مواهب ذوي الاحتياجات الخاصة المهدورة

  • 3/4/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

المواهب هي كنز مدفون يحتاج لمن ينقب عنه وعندما يجده عليه أن يصقله ويلمعه ليفوز بقيمته الحقيقية، ذوو الاحتياجات الخاصة مثلهم مثل الأسوياء بعضهم لا يمتلك أي موهبة وبعضهم يمتلك مواهب ويبدع في عمله او هوايته، ولكن هذه الفئة عندما تبدع يكون هذا مميزًا لأنها لا تستسلم لإعاقتها أو مشاكلها الصحية والعقلية والنفسية بل تتغلب عليها ولذا تستحق الإشادة والتقدير. ولو استعرضنا المواهب لذوي الإعاقة فسنجدها في مختلف المجالات منها العملية والفنية والرياضية والحرفية والأدبية وحتى مجال التنمية البشرية والخطابة والتدريب والتمثيل، ولاكتشاف المواهب نحن بحاجة الى كشافي مواهب محترفين وجادين وبحاجة الى جهاز خاص يطور وينمي المواهب ويرعاها، ففي البحرين جهود هنا وهناك واجتهاد شخصي من بعض المخلصين ولكن تبقى هذه الجهود ارتجالية ومبعثرة وغالبًا موسمية إذ لا يوجد عمل مؤسسي مدروس وذي رؤية وهدف بعيد المدى. وبشكل عام دعم المواهب في بلدنا محدود فما بالكم بدعم مواهب ذوي الاحتياجات الخاصة والإعاقة حيث نظرة الشفقة هي السائدة، فالمواهب وحدها لن تجد طريقها ما لم يكن هناك يد ممدودة تساعدها وتصقلها وتنميها، فالطموح والعزيمة لدى المعاق وذويه وحدهم لا يكفيان ما لم يكن هناك دعم مادي ومعنوي وإعلامي واحتضان للمواهب سواء من القطاع العام او القطاع الأهلي أو المجتمع المدني. في البحرين دور المؤسسات التعليمية العامة لا زالت دون المستوى المطلوب، وهنا نتكلم على التعليم الأساسي أما المواهب وصقلها فهي تحتاج الى مختصين ومع الأسف يرى المسؤولون انه ترف زائد لا حاجة له وخاصة في زمن التقشف وتقليص المصروفات، وأما المؤسسات التعليمية الخاصة فهي على الأغلب تتحرك وفق منطق الربح والخسارة وينصب جل اهتمامها على التحصيل الأكاديمي وهي بعيدة عن التوجيه الصحيح والمحاسبة والرقابة.بالنسبة لمساهمة القطاع الخاص هنا أود أن أشيد بمساهمة بعض الشركات بالدعم المادي للجمعيات المختصة بالإعاقة ولكن نحتاج الى احتضان هذه الشركات للمواهب والقدرات وإدماجها في برامجها، فمثلاً في الغرب يقاس نجاح الشركات الوطنية بمدى مساهمتها في المجتمع وخاصة رعايتها للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة واحتضانهم وتوظيفهم ودمجهم ضمن كادرها الوظيفي وتهيئة البيئة المناسبة لهم. ومؤخرًا أثار استغرابي قرار مجلس الشورى الذي برفضه اقتراح بتخصيص 2% من الموارد البشرية للشركات التي تملك الدولة فيها أكثر من 50% لذوي الاحتياجات الخاصة! أين المسؤولية المجتمعية؟ أين الشراكة؟ أين الدمج؟ أين التمكين؟ أين الحماية؟ أم أنها شعارات نتغنى بها وتزين مكاتبنا ومنشوراتنا ويتم استعراضها في كلماتنا وخطبنا! فعلاً إنه أمر معيب جدًا وخصوصًا وإن نسبة الإعاقة بالمملكة لا تتجاوز الـ 1% مقارنه بـ 2.6% في الدول النامية، ولذا نستنكر وجود أكثر من 578 شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة عاطلين ويبحثون عن عمل منهم 40 حملة الشهادات العليا والدبلوم!. العمل حق مشروع كفله الدستور وأقرته الاتفاقيات الدولية والمواثيق، وخاصة وأن مملكة البحرين انظمت الى ركب الدول الملتزمة بشكل حقيقي بدمج هذه الفئات، وكما تأثرت كثيرًا بقصة البحريني مقبول الذي لا يملك يدين وتم حرمانه من 50 دينارًا مساعدات بسبب روتين وبحجة تطبيق القانون تحولت حياته الى معاناة. فهل القانون جدار جامد لا روح فيه؟! هل من المعقول والمقبول أن يحصل هذا في بلد يفخر بطيبة شعبه وأخلاقهم! بصراحة يجب مراجعة منظومة أخلاقنا وقيمنا ومبادئنا. وبعيدًا عن كل هذا كإداري ومدرب تنمية بشرية ومن منطلق توظيف الموارد البشرية المناسبة في الشركات أستطيع أن أؤكد إن أفضل موظفي الاستقبال والعلاقات العامة والدعاية والترويج والإعلان هم ذوو متلازمة داون وذلك لامتلاكهم أريحية وطيبة وتمتعهم بابتسامة دائمة، وأفضل من نضعه خلف بدالة الهاتف ليرد على الزبائن هم غير المبصرين لتمتعهم بقدرات تمييز الأصوات.. وهل هناك أفضل تأثيرًا من التعرف على الزبون والترحيب به وتميزه من خلال صوته، وأما الصم والبكم فهم مناسبون للعمل الذي يحتاج تركيزًا إذ لا شيء يشوش عليهم، وأما المصابون بالتوحد فبعضهم يمتلك قدرات هائلة في الأعمال الدقيقة جدًا كتصليح الأجهزة ويتمتعون بذاكرة سعة استيعابها عالية جدًا، وهكذا من فقدوا نعمة يعوضونها بنعمة مقابلة وعلينا أن نستثمر هذه الميزة. لذا فخسارة كبيرة للمجتمع أن تهمش هذه الفئات ولا يستفيد منها، وختامًا يجب أن يبادر كل منا وحسب موقعه بتقديم الدعم الممكن ونسأل أنفسنا كيف نستثمر إمكانياتهم بما يفيدهم ويفيدنا ويفيد المجتمع ويجنبنا جميعًا خسارة إمكانياتهم.] محمد عبدالله الأحمدي مستشار إداري/‏ مدرب تنمية بشرية

مشاركة :