فنان يسير على خطى والده الذي لم تكن تعنيه النجومية بقلم: هشام السيد

  • 9/26/2017
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

فنان يسير على خطى والده الذي لم تكن تعنيه النجومية بعد اختفاء الكثير من النجوم الكبار عن الدراما التلفزيونية والسينمائية المصرية، إما لكبر السن وإما للرحيل، يجد المشاهدون أنفسهم هذه الأيام أمام مجموعة من الممثلين الشبان الجدد الذين يقدمون أدوارا متميزة ولفتوا إليهم الانتباه، ومن هؤلاء الفنان أحمد عبدالله محمود الذي جذب الأنظار بطريقة أدائه للكثير من الأدوار، وتقمصه بحرفية عالية لشخصياته ما جعل النقاد يتوقعون أن يصبح قريبا واحدا من النجوم المؤثرين في الفن المصري والعربي. العرب هشام السيد [نُشر في 2017/09/26، العدد: 10763، ص(16)]من شابه أباه فما ظلم القاهرة - أحمد عبدالله محمود، هو ممثل مصري شاب بدأ حياته الفنية منذ عام 2005 في السينما والتلفزيون، وأدى العديد من الأدوار المساعدة في أفلام مهمة، مثل “كباريه”، و”الفرح”، و”صرخة نملة” و”الجزيرة 2”، وفي التلفزيون “إحنا الطلبة”، و”الركين” و”الحارة”، إلى أن أصبح نجما بين صفوف الشباب في السنوات القليلة الماضية وتولى وحده بطولة فيلم “حرام الجسد”، ومؤخرا شارك في بطولة مسلسلات “ستات قادرة”، و”وش تاني”، و”الأب الروحي”، و”الأسطورة”، و”الخروج” و”الكبريت الأحمر”. جسد محمود في أحداث مسلسل “وضع أمني”، من تأليف مصطفى حمدي وإخراج مجدي أحمد علي، دور الشقيق الأصغر و”المشاغب” للفنان عمرو سعد، وقدم شخصية ثرية فنيا تتصف بالعناد، لكن دون طموح أو هدف في الحياة يسعى لتحقيقه، إلى أن يتعرض لموقف تسبب في تحول شخصيته إلى النقيض فأصبح “متطرفا”. اللقطة الحدث في حديثه لـ”العرب” قال الممثل المصري الشاب إن التمثيل بالنسبة له فن وحدة المشاعر وربطها بالمواجع، لذلك فإن رصد الواقع يجب أن لا يكون مثار غضب من البعض، لأن الواقع الذي نراه على الشاشة ليس الواقع المعيش بكل ما فيه من صدمات وأوجاع، بل هو مجرد جرس إنذار للمجتمع. الواقعية والصدق والبساطة في الأداء سلاحه الأول لذلك يحرص على أن تكون الجرأة محسوبة، وأكد أنه “بحسب العمل تكون الجرأة، إلى جانب الحدوتة والأفراد القائمين على العمل، وإذا كنت سأشير إلى فيلم ‘حرام الجسد’ وما به من جرأة فأنا لم أكن لأقبل به إن لم يكن المخرج هو خالد الحجر والشركة المنتجة هي أفلام مصر العالمية، وهكذا فإن عناصر العمل ككل شجعتني على خوض التجربة، وأعتبره واحدا من أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية مؤخرا”.الفنان الراحل عبدالله محمود رغم وفاته في سن مبكرة ترك وراءه أعمالا مؤثرة جدا ما زال الجمهور يذكرها له ورغم جرأته في اختيار أدواره وتجسيدها على الشاشة متحررا من أي قيود مجتمعية قد تعيق رسالته، فهو على المستوى الإنساني إنسان خجول إلى حد ما، بل كان انطوائيا في مرحلة المراهقة، لكن الفن ساعده كثيرا في التغلب على هذا الخجل، لأنه كلما تقدم خطوة إلى الأمام زادت ثقته في نفسه وتأكد من موهبته. ويُعاني محمود كثيرا من تبعات مشهد ارتداء “قميص نوم حريمي” في مسلسل “الأسطورة”، بطولة صديقه محمد رمضان وإخراج محمد سامي، ومعروف أن إجبار الرجل على ارتداء ملابس الحريم والسير بها أمام الناس أصبح طريقه للثأر بين الطبقات الشعبية وفي المناطق العشوائية المصرية. وعن المشهد قال محمود لـ”العرب” “إنه لا يمكن فهم هذا المشهد من دون إدراك الرسالة المهمة من ورائه في المسلسل، حيث مثلت شخصية ‘مرسي’ التي جسدتها تحديا كبيرا أمامي لما فيها من تناقضات تُغري أي ممثل لديه وعي بتأثير تلك الشخصية في مسار الأحداث”. “مرسي” كان مثالا للشخص النذل الجبان الذي لا يؤمن بأي تقاليد مجتمعية، واستشعر محمود ما ستكون عليه ردود الأفعال منذ بداية قراءته السيناريو، “أنا ابن صعيد مصر وتربيت في روض الفرج (إحدى المناطق الشعبية بوسط القاهرة)، وبالتالي أعرف جيدا عاقبة أن يرتدي رجل ‘قميص نوم حريميّا’ حتى وإن كان تمثيلا، لذلك حرصت على تقديم الشخصية بطريقة لم يعتدها المشاهد كي أخلق نوعا من القبول لديه”. وبالنسبة لتنوع ثقافة الجمهور ومدى قبوله للأدوار الغريبة عنه نوعا ما، أوضح أن الناس يبحثون عن المباشرة ويرتبطون بمن يشبههم ويعبر