علاء الدين محمود نال الكاتب والمسرحي، هارولد بنتر، جائزة نوبل للآداب على مجمل إنتاجه المسرحي في عام 2005، ويعتبر بنتر «1930 - 2008»، كاتب مسرحي من طراز مختلف، فهو من الذين يحرصون على تضمين مواقفهم الفكرية والفلسفية داخل نصوصهم المسرحية، وهو يصنف من كتاب مسرح العبث، أو اللامعنى، الذي تقوم فكرته على عبثية الوجود الإنساني، حيث لا يوجد هدف، وربما كانت للأحداث والفظائع والكوارث التي مرت بها البشرية الدور الأكبر في بروز هذا الاتجاه، فالعنف الذي تتعرض له البشرية في المنعطفات التاريخية الكبيرة، تطرح مباشرة سؤال الوجود، قيمة ذلك الوجود، إذ إن عذابات البشرية تمتحن كثيراً من القيم الاجتماعية، بالتالي يصبح من الطبيعي أن تحتشد كتابات بنتر وغيرها من كتابات هذا الاتجاه بالمقولات والمواقف الفلسفية، فاللامعنى هو في ذاته موقف فلسفي من الوجود والحياة، وقد برع في مسرح العبث الكثير من الكتاب الكبار مثل آرثر أداموف، وصمويل بكيت، ويوجين يونسكو، وغيرهم من الأدباء المسرحيين.هذا المسرح يضع الإنسان في مواجهة الفظائع بأسلوب كوميدي مأساوي، وتلك الصدمة التي ينقلها النص المسرحي إليك هي مقصودة، لينتقل الصراع إلى مواجهة للذات، واعتبر ذلك النوع من المسرح نقلة كبيرة في الفنون المسرحية وانقلاباً على الأدب التقليدي، وصارت هذه العبثية تقدم بطريقة قادرة على التعبير عن الإنسان، خبرته، وصراعاته، ووجوده، وقد برع بنتر كثيراً في هذا الجانب، رغم غموض نصوصه، ولكنه الغموض الذي يبدو مفهوماً، فالاتجاه نحو الألغاز هو من سمات أدب مسرح العبث، وهنا يبدو بنتر شديد التأثر بالكاتب الإيرلندي الكبير، صمويل بكيت، والذي اعتبرت مسرحيته «في انتظار جودو»، أفضل النصوص المسرحية في القرن العشري، ويبدو بنتر كذلك متأثراً بطفولة أسهمت في ترسيخ هذا الاتجاه لديه، فقد جاء من رحم المعاناة لأبوين من الطبقة العاملة، فانحاز للفقراء والكادحين المنسيين، الذين يقبعون في هامش المجتمع، وهم الذين أصبحوا أبطالاً أساسيين في مسرحيات بنتر.في بداياته تأثر كغيره من المسرحيين بأدب وليم شكسبير، ولأنه بدأ ممثلاً فقد قام بلعب أدوار في مسرح شكسبير في المدرسة، وعمل كذلك في فرقة مسرحية متنقلة باسم «ديفيد بارون»، وهو اسم مستعار عمل به، وقد برع كممثل في مسرحية جان بول سارتر «الأبواب الموصدة»، وكان بنتر متعدد المواهب، فقد كتب القصة القصيرة، والرواية، وأدب السيرة الذاتية، والشعر، وقدم بنتر الكثير من الأعمال المسرحية قد فاقت ال29 عملاً مسرحياً.
مشاركة :