ها نحن نقف على أعتاب الأعياد الوطنية التي ستشتعل فيها الشوارع فرحا عبر هدر ملايين من غالونات الماء ورمي أطنان من القمامة والنفايات والأوساخ في الشارع، وسنجدُ آلاف السيارات التي تجوب شوارع الخليج العربي وهي تصدح بالأغاني العراقية الحزينة التي تملأ الدنيا صخبا وازعاجاً، ولا يوجد لها سياق في مناسبة الفرح التي نعيشها، إما بالتحرير من الغزو العراقي الغاشم أو بالاستقلال عن بريطانيا.إنَّ الأمر المستغرب أنَّ الاحتفالات الوطنية تمحورت عن مضمونها الذي يهدف إلى تأصيل مبادئ العزة والتضحية وحب الوطن واستذكار من ضحى بنفسه وماله من أجل الكويت وحريتها... تمحورت إلى مظاهر الخلاعة والرقص التي لم تعرفها الكويت في احتفالاتها الا في وقت قريب.لا أعتقد أنَّ اللوم يقع على من امتهن الرقص والغناء في الاعياد الوطنية - وإن كان جزءا من الظاهرة - ولكنَّ اللوم يقع على عاتق الدولة والمؤسسات الثقافية التي لا بد عليها وأنْ تكون رافدا أساسيا في تثقيف الناس والأجيال التي لم تعرف الغزو ولم تسمع به إلا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، والدور الأكبر يقع على الأسرة التي عاشت الغزو والاحتلال العراقي في أنْ تعلم أبناءها معنى حب الكويت عن طريق مجالات الابداع والفن والعلم والثقافة، بعيدا عن مسيرات السيارات ورش الماء والصابون وغيرها من المظاهر الفوضوية التي ما أنزل الله بها من سلطان.وبنظرة أخرى للاحتفالات الوطنية نجد أنَّ الوطنية تختزل في بعض الأغاني والرقصات والمسرحيات فقط، ونجد هدرا لميزانيات طائلة في سبيل الاحتفال بالأعياد الوطنية!، إذا أردتم الاحتفال فعلا فلا بد عليكم أولا أن تعرفوا معنى الوطن وكيف تفرحون بتحرير وطن استطعتم أن تحولوه من بلد منهار من بعد الغزو إلى بلد يفترض بكل ما يملكه من مقدرات أن يكون من الدول المتقدمة في المنطقة والعالم، فالوطنية التي تحتاجها الكويت هذه الأيام هي وطنية العمل والإخلاص والتفاني في العمل وحب الوطن، لا وطنية الرقص والغناء والردح على شارع الخليج.*«هِشِّكْ بِشِّك» يعتبر لغويا اعتباطا لغويا ناتجا عن المماثلة لصوت ذي علاقة بمدلول معيَّن، وبطريقة أسهل هو تعبير يدل على الخلاعة والمجون، ويطلق كثيرا على وصف المرأة اللعوب، فهذا التعبير الاعتباطي يختزل كثيرا من السُباب والقذف والشتيمة بطريقة مهذبة ورمزية.خارج النص:أحد طلابي يقول لي: أستاذ تحب الكويت؟ فقلت له: أكيد أحبها هي وطني وبلد أهلي، فقال لي: وهل الكويت تحبك؟ سؤال يستحق أنْ أقف عنده كثيراً، فقلت مبتسما: أجيبك لاحقا يا بُني.AlSaddani@hotmail.com
مشاركة :