قال البابا تواضروس الثاني -بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية- خلال فعاليات مؤتمر "الحرية المواطنة.. التنوع والتكامل الذي نظمه الأزهر الشريف، اليوم الثلاثاء: "ما أحوج العالم الآن إلى المحبة العملية والسلام الحقيقي، لقد عانت مصر والمنطقة العربية كلها ومازالت تعانى من الفكر المتطرف الناتج عن الفهم الخاطئ للدين، والذى أدى إلى ما نواجهه اليوم من عنف وإجرام وإرهاب، والذى يعد من أخطر تحديات العيش المشترك".
وتابع: "أودّ أن أطرح على حضراتكم ثلاثة محاور أرى أنها تضع المشكلة وتضع أيضًا مداخل للحل، أولها أن يعتبر الفكر المتشدد والمتطرف والعنف الناتج عنه من أهم التحديات التي تواجه العيش المشترك، فهناك الإرهاب البدني، والمتمثل في حوادث القتل والتفجيرات المتتالية التي تستهدف المؤسسات الوطنية، والوطن كله مما يروع الأبرياء، وهناك الإرهاب الفكري المتمثل في فرض الفكر والرأي بالقوة والهجوم على مقدسات ومعتقدات الآخرين مع تكفيرهم وتسفيه الممارسات الدينية لديهم".
وأشار إلى أن هناك الإرهاب المعنوي الذي هو حالة التطرف الفكرية وإلغاء الآخر المختلف، فالإرهاب المعنوي يتمثل في الظلم والتمييز على أساس الدين والعقيدة فى المعاملات والحياة اليومية".
وأكد بابا الإسكندرية أن أسباب هذا التطرف هو العنف والذي يرجع إلى التربية الأحادية القائمة على الرأي الواحد فيكون كل رأي آخر مختلف هو بالضرورة كافر ومضلل.
وتابع: "أيضًا من هذه الأسباب الذات الطائفية أي غياب ثقافة احترام الآخر، يكون أشبه بمن ينظر فى مرآة لا يرى فيها إلا نفسه، فلا يحترم الآخر لا فى عقيدة أو ثقافة أو حتى في الحرية الشخصية".
وأعرب أن هناك أيضًا الجهل بالآخر، وهذه نقطة غاية في الأهمية والمقصود بها العقلية المتطرفة التي تخلق لها أعداءً من صنع الخيال، هذا عرض مبسط لما نعانيه بالمنطقة بالشرق الأوسط، ولكن يمكن أن يكون الحل في ثلاثة أبعاد.
وأضاف أن البعد الأول هو تقديم البعد الديني بصور مستنيرة وعصرية، والبعد الثاني التنوع غني الإنسانية، فإذا غاب التنوع عن الإنسان صار فقيرًا، قد نختلف فى الهوية الدينية لكن لا نختلف فى الهوية الوطنية، مشيرًا إلى أن منهج الصراع هو الاختلاف ينشئ خلاف ثم صراع ثم استبداد ثم انقسام.
البابا أوضح: أما المنهج الحضاري العصري والذي تنشده كل شعوب الأرض، أن التنوع ينشئ الحوار والحوار يدور في دائرة التعارف والتسامح والعيش المشترك.
وأكد نحن نريد أن نبنى القيم الإنسانية النبيلة، نريد أن تكون مجتمعاتنا تؤكد دائمًا على قيمة الاختلاف والتنوع واحترام الآخر واحترام التعددية الدينية التي هي أساسًا أمر شخصي يخص الإنسان في قلبه ويقابل به ربه بعد نهاية حياته، نؤكد على نشر ثقافة التسامح والتعايش المشترك وحب الحياة والخير والجمال.
مشاركة :