قالت المحامية هدى الشاعر إن المحكمة الشرعية السنية برئاسة القاضي عبدالرحمن محمد الفاضل، وعضوية القاضيين فيصل بن عبدالله الغرير، وعبدالإله المرزوقي وأمانة سر محمد حمد أبو الشوك، قضت بثبوت نسب الابن لوالده المدّعى عليه وإلزام الأب بالرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة . وقالت المحامية هدى الشاعر وكيلة الأم المدعية إنّ ملابسات الدعوى تتلخّص في أن موكلتها طليقة الأب المدعّى عليه، وقد حملت قبيل إيقاع الطلاق بابنهما، بيدَ أنها لم تعلم بالحمل إلا بعد إيقاع الطلاق، كما ثبت من التقرير الطبي المرفق بأوراق القضية، والذي أوضِح امتداد بدايات حمل المدعيّة إلى ما قبل إيقاع الطلاق، فقد كانت في وقت إجراء الفحص في الأسبوع السادس وأربعة أيام من الحمل، مما يقطع يقيناً بحصول الحمل ما قبل إيقاع الطلاق. وأردفت الشاعر أنه وعلى رغم ثبوت حصول الحمل أثناء انعقاد رابطة الزوجيّة بينَ طرفَي الخصومة، إلا أنّ المدعّى عليه مُنكِر نسبة الابن له ورافض لاستصدار الأوراق الثبوتية كافة، ومنها شهادة الميلاد بما يثبت نسبة الابن له، علماً أن الابن معرّض لخطر داهم ومحدق إثر التأخير في استصدار شهادة الميلاد، كون المراكز الصحية الحكومية والخاصة رافضة لإجراء عملية (الختان) له، وهو يعاني من مشكلة طبية مرتبطة بهذا الأمر، حيث إن عدم إتمام عملية الختان يؤثّر في الوقت الراهن على مسالكه البولية وإمكانيته في التبوّل الطبيعي من دون آلام شديدة مصاحبة لهذه العملية. ودفعت المحامية بأن حق موكلتها الأم المدعيّة والابن في إثبات نسبه لأبيه أمرٌ ثابت بمقتضى الشرع والقانون، وسندنا في ذلك قوله تعالى: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا) . وأضافت مسترسلة أنه من المستقّر عليه لدى مَجْمَع فقهاء الشريعة بأن من طرق إثبات النَّسب الخاصة هو (الفراش). وقيل: إنَّ معنى الفراش اسمٌ للزوجة، وقد يُعبر به عن حالةِ الافتراش، وقيل: إنه اسم للزَّوجِ، وقيل: زوجة الرجل، وقد وردت أحاديثُ في الافتراشِ؛ منها حديثُ أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): «الولد للفراشِ، وللعاهر الحجر»؛ أي: إنَّ الولد يلحقُ في الفراش، وقد قال أبو حنيفة: إنَّ الفراشَ يثبت بمجردِ العقد، وإنَّ مجردَ الظنية كافية فيثبت نسبه. والرَّاجحُ عند المالكيةِ أنَّ الفراشَ يحدث بالعقدِ وحدَه، فقد عرَّفه الدردير في شرحِه الصغير أنه في عرفِ الشرع «عقدٌ لحلِّ تمتُّعٍ». وما موقف قانون أحكام الأسرة - القانون الواجب التطبيق في دعوانا الماثلة - إلا تطبيق مباشر ومصداق لما سبق بيانه من أدلة من القرآن والسنة واجتهادات الفقهاء، ومن ذلك: المادة (70) والتي نصت على أن: «تكون البنوة شرعية وتترتب آثارها الشرعية عليها بالنسبة للأب في حالة ثبوتها بأي من طرق الإثبات». م (74): «طرق ثبوت النسب: أ- عقد الزوجية الصحيح، أو الدخول بشبهة وذلك مع مراعاة حكم المادة (73) من هذا القانون (...). ج- «البينة الشرعية». م(75): «نسب ولد كل زوجة في الزواج الصحيح إلى زوجها بشرطين: أ- مضّي أقل مدة الحمل على عقد الزواج. ب- ألا يثبت انتفاء إمكان التلاقي بين الزوجين بمانع حسي من تاريخ العقد إلى الولادة، أو حدوث المانع بعد الزواج واستمراره أكثر من سنة قمرية، فإذا زال المانع وجب لإثبات النسب انقضاء أقل مدة الحمل من تاريخ زوال المانع». بناء على التفصيل السابق وتأييداً للدفوع المُقدمّة من وكيلة الأم والتي أخذتها المحكمة بعين الاعتبار انتهت المحكمة إلى القضاء بثبوت نسب الابن لوالده المدعّى عليه وإلزام المدعى عليه بالرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
مشاركة :