القوات العراقية تواجه مقاومة أشد من عناصر تنظيم داعش وهي تدخل مناطق سكنية في مدينة الموصل، يعيش فيها الآلاف من المدنيين المحاصرين.العرب [نُشر في 2017/02/28]الموصل ساحة معركة غريبة ومرعبة الموصل (العراق)- انكمشت الأسر في الطوابق السفلى وتكوم أفرادها في الظلام بينما كانت الحرب تستعر في الخارج بين القوات العراقية ومقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من أجل السيطرة على شوارع الموصل. وعلى سطح الأرض كان جنود من فرقة الرد السريع ينتقلون من بيت إلى بيت من خلال الفتحات التي أحدثها مقاتلو الدولة الإسلامية في الجدران استعدادا للدفاع عن آخر حصونهم في الشطر الغربي من المدينة. قادهم الممر عبر حجرات معيشة وحدائق ومطبخ به قدر من حساء العدس على المنضدة وكلها مشاهد من حياة البيوت تسلط الضوء على فوضى الحرب التي يشتد أوارها مع تقدم القوات العراقية. وقالت شابة ظهرت بصعوبة في عتمة الطابق السفلي تحت بيتها في حي الجوسق حيث كانت تختبئ بعد أن وضعت طفلتها قبل 72 يوما معلقة على الأحداث "شيء غريب ومرعب. نادرا ما أصعد للطوابق العليا". وحققت القوات العراقية تقدما سريعا في المراحل الأولى من الهجوم سعيا لاسترداد الشطر الغربي من الموصل فاستعادت السيطرة على المطار واخترقت دفاعات التنظيم حول المدينة في غضون أيام. والآن تواجه تلك القوات مقاومة أشد وهي تدخل مناطق سكنية يعيش فيها عدد قد يصل إلى 750 ألف مدني تحت الحصار. وإذا هزمت القوات العراقية التنظيم في الموصل فسيمثل ذلك ضربة ساحقة لوجوده في الشطر العراقي من دولة الخلافة التي أعلنها زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي عام 2014 في بعض مناطق العراق وسوريا. المقاتلون الأجانب يحاربون حتى النهاية وصعد الجنود العراقيون من فتحة في سور حديقة فيها أشجار برتقال محملة بالفاكهة الناضجة وينتشر فيها حطام زجاج ليجدوا جثة مقاتل من الدولة الإسلامية ملقاة على ظهرها حيث قتلته القوات العراقية. وفتش المقدم عبدالأمير المحمداوي جيوب القتيل بعد أن تأكد من أنه لا يرتدي سترة ناسفة وأخرج دفتر عناوين صغيرا يحتوي على أرقام هواتف مقاتلين آخرين واسم مسؤول في الشرطة الإسلامية التي يطلق عليها اسم (الحسبة). وقال المحمداوي "ليس عراقيا وربما لا يكون عربيا. كلما اقتربنا من المركز كلما صادفنا الأجانب". وعلى النقيض من المتشددين العراقيين الذين يمكنهم الاختلاط بالمدنيين وربما الإفلات من شبكة قوى الأمن فليس للمقاتلين الأجانب مهرب ولذلك سيقاتلون حتى النهاية. وقال المحمداوي "لا يهربون مثل (المقاتلين) المحليين". وأضاف أن عدد المقاتلين الأجانب في الشطر الغربي من المدينة أكبر بشكل ملحوظ منه في الشطر الشرقي الذي سيطرت عليه القوات العراقية قبل شهر بعد قتال استمر 100 يوم. وبعد الهزيمة في شرق الموصل استعد مقاتلو التنظيم للمعركة في غربها فأحدثوا فتحات في الجدران وطردوا سكان البيوت التي تتيح لهم مواقع ممتازة لإطلاق النار على القوات العراقية المتقدمة. وقال جنود إن المسار قادهم في إحدى المراحل إلى قاعة خالية فيها دراجة نارية وكان من الواضح أن المتشددين استخدموها لأن سجادة صلاة كانت موجودة في صندوق خلفي ملحق بالدراجة. أمر المحمدي اثنين من رجاله بارتقاء السلم وتفتيش الطوابق العليا للتأكد من عدم وجود متشددين يختبئون فيها. كما عثر الجنود على قطع من الورق مدون عليها إجازات قصيرة لفترات لا تتجاوز اليوم الوحد لمقاتلي الدولة الإسلامية وقال ضابط إن ذلك يبين أنه لم يكن لديهم الوقت أو الأعداد الكافية. مدنيون يختبئون في الطوابق السفلى وقد تأكدت صعوبة المعركة بسبب الكثافة السكانية، وقال المحمدي إن قوات الرد السريع اضطرت لوقف تقدمها في الجوسق الأحد لأن خمسة قناصة من الدولة الإسلامية يختبئون بين السكان. وأضاف المحمدي أن وحدة تكتيكية قتلت بعد ذلك المتشددين في غارة ليلية لتمهد الطريق لوصول قوات الرد السريع إلى الجسر الأول من خمسة جسور على نهر دجلة تربط شطري مدينة الموصل. ومع تردد أصداء القصف المدفعي ونيران الأسلحة الصغيرة هرعت مجموعة من المدنيين عبر الشارع صوب القوات العراقية وكانت النساء تبكين خوفا. ووجههم الجنود إلى بيت فدخلت النسوة ونزلن إلى الطابق السفلي. ووصفت النسوة كيف أشعل مقاتلو الدولة الإسلامية النار في الطوابق العليا من بيوتهن لإحداث ستارة دخان لإرباك طائرات التحالف. ومن بين أفراد المجموعة قال محمود إنه هرب بعد الاتصال سرا بالقائد في المنطقة وأغلق خاصية الصوت في هاتفه حتى لا ينطلق الجرس فيفضح أمره لمقاتلي الدولة الإسلامية. لكن شقيقه لم يهرب. وقال محمود لشقيقه عبر الهاتف يستحثه "اخرج يا أخي. هذا أحسن. اجمع حاجياتك. واحم أولادك. ما في شبر في أمان".
مشاركة :