يواجه حفل توزيع جوائز الأوسكار تحديات متنوعة، اليوم، في مقدمتها قضية الأعراق، إضافة إلى مقاطعة بعض المرشحين للجوائز حضور الحفل. استنكر صناع الأفلام الخمسة الناطقة بلغات أجنبية والمرشحة للحصول على جوائز الأوسكار، أمس الأول، ما وصفوه "بمناخ التعصب والقومية" بالولايات المتحدة، وفي أماكن أخرى، وأهدوا جائزة الأكاديمية لفئة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية إلى قضية الوحدة وحرية التعبير. وعبر المخرجون، وهم من إيران والسويد وألمانيا والدنمارك وأستراليا عن هذا الرأي، في بيان، في حين حضر المئات تجمعا قبل إعلان جوائز الأوسكار. ونظمت التجمع واحدة من كبرى وكالات المواهب في هوليوود دعما لحرية التعبير والوحدة. يأتي هذا البيان، وكذلك التجمع في بيفرلي هيلز، عقب حملة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على السفر إلى الولايات المتحدة، وبعد شهور من الخطب الحماسية من مشاهير خلال عروض الجوائز ومسيرات. مقاطعة ويقاطع المخرج الإيراني أصغر فرهادي حفل الأوسكار الذي يقام اليوم، احتجاجا على حظر ترامب السفر من سبع دول ذات أغلبية مسلمة. وشجب فرهادي في حديثه أمام التجمع، عبر الفيديو من طهران، السياسيين الذين قال إنهم "يحاولون الترويج للكراهية، بل خلق الانقسامات بين الثقافات والتقاليد والجنسيات". ويعد فرهادي من بين مجموعة هاجمت "جدران الانقسام" وانقسامات "النوع واللون والأديان والممارسات الجنسية". وقال البيان: "نود أن نعبر عن رفضنا بالإجماع والمؤكد لمناخ التعصب والقومية الذي نراه اليوم في الولايات المتحدة وفي دول أخرى كثيرة غيرها، ولدى بعض السكان، وللأسف الشديد وسط سياسيين بارزين". ووقع البيان فرهادي مخرج فيلم "ذا سيلزمان"، ومارتن زاندفليت مخرج الفيلم الدنماركي "لاند أوف ماين"، وهانيس هولم مخرج الفيلم السويدي "ايه مان كولد أوف"، ومارين أدي مخرجة الفيلم الألماني "توني إيردمان"، ومارتن باتلر وبنتلي دين اللذان اشتركا في إخراج الفيلم الاسترالي "تانا". حرية التعبير وقال المخرجون: "بصرف النظر عمن سيفوز بجائزة الأكاديمية لأحسن فيلم ناطق بلغة أجنبية اليوم نرفض التفكير في الحدود. ونهدي هذه الجائزة لكل الأشخاص والفنانين والصحافيين والنشطاء الذين يعملون على تعزيز الوحدة والتفاهم والذين يدعمون حرية التعبير والكرامة الإنسانية". ويكرر هذا البيان أصداء الخطب التي ألقيت أمام تجمع بيفرلي هيلز الذي نظمته الوكالة المتحدة للمواهب في مكان الحفل السنوي لجوائز الأوسكار. وحثت الممثلة جودي فوستر التجمع الذي شارك فيه نحو 500 شخص على اتخاذ إجراء للدفاع عن الحريات المدنية والديمقراطية. الاختبار الحقيقي ومن جانب آخر، يؤدي الممثل ديف باتيل دور شاب يبحث عن أصو له الهندية ويجسد النجم دينزل واشنطن دور بطريرك أسود يكافح العنصرية، فيما تظهر الممثلة أوكتافيا سبنسر في دور عالمة رياضيات سوداء بارزة... وجميعها أدوار مرشحة لجوائز الأوسكار هذا العام. ومع وجود سبعة ترشيحات لممثلين وممثلات من أصحاب البشرة الملونة هذا العام نال الأوسكار الثناء لأنه حقق تقدما فيما يتعلق بالتنوع العرقي، بعد عامين وصفت خلالهما جوائز أكاديمية فنون وعلوم السينما بأنها "بيضاء جدا". لكن النقاد يقولون إن الاختبار الحقيقي سيكون عندما تلحق السينما بالتلفزيون، وتختار المزيد من الممثلين الملونين لأدوار لا تقوم على فكرة العرق. وقالت فكتوريا توماس المسؤولة عن اختيار الممثلين في فيلم "هيدن فيغارز" المرشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم "ربما يمثل الأمر عبئا على الممثلين (الملونين) عندما يلعبون أدوارا تدور فكرتها الرئيسية حول العرق مقارنة بتمثيل شخصيات تمر بتجربة طلاق أو ما شابه. هذه هي العقبة المقبلة التي يجب تجاوزها". وفي تاريخ الأوسكار الممتد منذ 89 عاماً كان الفضل في فوز الممثلين ذوي البشرة السوداء جميعا تقريبا بالجائزة السينمائية الكبرى في هوليوود يعود لأدائهم شخصيات تدور حول فكرة العرق. وترشيحات هذا العام لم تنحرف عن هذا الخط، لكن أفلاما مثل "مونلايت" و"فنسيس" و"هيدن فيغارز" تحكي قصصا عن السود خارج أطر العبودية والحقوق المدنية التي اجتذبت في السابق اهتمام مانحي الجوائز. وقال دارنيل هانت الذي يكتب التقرير السنوي عن هوليوود والتنوع لصالح جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلس إن فيلما مثل "مونلايت" الذي يناقش صراع صبي أسود لمعرفة هويته الجنسية "لم يكن ليصنع قط في الماضي ولا يرشح بالتأكيد للأوسكار". وأضاف: أحيانا نود (السود) حكي قصصنا وتجاربنا، ولهذا توجد أفلام مثل "مونلايت" و"فنسيس". سيكون الوضع الأمثل بالطبع أن نحقق الهدفين معا، كأن يكون فيلم "لا لا لاند" من بطولة ممثل أسود، في حين هو من بطولة رايان غوسلينغ وإيما ستون. ويمثل باتيل المولود لأبوين من الهند شخصيات لا تصنف في بادئ الأمر على أنها لهنود، لكنه يقول إن "قضية العرق تطفو على السطح" بعد اختياره للدور. وقال باتيل الذي لمع نجمه بعدما أدى دور البطولة في فيلم "سلامدوج مليونير" الحائز على جائزة أوسكار في 2008: "الجهد الذي قمت به لأتقمص الشخصية، وأختار الصوت المناسب... كل هذا وضع جانبا، واختزل الأمر في كوني هنديا". ومن المفارقات أن الفيلم الأكثر تركيزا على قضية التنوع العرقي من بين الأفلام المرشحة لجوائز أوسكار هذا العام هو فيلم الرسوم المتحركة "زوتوبيا" الذي يحكي قصة أرنبة تصبح شرطية في مدينة كبيرة، ونال الثناء لتناوله غير المباشر لقضايا النوع والانقسامات العرقية.
مشاركة :