يشكل العُسْران 15 في المائة من البشر، وتظهر الصور الشعاعية أجنة في الشهر الثالث وهـــــــم يضعون إبهامهم الأيســــــر أو الأيمــــن في أفواههم. بهدف معــرفة أسباب ولادة البعض وهم عسران، أخضع العلمــــــاء الألمــــــــان الأجنة إلى الفحص وهم في أرحام أمهاتهم. توصل العلماء الألمان إلى أن تغييرات جينية «غير متناظرة» في النخاع الشوكي للجنين، أثناء فترة الحمل، هي التي تحدد ما إذا كان الوليد سيكون أعسر أم أيمن. وكان المعتقد حتى الآن أن الدماغ هو الذي يقرر ذلك. ورصد الباحثون من جامعة بوخوم الألمانية تغييرات جينية غير متماثلة في النخاع الشوكي للأجنة في الأسبوع الثامن من الحمل. ما هو أهم، هو أن هذا القرار لا يتعلق بالجينات فقط، وإنما بتراكمات تتعلق بنشوء غير بنيوي تسببه البيئة. وكتب العلماء في مجلة «إي لايف» أن قشرة الدماغ هي التي تتحكم بحركة اليدين، لكن النخاع الشوكي يقرر اليد الأساسية لإنسان المستقبل في المرحلة الجنينية. فحص الباحث أونور غونتوركون، المتخصص بعلم الجينات من جامعة الرور، حركة الجينات في النخاع الشوكي للأجنة بين الأسبوعين الثامن والثاني عشر. وسبب هذا الخيار هو أن أجزاء الدماغ في هذه الفترة تكون غير متصلة بعد بالنخاع الشوكي، ويتحرك الجنين خلالها فقط بأوامر النخاع الشوكي. ورصد غونتوركون حركة غريبة للجينات تقرر اليد اليسرى أو اليمنى في النخاع الشوكي، رغم أنها لا تتصل بالدماغ في هذه المرحلة الجنينية. وحصلت هذه التغيرات غير المتماثلة تمامًا في منطقة النخاع الشوكي التي تقرر حركة القدمين واليدين في الجنين. ولاحظ العالم أن هذه الاصطفافات قررت بعد الولادة ما إذا كان الوليد أيمن أم أعسر. وكتب العلماء أن هذه الحركة حصلت بشكل غير متماثل، وقررت اليسار أو اليمين في الجنين، بين الأسبوعين الثامن والثاني عشر. إلا أن هذه الحركة تماثلت بين يسار ويمين في النخاع الشوكي بعد هذه الفترة، لكن القرار حول يسارية أو يمينية الجنين، كان قد اتخذ. مع ذلك، توصل العلماء إلى أن الجينات لم تقرر هذه التغيرات غير المتناظرة بمفردها، وإنما البيئة شاركت أيضًا؛ إذ رصدوا تراكمًا لمجموعة «المثيل Methyl» في الحمض النووي، قرر خيار اليد. كما لاحظوا اختلافًا في الحمض النووي بين جهتي النخاع الشوكي في الجنين عزز الخيار الجيني بين أعسر أو أيمن. وكتب غونتوركون أنه بعد اكتشاف مسؤولية النخاع الشوكي عن خيار الأيسر أو الأيمن، فإنه يستطيع تحميل التغيرات البيئية المسؤولية عن ذلك بنسبة 70 في المائة.
مشاركة :