"فين قلبي" فيلم موسيقي مرح بعيدا عن عناء السياسة بقلم: هشام السيد

  • 2/24/2017
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

فين قلبي فيلم موسيقي مرح بعيدا عن عناء السياسة بعد غياب اقترب من أربع سنوات عن شاشة السينما عاد الفنان المصري مصطفى قمر إلى الإنتاج والبطولة من جديد، من خلال فيلم فين قلبي الذي يعرض حاليا في دور العرض السينمائية المصرية، واستمد اسمه من أغنية شهيرة غناها مطرب مصر الراحل محمد فوزي. العربهشام السيد [نُشرفي2017/02/24، العدد: 10553، ص(16)] بين خيارين يدور الفيلم المصري “فين قلبي” للمخرج إيهاب راضي في إطار رومانسي كوميدي، في ما يسمّيه النقاد “لايت كوميدي”، ويتناول موضوع الإخلاص في العلاقات العاطفية والصداقة، ويتناسب مع جميع الفئات العمرية، حيث لا ألفاظ خادشة للحياء ولا مشاهد جريئة عارية، ويقدم قمر من خلاله نجله تيام الذي سبق وظهر في أعمال أخرى مثل مسلسل “أبو لبنات” لمصطفى شعبان. والملاحظ أن صناع الفيلم ابتعدوا عن السياسة أو القضايا الراهنة، وغرّدوا خارج السرب، وربما دفعهم إلى ذلك إحساسهم بحاجة المشاهد إلى استراحة من عناء المشكلات المجتمعية والسياسية ليشاهد عملا خفيفا وممتعا. ولم يكن الاعتماد على أربعة نجوم في فيلم “فين قلبي” بالأمر الهين والبسيط، فقد استطاع المخرج إيهاب راضى بلغة سينمائية راقية أن يدير دقائق الفيلم بعناية فائقة، وزّع من خلالها “الكادرات” على الأبطال الأربعة، مصطفى قمر، وشيري عادل، ويسرا اللوزي، وإدوارد، بشكل سلس لا يُشعر المشاهد بأن أحدهم يسيطر على دفة الأحداث على حساب الآخر. ورغم أن قمر استحوذ على اللقطات الأولى مع بداية الفيلم عندما استيقظ “يوسف” (وهو الشخصية التي يؤديها) مفزوعا من كابوس طارده خلال نومه، إلا أنه مع تتابع الأحداث ندرك أن الهدف ليس التأكيد على أنه صاحب العمل، وإنما نحن أمام ضرورة درامية أخذت شكلا تشويقيا يجعل المشاهد للفيلم يتساءل طوال الخمس عشرة دقيقة الأولى منه عن أسرار هذا الكابوس وأسبابه؟ وأحداث الفيلم تجري خلال الفترة من العام 2013 وحتى العام 2016 وركزت على جماليات المكان ونقاء الصورة والابتكار في “الكادرات”، إذ أنه -وللمرة الأولى في فيلم مصري- يعتمد المخرج على وسيلة “الفيديو كول”، وتقسيم الشاشة إلى نصفين بين هانيا (شيري عادل) ويوسف (مصطفى قمر) في مشهد كامل، لينتبه المشاهد لردود أفعال البطلين ويتوقع أن ثمة علاقة عاطفية قادمة بينهما. يوسف تربطه علاقة زواج بفريدة التي تجسدها يسرا اللوزى ويعيشان معا قصة حب كبيرة، لم نرها على الشاشة في الدقائق الأولى من الفيلم، إلا أن صناع الفيلم اعتمدوا على عنصر التشويق فجعلونا نركز على “جرس المنبّه” في هاتف يوسف المحمول الذي يدق في منتصف الليل من كل يوم، فينتفض من مكانه متحججا بعمل مهم وعاجل، ليظهر في مشهد آخر وهو يستمع مهموما إلى مقطوعة موسيقية هادئة، ما يجعلنا نلاحظ أن ثمة وجيعة ما يمر بها. ومع تصاعد الأحداث والمفارقات الرومانسية بين مصطفى قمر وشيري عادل، تظهر فريدة (يسرا اللوزي) التي تعرضت لحادث مأساوي كبير دخلت على إثره في غيبوبة استمرت لثلاث سنوات. ظل يوسف يرسل لفريدة (زوجته) باقات من الورود التي اعتادت عليها ليؤكد أنه طوال فترة مرضها لم يتراجع عن حبها أو يتخلى عنها، وهو ما أراد صناع الفيلم من ورائه التأكيد على الحياة الصعبة التي يعيشها الزوج خلال مرض زوجته، وأيضا كمبرر