انتخابات بلدية ثانية في الضفة من دون غزة

  • 3/2/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أخذ ورد استمرا شهوراً، حسمت الحكومة الفلسطينية أمرها وقررت إجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية من دون قطاع غزة الذي تديره حركة «حماس» التي رفضت بدورها السماح للسلطة الفلسطينية بإجراء الانتخابات فيه تحت إدارتها. وهذه الانتخابات البلدية الثانية التي تجرى في الضفة من دون قطاع غزة منذ الانقسام الذي يكمل في غضون أشهر قليلة عشر سنوات، إذ اجريت الانتخابات البلدية الأولى، في ظل الانقسام، عام 2012. ويرى كثيرون في هذه الخطوة مؤشراً آخر إلى تضاؤل فرص المصالحة بين حركتي «فتح» التي تدير السلطة الفلسطينية في الضفة، و «حماس» التي تدير قطاع غزة، وتكريساً للانقسام بين الإقليمين اللذين يشكلان معاً الأراضي الفلسطينية التي يتطلع الفلسطينيون إلى إقامة دولتهم المستقلة عليهما. وتوصلت «فتح» و «حماس» في السنوات العشر الماضية إلى سلسلة اتفاقات للمصالحة، بدءاً من اتفاق مكة عام 2007، مروراً باتفاقات صنعاء والقاهرة والدوحة والشاطئ، وأخيراً التفاهمات التي تم التوصل إليها في بيروت الشهر الماضي، من دون أن تنجح هذه الاتفاقات والتفاهمات في جسر الهوة بين الطرفين. وشكل الخلاف الأخير على إجراء انتخابات محلية مشتركة في الضفة وقطاع غزة، دليلاً قطعياً على عدم قدرة الحركتين على التعايش معاً في نظام سياسي واحد. فبعد الاتفاق بين الحركتين الذي رعاه رئيس لجنة الانتخابات المركزية الدكتور حنا ناصر، اصطدمت الحركتان في المرحلة الأولى من التطبيق، ما أدى إلى فشل العملية الانتخابية وانهيارها قبل أن تبدأ. وأظهر الخلاف على إجراء الانتخابات المحلية في الضفة وقطاع غزة معاً أن الانقسام بين الحركتين تجذر عميقاً في المنظومة القانونية والإدارية التي تحكم الإقليمين، إذ انحاز النظام القضائي في القطاع إلى موقف «حماس»، فيما انحاز النظام القضائي في الضفة إلى موقف «فتح» والسلطة الفلسطينية. وكان من المقرر أن تشرف المؤسستان التعليمية والأمنية التي تديرهما «حماس» في غزة، على الانتخابات في القطاع، فيما تشرف نظيرتاهما في السلطة على الانتخابات في الضفة، الأمر الذي يجعل فرص حدوث خلاف وانهيار واردة في كل لحظة. وتعايش الفلسطينيون في الضفة وقطاع غزة، في السنوات العشر الأخيرة، مع الانقسام الذي طاول المؤسسات الرسمية من دون أن يطاول الشعب الذي بقي موحداً في همومه وأهدافه الوطنية، لكن التطورات السياسية الأخيرة بدأت تثير الكثير من الأسئلة في شأن قدرة الفلسطينيين على مواجهتها، نتيجة الانقسام الجغرافي والسياسي. ولا تخفي إسرائيل خططتها الرامية إلى أن تقام الكيانية الفلسطينية أو الدولة في قطاع غزة على رغم صغر مساحته التي لا تتجاوز 360 كيلومتراً مربعاً، يعيش فيها أكثر من مليوني نسمة، وتقسيم الضفة إلى نصفيْن، نصف تحت سيطرتها المدنية والأمنية ويتم تخصيصه للمستوطنات، والنصف الآخر لجيوب الحكم الذاتي الذي سيكون تابعاً إما للدولة في غزة أو لصيغة إدارية مع إسرائيل أو الأردن. وترى الحكومة اليمينية الإسرائيلية في وجود رئيس أميركي موال لها، وفي ضعف الدول العربية، فرصةً تاريخية لتطبيق خططتها في التقسيم والضم، الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً وتاريخياً أمام القوى السياسية الفلسطينية، وفي مقدمها «فتح» و»حماس» المتصارعتان على السلطة. ويرى كثير من المراقبين أن عدم وجود وحدة وطنية فلسطينية سيسهل على إسرائيل الاستفراد بكل من قطاع غزة والضفة، وتطبيق مخططاتها في كل منهما.

مشاركة :