ثلاثة معابد في السودان تفك أسرار القارة السمراء دعا عالم آثار سويسري خلال محاضرة ألقاها في مركز حوار الحضارات التابع لجامعة النيلين بالعاصمة السودانية الخرطوم، تحت عنوان "مكانة حضارة كرمة وسط حضارات العالم القديم"، إلى الاهتمام بتاريخ السودان العريق بعد اكتشافه لثلاثة معابد في منطقة كرمة الأثرية من شأنها أن تفك أسرار القارة الأفريقية بأكملها.العرب [نُشر في 2017/03/01، العدد: 10558، ص(20)]خبايا أسرار أفريقيا يبدأ من هنا الخرطوم - اكتشف عالم آثار سويسري ثلاثة معابد في السودان كانت موجودة قبل الآلاف من السنين، في اكتشاف من شأنه أن يسلط الضوء على خفايا الماضي السحيق للقارة الأفريقية. وأوضح العالم شارل بونيه البالغ من العمر 83 عاما، أن هذه المعابد المستديرة والبيضوية الشكل تعود إلى ما بين العامين 2000 و1500 قبل الميلاد، وقد اكتشفت خلال فصل الشتاء الحالي في شمال السودان. وتقع هذه المعابد الثلاثة في موقع دكي قيل (التلة الحمراء) على بعد حوالي كيلومتر من مدينة كرمة عاصمة المملكة النوبية حيث يجري بونيه وفريقه حفريات أثرية منذ عقود. ولفت بونيه إلى أن “الهندسة في كرمة تعتمد على الأشكال المربعة أو المستطيلة (…) أما هنا فلدينا بنايات مستديرة الشكل”، مشيرا إلى ان المعابد الثلاثة موجودة في منطقة مربعة بضلع قطره 50 مترا. وأكد أن “هذه الهندسة غير معروفة سابقا، ولا أمثلة عنها في وسط أفريقيا أو في وادي النيل”. وأضاف الباحث السويسري الذي يعتبر عميد علماء الآثار في السودان “لا نعرف الكثير من المعابد المستديرة في العالم لإجراء مقارنة بينها”. واكتشاف هذه المعابد الثلاثة قد يؤدي إلى الكشف عن خفايا جديدة بشأن تاريخ القارة السمراء. وأشار بونيه إلى أن “الأمر جديد تماما”، لافتا إلى أن المعابد الجديدة ليست شبيهة بالهندسة المصرية أو النوبية اللتين تركتا بصماتهما على نطاق واسع في المنطقة. وقال “علينا تحديد جذور هذه الهندسة بأنها سر لأفريقيا”. وأظهر بونيه من خلال بحوثه في العقود الأخيرة الإرث الأفريقي بشكل عام وليس فقط المصري أو ذلك العائد لمملكة كرمة (من 2500 إلى 1500 قبل الميلاد).شهدت منطقة كرمة السودانية في السنوات الأخيرة اكتشافات أثرية عديدة وحراكا في مجال الآثار والمتاحف وطوافا للبعثات الكشفية والحفريات وقد عثر خصوصا على سبعة تماثيل من حجر الصوان “للفراعنة السود” وهم حكام سودانيون حكموا مصر خلال القرن الثامن قبل الميلاد. وشهدت منطقة كرمة السودانية في السنوات الأخيرة اكتشافات أثرية عديدة وحراكا في مجال الآثار والمتاحف وطوافا للبعثات الكشفية والحفريات. ويقول بونيه الذي قضى أكثر من 43 سنة في التنقيب بالسودان عن آثار الحضارة النوبية، إنه يجيد اللغة النوبية على اختلاف لهجاتها، وهو يلاقي معاملة ودية للغاية من قبل الأهالي، وتجمعه علاقة طيبة بالسكان الذين يقدرون اكتشافاته لآثار مدينتهم. وكانت النوبة، وهي حاليا منطقة في شمال السودان وجنوب مصر، معروفة بموادها الثمينة مثل الذهب والعاج وخشب الأبنوس. ولفت بونيه إلى أنه اكتشف في دكي قيل بموازاة اكتشاف المعابد “تحصينات ضخمة” في ما يؤشر حسب رأيه إلى أن الموقع قد يضم كنوزا أخرى. وقال “هذا يعني أن هذا الجزء من العالم كان محميا من تحالف يضم على الأرجح ملك كرمة مع أناس من دارفور (غرب) ووسط السودان” في مواجهة المصريين الذين كانوا يسعون للتحكم بالتجارة في وسط أفريقيا. ويأمل بونيه الذي أطلق مسيرته في مجال التنقيب الأثري قبل أكثر من خمسة عقود، في أن تسمح اكتشافاته الأخيرة بتحسين فهم التاريخ القديم للقارة الأفريقية. وأضاف “نحن نكتشف عالما جديدا هو العالم الأفريقي”. وأوضح أن السودان “بلد ضخم وهو قلب أفريقيا مع تأثيرات كثيرة من جهة البحر الأحمر ودارفور وكردفان (جنوب)”. وتابع العالم السويسري “لدينا هنا تاريخ مذهل عن العالم، وربما بعد بضع سنوات سيصبح لدينا مجال علمي لتاريخ السودان بالقدر عينه لأهمية علم المصريات”. يذكر أن وزارة الاستثمار والسياحة السودانية، أعلنت مؤخرا عن اكتشاف معبد أثري مكتمل آخر، يرجع تاريخه لأكثر من ألفي عام قبل الميلاد بمنقطة جبل أم علي شمالي مدينة شندي. وقال وزير الاستثمار والصناعة والسياحة بنهر النيل المهندس محمود محمد محمود “إن مختصين أرجعوا تاريخ المعبد المكتشف لأكثر من 2000 عام قبل الميلاد، مضيفا “يعد المعبد واحدا من آثار الحضارة المروية الضاربة في الجذور والقدم”. وأفاد بأن الدراسات الأولية تشير إلى وجود مدينة ملكية كاملة مقبورة داخل الأرض بموقع المعبد المكتشف، وتوقع أن تسهم هذه الاكتشافات في فك طلاسم الحضارة المروية.
مشاركة :