بغداد: أفراح شوقي وحدها لافتات المرشحين من الفنانين والإعلاميين والرياضيين العراقيين شكلت الجانب الأكثر وضوحا لدى المتطلعين إليها في الحملة الدعائية لانتخابات البرلمان العراقي المقرر إجراؤها في الثلاثين من الشهر الحالي. فوجوه هؤلاء تحظى بترحيب وقبول، وعدها البعض محاولة للتغيير وكسر رتابة الوجوه التي كررت نفسها وفشلت في تقديم ما يريده المواطن منها. وبعد نحو 11 عاما من عمر التغيير في العراق، غدت فيها السياسة الشغل الشاغل لمعظم الناس بسبب إخفاقات الحكومات السابقة في التخفيف من مستويات الفقر والخوف وتراجع الخدمات، قرر فنانون وإعلاميون ورياضيون مشهورون خوض بحر السياسة، مراهنين على شعبيتهم أولا ورغبتهم بالتغيير وخدمة الناس، كما يقولون، ثانيا. الفنان علي جودة، سبق أن أمتع جمهوره بأغنيات وألحان كثيرة، قدم نفسه أخيرا مرشحا ضمن إحدى القوائم الانتخابية، ويقول لـ«الشرق الأوسط» عن سبب ترشحه إن «هناك وجوها مخضرمة مل الناس منها ولم تحقق شيئا، وأرى أن الهدف واحد سواء في الغناء أو السياسة وهو أن أقدم خدمة للناس وأخفف عنهم متاعبهم». وأضاف: «هناك فرصة للتغيير واختيار وجوه جديدة تعمل لأجل خدمة البلاد بعد سنوات من انتظار وعود آخرين لم يحققوا شيئا غير التراجع المتواصل في كل مفاصل الحياة». أما المرشحة زهراء الموسوي، وهي إعلامية شابة، فتعتقد أن «شريحة المثقفين والنساء لها النصيب الأوفر للفوز في الانتخابات المقبلة بفضل ما يسعون إليه في برامجهم، منطلقين من رغبة حقيقية لتقديم الأفضل للجمهور والقضاء على مستويات الفساد المرتفعة في البلاد». وأضافت: «حظوظنا في الدعاية الانتخابية قد تبدو صغيرة، أمام حجم الأموال التي تصرفها الكتل الكبيرة لكننا نعول على الجانب المثقف من الجمهور». بدوره أكد الموظف في وزارة الثقافة هدير السامرائي أن «وجود هذا العدد من المثقفين والإعلاميين يشكل ظاهرة صحية في الدورة البرلمانية الجديدة». من جهتها، تخشى الإعلامية آلاء الجبوري من سطوة أصحاب المال والكتل الكبيرة على الأصوات المثقفة من المرشحين الجدد الذين لا يملكون المال بقدر ما يملكون من حب الناس وتطلعاتهم إلى التغيير والإصلاح. وتضيف: «بعض الكتل الكبيرة حاولت استقطاب الوجوه الإعلامية المعروفة لأجل كسب أكبر عدد من الأصوات لأنها تدرك أن السياسي قد احترقت أوراقه ولا بد من زج وجوه جديدة تكون أقرب للناس البسطاء». واستحوذت صور لاعب كرة القدم الدولي السابق أحمد راضي، الذي ذاع صيته محليا وإقليميا، على اهتمام الجمهور، خصوصا فئة الشباب بعد أن قدم نفسه مرشحا، مستفيدا من شهرته الواسعة. ولعل من أبرز الوجوه الإعلامية التي رشحت نفسها للانتخابات كل من عماد الخفاجي وإنعام عبد المجيد ومحمد الطائي وأحمد الملا طلال وضمياء الربيعي. من ناحية ثانية، وضعت المرشحات إلى الانتخابات المقبلة حقوق المرأة في صدارة برامجهن الانتخابية وسط مخاوف من تراجع هذه الحقوق مع إحكام الأحزاب الدينية قبضتها على السلطة. وتقول المرشحة إنعام عبد المجيد الجصاص لوكالة الصحافة الفرنسية «لم أتوقع أننا سنقاتل يوما في سبيل حقوق المرأة في هذا البلد». وتمتعت النساء العراقيات بظروف أفضل مقارنة مع أوضاع النساء الأخريات في الشرق الأوسط قبل حرب الخليج عام 1991 التي قضت، مع سنوات الحصار التي تلتها، على هذا الامتياز. وشهدت أوضاع النساء العراقيات تدهورا إضافيا بعد اجتياح العام 2003. وتشير أرقام الأمم المتحدة الصادرة في مايو (أيار) 2013 إلى أن أكثر من ربع العراقيات اللواتي تبلغ أعمارهن أكثر من 12 سنة يعانين من الأمية وأن 85 فتاة يذهبن إلى المدرسة في مقابل كل 100 فتى. كما تشير هذه الأرقام إلى أن 14 في المائة من العراقيات فقط يعملن أو يبحثن بشكل فعلي عن وظائف. وفي العام 2011 أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بغداد أن هناك أكثر من مليون امرأة معيلة في العراق تنفق نحو 70 في المائة منهن أكثر مما يكسبن. وقد أثار مؤخرا مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي تقدم به وزير العدل حسن الشمري جدلا واسعا وسخطا من منظمات المجتمع المدني. ويحدد مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري قواعد الميراث والزواج والطلاق والنفقة، ويرى المدافعون عن القانون أنه لا يفعل سوى تنظيم الممارسات اليومية لأتباع المذهب الجعفري. لكن معارضي القانون، الذين يمثلون تيارات مدنية، يعدون المشروع خطوة إلى الوراء وانتهاكا لحقوق المرأة في العراق. وفيما ينص الدستور العراقي على أن تمنح ربع مقاعد البرلمان للمرأة، إلا أن هذا الأمر لا ينسحب على الحكومة التي تضم امرأة واحدة هي وزيرة الدولة لشؤون المرأة ابتهال كاصد الزيدي. وتقول النائبة انتصار الجبوري بأن أعداد العراقيات اللواتي يتولين مناصب وزارية تراجع مقارنة مع حكومات سابقة. وتضيف، من جهة أخرى، أن «البرامج الانتخابية للأحزاب والكتل السياسية تركز على حقوق المرأة (...) لكن عندما تفوز هذه الكتل بالمقاعد في البرلمان تتجاهل هذه الحقوق». وفيما تشتكي نساء من أن «الكوتا» المخصصة للمرأة في البرلمان أتت بنائبات يفتقدن للمؤهلات المطلوبة، تقول النائبة ميسون الدملوجي بأن لهذه الحصة النيابية «تأثيرات سلبية، لكنها إيجابية رغم ذلك». وتوضح «على الأقل أدخلت (الكوتة) النساء إلى الحياة السياسية وجعلتهن جزءا من العمل السياسي». وحول عدم تمتع النائبات العراقيات بالمؤهلات المطلوبة، تقول النائبة «نعم، لكن هل كان أداء الرجال على المستوى الذي كان من المفترض أن يكون عليه». وتتابع: «أعتقد أن الجميع متوافق على أنه لا الرجال ولا النساء كانوا على قدر المسؤولية».
مشاركة :