قال الشاعر مصطفى الغلاييني :اصبر على سود الليالي وادرع بعزيمة كالطود إن خطب نزلفالصبر مفتاح النجاح ولم نجد صعبا بغير الصبر يبلغه الأملهناك عبارة تقول (الصبر مرهم لكل الجراح) ولاشك أن القيادة السياسية في المغرب قد صبرت كثيرا في قضية الصحراء المغربية التي تعتبر بالنسبة للمملكة المغربية خط أحمر وقضية حياة أو موت وهي مسألة مبدأ وليس فيها مبالغة أو مزايدات ولن يتنازل المغرب عن شبر من الصحراء لأنها جزء لا يتجزأ من التراب المغربي . الجدير بالذكر أن الصحراء المغربية كانت محتلة من إسبانيا منذ سنة 1884 وبعد استقلال المملكة المغربية في الخمسينيات من القرن الماضي بدأت تطالب بضم الصحراء المغربية لها نظرا للروابط التاريخية التي تربطها بها وقد أصدرت محكمة العدل الدولية حكما اعترفت فيه بهذه الروابط التاريخية وطالبت بإجراء استفتاء لأهالي الصحراء مما دفع ملك المغرب السابق الحسن الثاني رحمه الله بالدعوة للمسيرة الخضراء في سنة 1975 التي على أثرها انسحبت اسبانيا من الصحراء المغربية وسلمتها للمغرب ولكن سلمت جزءا منها لموريتانيا التي تنازلت عن هذا الجزء لجبهة البوليساريو التي أعلنت قيام جمهورية الصحراء وقد نشبت بعد ذلك حرب بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو المدعومة بقوة من الجزائر لمدة سبع سنوات نظرا لمطالبة الجبهة ببقية الصحراء أو الجزء التابع للمغرب ومما زاد الطين بلة أن الاتحاد الأفريقي في سنة 1984 اعترف بجمهورية الصحراء وجبهة البوليساريو مما دفع المغرب للانسحاب من الاتحاد الأفريقي.بعد مرور 32 سنة أعلن الاتحاد الأفريقي بعد تصويت غالبية الدول الأفريقية عن طرد جبهة البوليساريو وعدم اعترافه بجمهورية الصحراء وعودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي سنة 2016 ولكن قضية الصحراء بقيت ملتهبة بسبب انتهاكات جبهة البوليساريو بإيعاز من الجزائر.ملك المملكة المغربية محمد السادس دعا قبل أيام هيئة الأمم المتحدة إلى وقف ما وصفها بأعمال استفزازية لجبهة البوليساريو واتهمت الرباط الجبهة بالتوغل في منطقة الكركرات بالصحراء المغربية المتنازع عليها بين الطرفين وقال ملك المغرب إن الوضع في الصحراء يهدد وقف إطلاق النار القائم بين الجانبين وينذر بتداعيات خطيرة في حال استمرار هذا الوضع.لايخفى على أحد أن قضية الصحراء المغربية تتدخل بها أطراف دولية أي بمعنى آخر تم تدويل الصراع حول قضية الصحراء فنجد أن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا ويضيف لهم دول مجلس التعاون ومؤخرا الاتحاد الأفريقي الذي للأسف نستثني منه الدول العربية مثل الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا ومصر التي تقف مع جبهة البوليساريو أما بقية الدول الأفريقية فهي تقف مع المغرب في نزاعه ومطلبه العادل في بسط سيادته على الجزء التابع له من الصحراء المغربية.ذكرنا الدول التي تقف مع المغرب ويضاف لهم أيضا روسيا حيث ترتبط المغرب بعلاقات مميزة مع روسيا في عهد الملك محمد السادس وللعلم فقد احتفل الرئيس الروسي بوتين بحفل زفاف ابنته في السنه الماضية في مدينة مراكش المغربية وأما في الجانب المؤيد لجبهة البوليساريو فالداعم الأكبر لها هي الجزائر التي تشهد العلاقات وبينها وبين المغرب توترا شديدا بسبب موقفها من قضية الصحراء وهناك دول تساند جبهة البوليساريو لعل أبرزها الداعم الرسمي للإرهاب النظام الإيراني وأيضا موريتانيا وتونس وليبيا ومؤخرا مصر التي بسبب مصالحها مع الجزائر التي تزودها بالنفط والغاز اتخذت موقفا مؤيدا لجبهة البوليساريو بدليل استقبال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مؤخرا وفدا يمثل جبهة البوليساريو الانفصالية ولذلك يبدو الصراع معقدا بسبب تدويل هذه القضية وعجز الأمم المتحدة ومجلس الأمن عن اتخاذ أي إجراء من أجل تسوية الصراع حول قضية الصحراء بما يكفل حق المغرب بها .نعتقد أن قضية الصحراء هي مصيرية للجزائر أيضا حيث أنها تحتضن وتساند بقوة جبهة البوليساريو ليس لسواد عيونها ولكن نظرا للثروات الطبيعية الموجودة في الصحراء مثل النفط والفوسفات وغيرها من الموارد الطبيعية وكذلك منفذ بحري على المحيط الأطلسي.نعتقد أن هذه القضية زرعها الاستعمار الإسباني في المنطقة كما زرع الاستعمار الإنجليزي قضية كشمير بين الهند وباكستان وقضية فلسطين في قلب العالم العربي ولا نقول سوى المثل القائل (ماضاع حق وراءه مطالب) ولاشك أن المملكة المغربية ملكا وحكومة وشعبا لن يألوا جهدا في المطالبة بهذا الحق مهما كلف ذلك من ثمن وتضحيات وفي النهاية ستكون الصحراء مغربية وهذا حكم التاريخ والمنطق ولا يصح إلا الصحيح.أحمد بودستور
مشاركة :