عن أحوالهم، لكن هذا التوجه لن يكون مثمرا على المدى البعيد، لأن نتيجته التسطيح لا محالة، لذلك من الضروري تغيير هذه الثقافة بتقديم أعمال متنوعة تصل إلى كل المستويات وترتقي بفكر الآخرين. والانخراط الكامل بين الناس، خاصة في الأماكن الشعبية، سمة مهمة يحافظ عليها محمود بحثا عن متناقضات الشخصية في كل إنسان، إلى جانب إشباع العين بمتغيرات الحارة الشعبية وتعاملات الناس بما تمثله من مخزون استراتيجي للفنان يخرج كرد فعل مع أي شخصية يجسدها، “لذلك تجدني حريصا دائما على حضور الأفراح في هذه المناطق حبا في مصريّتي وشغفا بالتزوّد منها”. على خطى أبيه يؤكد أحمد عبدالله محمود دائما أنه يسير على خطى أبيه الممثل الراحل عبدالله محمود في البحث عن قيمة الفن وتأثيره في الناس والمجتمع دون البحث عن أدوار البطولة أو المساحات الكبرى، ومع هذا فهو لا ينكر أن أي فنان حقيقي لا بد أن يكون “طمّاعا” طامحا إلى نجاح أكبر طالما أنه يمتلك أدواته الفنية التي تؤهله لذلك. والفنان الراحل عبدالله محمود -والد أحمد- رغم وفاته في سن مبكرة (40 عامًا) ترك وراءه أعمالا مؤثرة جدا مازال الجمهور يذكرها له، مثل “الطوق والأسورة”، و”طالع النخل”، و”المواطن مصري”، و”إسكندرية ليه”، و”شمس الزناتي”، و”الطريق إلى إيلات”، و”حنفي الأبّهة”.. وغيرها. والطمع الفني عند الفنان الشاب يجب أن يكون مرهونا ببعض العناصر، في مقدمتها إدراك المستقبل وهل سيصدقه الناس أم سيترك نفسه للنسيان والزوال الفني؟ ولا يمانع محمود في المشاركة في أي عمل حتى وإن كان مشهدا واحدا أو اثنين، شريطة أن يكون مؤثرا في العمل والجمهور، مثلما فعل أبوه في فيلم “العاصفة”، قال “لن ينسى أحد دور عبدالله محمود في هذا الفيلم، رغم أنه ظهر فيه بمشهدين فقط”.محمود لا مانع عنده من المشاركة في أي عمل حتى وإن كان مشهدا واحدا أو اثنين، شريطة أن يكون مؤثرا في الجمهور وأضاف “أنا أبحث دائما عن العمل الذي يعيش في وجدان المشاهد ولا أسعى للبحث عن الانتشار لمجرد جمع الأموال، فأنا تربيت في منزل عبدالله محمود الذي كان دائما يقبل بأدوار بلا مقابل مادي ليترك بصمته عند الناس، وعندما كنت أسأله عن السبب كان يجيبني بقوله ‘ ما الذي تعتقد أن يقوله الناس عني عندما يشاهدون فيلم ‘المواطن مصري’ أو ‘الطريق إلى إيلات’؟”. ومحمود الابن من الفنانين الذين لا يتقيدون بخريطة فنية محددة لمستقبله الفني، ويبرر ذلك بأنه يسعى إلى عمل كل شيء يعود بالنفع على الناس ويُضيف لمشواره الفني، ويضيف “أنا في مرحلة لا يمكنني أن أفرض فيها فكرة معينة أو مؤلفا معينا أو توليفة فنية خاصة بي على منتج أو شركة إنتاج مثلما يفعل البعض.. لا ليست لديّ خطة فنية محددة على الأقل في المرحلة الراهنة”. وتابع “أنا فنان رسالتي إيصال مفهوم وثقافة وليس تصحيح صورة، وإذا نجحت في هذا الهدف كفرد من المجتمع العربي والإسلامي فلن نحتاج إلى الدفاع عن الإسلام بأنه السماحة والتعايش وقبول الآخر وليس إرهابا كما يراه الفن أو الإعلام الغربي”. والسينما عند محمود تعتبر الأرشيف الفني المهم للفنان، لذلك يعترف بخوفه الشديد منها، ليس رهبة من التجربة، ولكن ما يشغله هو القيمة التي سيُخلفها من مشاركاته السينمائية، خاصة بعد تقديم فيلمه “حرام الجسد”، كما أنه لا تعنيه كثيرا مسألة تحديد أجره الفني، لأن المسلسلات التلفزيونية أصبحت هي المتحكم في تحديد أجر الفنان باعتبارها سلعة رائجة لدى الفضائيات طوال العام. وتكرار الأدوار مرفوض تماما عنده، ولذلك استطاع الخروج من دائرة البلطجي أو اللص، التي بدأ المنتجون يرونه فيها لملامحه المصرية شديدة القرب من الناس، وهي نفس الإشكالية التي واجهها مع شخصية الضابط التي تكرّر عرضها عليه، وقرّر أن يتغلب على هذا الاستسهال في الحصول على الأدوار بمسلسله الأخير “الأب الروحي” وجسد شخصية الشاب الوسيم الشرير الذي يتلاعب بقلوب الفتيات. ويرى الفنان الشاب أن مصطلح البطولات المطلقة أو الجماعية غير صحيح على الإطلاق، لأن العمل الجيد الذي يؤثر في أكبر عدد من المشاهدين دون النظر إلى أن هذا العمل بطولة جماعية أو مطلقة، ويضرب مثالا على ذلك مسلسل “الأب الروحي” الذي كان أغلب ممثليه من الشباب المبتدئين، قائلا “الدراما عندي هي البطل دائما”.

مشاركة :