السلام (العراق) (أ ف ب) - يخاطب ضابط عراقي حشدا من الرجال الذين فروا من الموصل هربا من المعارك، ويضغط عليهم للاقرار ما اذا كان لديهم اي ارتباط مع تنظيم الدولة الاسلامية او تعاونوا معه. وتنتقل لهجة الملازم عبد الله قاسم بين التشجيع والعتب، وهو يتحدث الى مجموعة من الرجال الذين فروا اثناء تقدم القوات العراقية في معركتها ضد الجهاديين في الجانب الغربي من مدينة الموصل، ثاني مدن البلاد. والمشهد هو جزء من اجراءات دقيقة تشوبها احيانا توترات، تسعى من خلالها القوات الامنية الى عزل عناصر تنظيم الدولة الاسلامية الذين يحاولون الاختباء بين المدنيين. ويقول قاسم الذي يرتدي زي قوات النخبة لجهاز مكافحة الارهاب الاسود، بينما يلوح بعصا "أجبروكم على إطالة اللحى ومنعوا عنكم السجائر وسيطروا عليكم". ويضيف "الاسلام... هو التسامح، ليس القتل والقتال، لذلك جميعكم يعرف الفرق بين داعش والاسلام". ويصرخ قاسم بصوت عال الى درجة كفاية حتى يسمعه كل افراد المجموعة التي تضم نحو سبعين رجلا جالسين على شكل طابور على الارض في قرية جنوب الموصل "اي واحد ساعدهم او أدخلهم الى منزله، او أعطاهم امرأة للزواج هو غير شريف". ويصغي الرجال بهدوء، لكن هذا التأنيب يشجع أحدهم على مقاطعته، فيقول "لكن نحن لم نستطع قتالهم، ليست لدينا القدرة". وبشكل هادىء لكن بحزم، يحول قاسم نظره اليه، بينما يخفي عينيه خلف نظارات شمسية، ويجيبه بنبرة لا تتطلب جوابا "لكن كيف دخلوا الى الموصل أصلا؟ هذا هو السؤال". - البحث عن جهاديين - وفرّ آلاف المدنيين بينهم الكثير من النساء والاطفال، الجانب الغربي للموصل، منذ بدء هجوم القوات العراقية في 19 شباط/فبراير، لاستعادته من سيطرة الجهاديين. وسار هؤلاء عبر مناطق صحراوية ليلا ونهارا على مدى ايام. وعندما وصلت مجموعة منهم الى قرية السلام الصغيرة الواقعة الى جنوب الموصل، تم عزل النساء والاطفال ووضعهم في منطقة مظللة حيث قدم لهم الطعام والماء. واصطحب الرجال الى منطقة مجاورة للتحقيق. طرحت عليهم اسئلة أولا حول أسمائهم التي تتم مقارنتها لاحقا مع قاعدة بيانات، ثم تطرح اسئلة للحصول على معلومات. ويتم اقتياد المشبوهين بينهم الى مكان آخر لطرح مزيد من الاسئلة. ويجلس في كل صف حوالى عشرة رجال بلحاهم الطويلة المفروضة من تنظيم الدولة الاسلامية على سكان المناطق الخاضعة لسيطرته. ويغطي الغبار وجوه الرجال الذين يبدو كثيرون بينهم مرهقين ومتوترين. ثم يأمر قاسم الرجال بالوقوف، وبأن يضع كل منهم يديه على كتفي الشخص الذي يقف امامه. وبعد ذلك يصل احد الوجهاء، وهو رجل كبير السن، يضع وشاحا ابيض على رأسه ويسير متكأ على عصا، ويبدأ بالتدقيق في وجوه الرجال فيما يقف الى جانبه ضابط من جهاز الاستخبارات. ويطلب الضابط الذي يرفض الكشف عن اسمه، من كل صف من الرجال الجلوس عند انتهاء عملية التدقيق. - "بايعت" - بعد ذلك، يخاطب الضابط المجموعة قائلا "اذا كنتم تعرفون شخصا بايع او عمل مع داعش، اخبرونا ولا تخافوا، فان داعش قد انتهت". ويومىء الى شاب يرتدي بزة رياضية للاقتراب منه. ويضيف بينما يضع يده على كتف الشاب الذي بدت على وجهه تعابير الخوف والاحراج "انظروا الى هذا الرجل، لقد جاء واقر لي بانه بايع، وكان معهم لعشرة ايام، لن يحدث له شيء". ويواصل الضابط تحذيره بان اكتشاف المذنب لاحقا يعني انه لن يحظى بالعطف الذي يحظى به المذنبون الآن. ويقف رجل وهو يمسك بكيس يضع فيه بعض حاجياته، ويخرج من الصف، ليقول "انا بايعت، وعملت معهم في القيارة"، البلدة التي تقع الى الجنوب من الموصل. ويضيف "لكن أقسم ان ذلك كان لمدة 23 يوما فقط، ثم انشققت وغادرت ولم اعد اليهم مجددا". ويلحق به شخص آخر يرتدي قبعة، وثالث يرتدي ملابس رياضية يشق طريقه باتجاه الضابط الذي بدا يبتسم. ويقول الضابط "هل ترون؟ لن يحدث لكم شيء، لقد بايعتم وعملتم معهم لاسبوع، او شهر او ثلاثة اشهر، هذا لا شي. ما نحتاجه هو معلومات". ويتابع "نريد ان ننتهي من داعش، فهم مثل السرطان اذا استمر يقضي على كل الجسم".سارة حسين © 2017 AFP
مشاركة :