الحياء والستر من دعامات بناء المجتمعات

  • 3/4/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كتب - نشأت أمين: أكد فضيلة الشيخ عبد الله محمد النعمة أن الحياء والستر وحب الطهر والعفاف وسلامة العرض وصيانته من دعامات بناء الأمة والمجتمعات ومن أهم أسس صلاح الأفراد والشعوب، وهي في ذات الوقت من أسماء الله تعالى الحسنى، ‏وصفاته العظمى، ومن أعز صفات الإنسان الدالة على سلامة جوهره، وطيب معدنه، وحبه للخير والصلاح، وبعده عن الشر والفساد، يحبها الله تعالى في خلقه، ويحبها الناس في بعضهم. وقال، في خطبة صلاة الجمعة بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب: إذا ذهب الحياء وحب الستر من المرء فلا دواء له، ولا خير في وجه يقل حياؤه، ومن لم يصن عرضاً، ويستر عيباً، ويخف عاقبةً، ويخش خالقاً، ويستحي من مخلوق صنع ما شاء. ‏ وأضاف أن النفس البشرية ليست معصومة من الخطأ والزلل، بل هي مجبولة على المعصية، مفطورة على حب الشهوات والمخالفات، لكن المؤمن إذا حدّثته نفسه بالمعصية امتنع منها، فإن غلبه الشيطان والنفس ورفاق السوء، فأوقعوه في المعصية.   حق المؤمن وأضاف "المشروع في حق المؤمن ‏ألا يستمرئ المعصية، ولا يصر عليها، وأن يستتر بستر الله، ولا يحدّث بها أحداً، ثم الواجب عليه بعد ذلك التوبة النصوح منها، والاستغفار والعودة إلى الله الذي يَقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، فمن كانت هذه حاله ‏فإن الله تعالى يستره، ويغفر له، بهذا وعد الله عباده المستترين المحبّين للحياء التائبين العائدين إلى الله. وبيّن خطيب الجمعة كيف يكون ستر العباد يوم القيامة.. ورد في الصحيحين أنه ‏صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَيَقُولُ: أَيْ عَبْدِي تَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ، قَالَ: إِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَقَدْ غَفَرْتُهَا لَكَ الْيَوْمَ...)، ‏وكانت عائشة رضي الله عنها تقول لمن يذنب من النساء: ‏(يا نساء المؤمنين إذا أذنبت إحداكن ذنباً فلا تخبرن به الناس ولتستغفرن الله ولتتب إليه فإن العباد يُعيرون ولا يُغيرون والله تعالى يُغير ولا يُعير).   المجاهرة بالمعصية وقال الخطيب: إن من رحمة الله بهذه الأمة أن ستر عليها ذنوبها ومعاصيها، وأشرع لها التوبة والاستغفار منها، وكان بنو إسرائيل إذا أذنب أحدهم ذنباً أصبح مكتوباً بين عينيه ذنبه الذي فعل فيفتضح بين الناس. وأضاف: لأجل هذا أمر المسلم إذا ألم بمعصية أن يستر نفسه ولا يفضحها ولا يجاهر بمعصيته ويخبر بها، وأن يتبعها التوبة النصوح والاستغفار منها.. عن عثمان بن أبي سودة قال: "لا ينبغي لأحد أن يهتك ستر الله تعالى قيل: وكيف يهتك ستر الله؟ قال: يعمل الرجل ‏الذنب فيستره الله عليه فيذيعه في الناس". وأضاف الشيخ النعمة: إن منهج الرسول ومنهج الخلفاء الراشدين من بعده كان الستر على أهل الذنوب والمعاصي غير المُجاهرين، وكان صلى الله عليه وسلم كما عند أبي داود بسند صحيح يأمر أصحابه بتعافي الحدود فيما بينهم. ويقول أبو بكر رضي ‏الله عنه "لو أخذت سارقاً لأحببت أن يستره الله ولو أخذت شارباً لأحببت أن يستره الله عز وجل". وذكر الخطيب أن بعض قادة عمر بن الخطاب كانوا على جيش فقال للعسكر: "إنكم نزلتم أرضاً فيها نساء وشراب ‏فمن أصاب منكم حدًّا فليأتنا حتى نطهر، فبلغ ذلك عمر فكتب إليه منكراً عليه: "لا أم لك تأمر قوماً ستره الله عليهم أن يهتك ستر الله عليهم".   واجب المسلم وقال: إن الواجب على المسلم أن يعلم أنه وإن كان الله حليماً ستيراً غفوراً عفواً، فإنه سبحانه شديد العقاب، فلا ينبغي أن تحمله صفات الحلم والستر التي لله تعالى كمالها المطلق على ‏الاستهانة بالمعاصي والمنكرات، والاختفاء بها عن أنظار الناس لأن الله تعالى يغار، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرّم الله، ولأجل هذا حرّم الله الفواحش ما ظهر منها وما بطن. وأضاف: إن الستر على المسلمين وتغطية عيوبهم وأخطائهم وإخفاء زلّاتهم وهفواتهم والبعد عن تتبّع عوراتهم وفضح أسرارهم من أعظم الآداب التي دعت إليها شريعة الإسلام ورغّبت فيها، ورتّبت عليها الأجور العظيمة في الدنيا والآخرة.. يقول ابن عمر رضي الله عنهما: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال: (يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله).

مشاركة :