وفصّل تقرير الأمم المتحدة «انتهاكات جدية» في الإجراءات القانونية، بما فيها «الحبس الانفرادي للمتهمين لفترات مطولة وسط ادعاءات بالتعذيب لم يتم التحقيق فيها بشكلٍ كافٍ». ونقل عن محامي الدفاع قولهم إنهم واجهوا صعوبات متكررة في لقاء المتهمين في ظل غياب سجل رسمي كامل للمحاكمات. ودعا التقرير إلى إعادة النظر في قانون العقوبات وضمان حق المتهمين في الوصول إلى محاميهم أثناء التحقيق، وتعزيز ضمانات أخرى متعلقة بالحصول على محاكمة عادلة. كما حضّ التقرير ليبيا على الامتثال لالتزاماتها الدولية وذلك بتسليم سيف الإسلام الذي اعتُقل في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، إلى المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي «تماشياً مع التزامات ليبيا الدولية»، وأشار إلى أن الحكومة الليبية «غير قادرة على ضمان اعتقاله وتسليمه». ويُفترض أن تراجع محكمة النقض الليبية الإجراءات التي اتُبِعت في هذه القضية ولكن ليس الوقائع والأدلة. ورأى تقرير الأمم المتحدة أن «مثل هذه المراجعة لا تُعدّ استئنافاً كاملاً وفق المعايير الدولية». يُذكر أن الأحكام التي أصدرتها محكمة في طرابلس في 2015، شملت سيف الإسلام الذي حكم غيابياً، وصهر القذافي رئيس استخباراته عبدالله السنوسي، ورئيس الوزراء المخلوع البغدادي المحمودي، إضافة إلى عدد من المتهمين الآخرين.
مشاركة :