رؤية- صالح الصخري يعد الخيال من أهم مصادر الصورة الشعرية ،بوصفه وسيلة تسهم في إثراء عملية تطوير الإبداع ،وفيه تظهر موهبة الشاعر ومقدرته في تكوين مشهدٍ شعري لأشياء ربما قد تكون غابت عن ذهن المتلقي،.ولحضوره في القصيدة النبطية الحديثة دورٌ مهم ؛فهو دلالة على الإبتكار وعدم التكرار،ويأتي منسجماً مع بيئة الشاعر وعاطفته وانفعالاته،فجُلّ اعتماده على الأثر النفسي عند الشاعر بحيث يوحد بين قلب الشاعر وعقله ،وبين حالة الوعي واللاوعي عنده،مما يسهم في إبراز صور وأشكال تعبر عن التجاذب والتنافر في آنٍ معاً بشكلٍ منظّم .وعلى الصورة الخيالية التي يرسمها الشاعر أن تكون مصيبةً في معناها الذي ذهبت إليه،وجديدةً غير مسبوقة لأن التكرار يقتل ما فيها من إبداع وحيوية،فهي تفتح الأفق أمام المتلقي ليستمتع بكل ما فيها من تجديد . يقول فهد دوحان: والديار اللي تبيع الخريـف وتشتريه عـلّـقـت بعيـونه المـا ومـا كانت نـهر لا نبت عشبٍ ولا مال غصن الورد تيه يـا كـثـر ما مـرّت غـيوم ويا قـلّ الـمطر نجد دوحان يمخر عباب الخيال بنظرةٍ فلسفية نلمحها من خلال هذا المقطع الشعري ،مما يوضح لنا براعته في نسج الصورة التي تموج بالحيوية والحركة ،معتمداً في ذلك على التشبيه والإمتاع الفكري بين التفصيل والإتساع مما يسهم في تكثيف صورته الشعرية ،مازجاً في ذلك بين مشاعره وعناصر الطبيعة التي استدعاها في أبياته(الديار،الخريف،النهر،العشب،الورد،الغيوم،المطر). يقول ابراهيم السمحان: واني عصرت آخر شفق واسقيت به نارٍ خبت ومديت كـفّـي للـمطر واسـتنزلـت ريـح الشمال وانـك تفاصـيل الــربيع اللي على حلمي حبت حتـى مشـت سبّابةٍ تضـغط علـى حزن الرمال تتجلى مقدرة السمحان هنا في خلق علاقات بين الأطراف المتباينة والمتباعدة،من خلال عملية الإيهام مستعيناً في ذلك باللغة الشعرية التي تؤدي دورها في عملية إدهاش المتلقي ،في جوٍّ نفسيٍّ موحد فيه من الحركة الشيء الكثير ،شأنه في ذلك شأن المحدثين في القصيدة النبطية الحديثة. ونستخلص من ذلك أن القصيدة النبطية الحديثة تجاوزت القصيدة التقليدية في استخدام الخيال،من حيث اللغة والأسلوب والرسم الصوري،فالخيال فيها كان له الدور الأبرز في إنتاج الصورة الشعرية في الإتجاهات العاطفية والتأملية والوصفية على حدٍ سواء،وهذا ما يجعلنا نسهب في دراستها بشكلٍ أكبر من القصيدة التقليدية. * ناقد أردنيمرتبط