لأن يتعرف على أول امرأة جديدة تلفت انتباهه فيدخل معها في علاقة حب ويتزوجها، وكأنما هي بمثابة استراحة من أوجاعه. براعة المؤلف محمد أمين مع جودة السيناريو الذي كتبه كل من مصطفى قمر وإيهاب راضي، جعلت لبطل الفيلم العديد من المبررات المقبولة لكل ما أقدم عليه هنا لن يغفل المشاهد براعة المخرج إيهاب راضي في إنجاز مشهد الحادث، حيث تفوق فيه بشكل كبير وخطف قلوب المشاهدين خلال تلك الثواني التي تصطدم فيها السيارة. ومع ذلك المزيج المختلط بين الحركة السريعة والإيقاع البطيء يشعر المشاهد أنه يعيش تلك اللحظات في “كادر” سينمائي متميز، لاعتماده على إظهار يسرا اللوزي ومصطفى قمر وهما بداخل السيارة، بينما الزجاج يتطاير حول وجهيهما، ثم يفتح الكاميرا على “كادر” أوسع ليأتي بالسيارة وهي تطير في الهواء لتستقر على الأرض. ذلك المشهد، يمكن اعتباره “المشهد الرئيس”، أو “الماستر سين” للفيلم ليس فقط لبراعة تصويره، ولكن لكون الحادث، هو المحرك الأساس لكل أحداث الفيلم لاحقا. وبعد أن جاء مشهد الحادث على طريقة “الفلاش باك”، يظهر لنا مصطفى قمر في حالة ارتباك ما بين ذكرياته مع زوجته التي تماثلت للشفاء من الغيبوبة باعتبارها حب الطفولة وزوجته الجديدة التي ستنجب له طفلا يتمناه. براعة المؤلف محمد أمين مع جودة السيناريو الذي كتبه كل من مصطفى قمر وإيهاب راضي، جعلت لبطل الفيلم العديد من المبررات المقبولة لكل ما أقدم عليه، ورغم الظلم الذي يقع على كلتا الزوجتين، إلا أن الكوميديا لعبت دورا مهما في عدم النفور من البطل، وربما التعاطف معه. وكانت الموسيقى داخل أحداث الفيلم فائقة التميز وشكلت سمفونية فنية متجانسة مع الأحداث، ما يدل على أنه عمل جماعي لا يعتمد على فرد أو رأي واحد. وباعتبار أن يوسف (مصطفى قمر)، يمتلك معرضا لبيع الآلات الموسيقية لمشاهير الغناء والموسيقيين، فقد أعطى ذلك مبررا لظهور بعض ضيوف الشرف في الفيلم، مثل الفنان حمادة هلال، وحميد الشاعري، بشخصيتهما الحقيقيتين داخل الغاليري، في حيلة ذكية من صناع الفيلم للترويج له قبل العرض في دور السينما لجذب المشاهدين. كما ظهر العديد من ضيوف الشرف الآخرين من أمثال الفنان محمد لطفي الذي ظهر في مشهدين فقط، مجسدا شخصية ضابط شرطة، ولطفي لبيب في دور طبيب، والممثلة شيرين التي جسدت شخصية صاحبة محل زهور، وناصر سيف في دور رجل أعمال لبناني يعيش في مصر. أما الفنان عزت أبوعوف الذي أدى دور والد يوسف خلال أحداث الفيلم، فلأنه من المفترض أن يكون متوفيا خلال سياق الأحداث، فلم يظهر إلا في مشهد واحد بطريقة “الفلاش باك”. ولم يحرم صناع الفيلم المشاهدين من رؤية ضيوف الشرف مع الحرص على أن يترك كل منهم بصمته ولا يكون ظهورا لمجرد الظهور أو الترويج، فمع أن حميد الشاعري جاء بشخصيته الحقيقية، لكنه يغني مع يوسف بطل الفيلم مقطعا من أغنية “عودة”، وهي من كلمات سامح العجمي وألحان مصطفى قمر. كما أتى حمادة هلال إلى الغاليري لإصلاح آلة الماندولين الموسيقية الخاصة بابنته راما، حيث غنى أيضا مع البطل مقطعا من أغنية “أنا لك على طول” للراحل عبدالحليم حافظ. وتنتهي أحداث الفيلم بصراع محتد بين الزوجتين (اللوزي وعادل) على من تفوز منهما بالزوج، حيث ترى كل زوجه أحقيتها به، ما يجعل البطل يلجأ إلى نهاية ربما لم تكن مقبولة باعتبارها مستهلكة في معظم الأعمال السينمائية بأن يَدّعي تعرضه لحادث يفقد على إثره الذاكرة.

مشاركة :