لبنان يفك الحصار عن الطفيل وأهاليها يشعرون بدولتهم «للمرّة الأولى منذ الاستقلال»

  • 4/23/2014
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت: كارولين عاكوم دخلت أجهزة الدولة اللبنانية للمرّة الأولى، أمس، إلى بلدة «الطفيل» على الحدود السورية، منذ الاستقلال، وبعد شهر من الحصار المزدوج على الجهتين، من سوريا والبقاع. وبدأت المساعدات تصل ظهرا، عبر الطريق الترابية من بريتال، التي كانت أقفلت إثر سقوط القلمون، علما أن تعبيد طريق أساسية تصل البلدة بالبقاع اللبناني، يبلغ طولها 23 كيلومترا، يتطلّب أكثر من ستة أشهر. وأبدى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، أمس، ارتياحه لسير عملية إغاثة أبناء الطفيل، فيما قوبل الوفد الذي وصل إلى البلدة باستقبال شعبي حافل على وقع الزغاريد والأرز ونحر الخراف. وكانت الأجهزة اللبنانية من الجيش والأمن العام والأمن الداخلي وجمعيات إغاثية تولّت مهمّة نقل المساعدات، وحملت القافلة التي وصلت عند الظهر ألف حصة غذائية مقدمة من الهيئة العليا للإغاثة ودار الفتوى، إضافة إلى المازوت والبطانيات، بينما عمل الصليب الأحمر على نقل الجرحى. وقال مختار البلدة السابق رمضان دقّو لـ«الشرق الأوسط»: «كان اليوم (أمس) عرسا بالنسبة إلى البلدة التي عانى أهلها إهمال دولتهم منذ الاستقلال»، مشيرا إلى أنّه «للمرّة الأولى وضعت نقطة مؤقتة، للأمن العام في المنطقة التي تفصل بين بريتال البقاعية ورأس الحرف»، وأشار دقّو إلى أنّ أكثر من 300 عنصر من القوى الأمنية انتشروا على الطريق بعد إزالة حواجز حزب الله، علما بأن حواجز الحزب كانت وضعت في بريتال قاطعة الطريق لمنع دخول مسلحي المعارضة بعد سقوط القلمون. وقال دقّو: «انتظرنا هذا الحدث سنوات عدّة، ورغم فرحنا به فإننا نأسف أنه لم يأت إلا بعدما كاد أهالي البلدة يتعرضون لكارثة إنسانية». وكانت الاحتفالات بوصول أجهزة الدولة إلى البلدة المعزولة، بدأت من القرى اللبنانية القريبة منها، ولا سيّما من بريتال التي تخضع لنفوذ حزب الله، حيث استقبل الوفد بالأرز ونحر الخراف أيضا، وأكّدوا تضامنهم مع أهالي الطفيل المجاورة، مؤكدين تحييد بلداتهم عن الأزمة السورية، وطرفي النزاع فيها، من النظام والمعارضة، بحسب ما أكّد دقّو. وعلى أرض الطفيل التي كان أهلها يعيشون حياتهم على أنّهم سوريون أكثر من كونهم لبنانيين، حضر مختار بلدة عسال الورد السورية، المجاورة، مرحبا وناقلا مئات ربطات الخبز، وأكّد على أنّ العلاقات بين البلدين ستبقى كما هي مبنية على الأخوة بعيدا عن المشكلات من أي نوع كانت. وتربط الطفيل بقرى القلمون ولا سيّما عسال الورد، علاقات عائلية واجتماعية، لقرب بلدتهم من ريف دمشق التي يصلون إليها بسهولة أكبر من وصولهم إلى البقاع اللبناني. وفي حين كان المشنوق أعلن الأسبوع الماضي، أنّ أولى خطوات الخطّة ستبدأ بتأمين خروج من يرغب من العائلات من البلدة، الأمر الذي استدعى اعتراضا من المعارضين السوريين، محذرين من ارتكاب النظام السوري مجزرة بحق النازحين الهاربين إلى الطفيل، أكّد مفتي بعلبك الهرمل، بكر الرفاعي، لـ«الشرق الأوسط» أنّ أهالي الطفيل لا يريدون ترك منازلهم، وسيعمل على إخراج المصابين فيها من اللبنانيين والسوريين للعلاج فقط، وهذا ما أكّد عليه دقّو، مشيرا إلى أنّ أهالي الطفيل اتخذوا قرارا بالإجماع برفض ترك بلدتهم، قائلا «نحن قلبا وقالبا مع الدولة اللبنانية وأجهزتها، وننأى بأنفسنا عن الأزمة السورية لكننا في الوقت عينه نستقبل العائلات التي لجأت إلينا هاربة من الموت». كما نفى الرفاعي أنّ تكون المساعدات التي وصلت إلى البلدة أمس، هي مخصّصة فقط للبنانيين، قائلا: «لا فرق بالنسبة إلينا بين لبناني وسوري، المساعدات ستصل إلى كل من يحتاج إليها». وفي هذا الإطار، لفت الناطق باسم تنسيقية القلمون عامر القلموني لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود نحو 80 ألف نازح سوري في الطفيل، وأكّد أن المعارضين المسلحين الذين تركوا القلمون إثر سقوطها في يد النظام لم يلجأوا إلى البلدة بل إلى جرودها، مؤكدا أن السوريين الموجودين في الطفيل هم من النساء والأطفال والعجزة، وكانوا كما أهالي البلدة يعانون من نقص في المواد الغذائية ومعظمهم يفترشون الأرض ولا يجدون سقفا يؤويهم. وتقع الطفيل في أقصى جرود سلسلة لبنان الشرقية، وتحدها من الشرق عسال الورد وحوش عرب في سوريا، وعلى مسافة نحو ثلاثة كيلومترات من الغرب حام، ومن الشمال معربون وبريتال اللبنانية التي تبعد 25 كيلومترا، ومن الجنوب رنكوس السورية على مسافة خمسة كيلومترات. ومنذ استقلال لبنان، تعاني هذه البلدة من «إهمال» الدولة اللبنانية، ولم يكن يصلها بمناطق البقاع الحدودية المحاذية لها إلا طريق ترابي يسلكه أهالي المنطقة عبر بريتال، وهو الطريق نفسه الذي أعادت القوى الأمنية فتحه أمس ووصلت عبره أوّل دفعة من المساعدات الغذائية.

مشاركة :