«الاحتياطي الأميركي» بصدد تشديد سياسته النقدية

  • 3/5/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ظلت الأضواء مسلطة على بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في الفترة الأخيرة، حيث برزت أسئلة حول كيفية تعامله مع السياسات الاقتصادية التي يتبناها الرئيس ترمب، وخصوصاً التحفيزات المالية المرتقبة. وقد ظل هناك جدل بشأن توقيت الجولة القادمة من رفع أسعار الفائدة في ضوء البيانات الاقتصادية القوية.كما ظل التركيز منصباً على الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي واستراتيجية تقليصها على خلفية تصريحات عدد من مسؤولي البنك. وسنتطرق لهذه المسائل بالتفصيل في هذا المقال. ونعيد التأكيد على أننا نتوقع أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة مرتين خلال 2017 بدءاً من النصف الأول للعام الحالي. ومن غير المحتمل أن يبدأ البنك بتقليص ميزانيته العمومية قبل منتصف 2018، بحسب تقرير صادر عن «QNB». المرات كم مرة يُتوقع أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة في 2017؟ نعتقد أن ظروف الاقتصاد الكلي تسمح برفع الفائدة مرتين. فمن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة %2.0 في 2017. ومن شأن ذلك أن يقلص معدل البطالة بنسبة %0.2 إلى %4.5 بنهاية 2017 مقارنة بالعام السابق. كما يُتوقع أن يرتفع التضخم الأساسي بنسبة %0.1 إلى %1.8 خلال نفس الفترة. وإذا استخدمنا القاعدة المعيارية لبنك الاحتياطي في ربط قرارات أسعار الفائدة بمعدلات التضخم والبطالة (ما يعرف بقاعدة تايلور) فإن مدى التحسن في الظروف الاقتصادية يشير إلى رفع أسعار الفائدة مرتين. وتتفق الأسواق المالية مع هذا المنطق، فهي تتوقع حالياً جولتين من رفع أسعار الفائدة. متى يُتوقع أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة مجدداً؟ لقد رفعت الأسواق نسبة توقعها لقيام بنك الاحتياطي برفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه القادم في مارس إلى %80 بزيادة من نسبة %24 المسجلة قبل ثلاثة أسابيع، مدفوعة بالبيانات القوية الأخيرة عن مبيعات التجزئة وتضخم أسعار المستهلكين. لكننا نعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يقرر الانتظار حتى مايو أو يونيو، حيث إن ذلك سيمنحه وقتاً أكثر للتعرف على سياسات ترمب الاقتصادية وكيفية تأثيرها على الاقتصاد. وسواء جاء رفع أسعار الفائدة في مارس أو بعد ذلك بثلاثة شهور في يونيو، فإن ذلك لن يفرق كثيراً، خصوصاً إذا لم يطرأ تغيير على العدد الإجمالي لعدد مرات رفع الأسعار. الميزانية والأمر الأهم من ذلك، والذي يُحتمل أن يكون له تأثير مزعزع بدرجة أكبر على الأسواق المالية، هو السؤال الثالث حول الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي. فبعد أن خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى نسبة قريبة من الصفر في أواخر عام 2008، أصبح خفض أسعار الفائدة طويلة الأجل أداته الرئيسية لمعالجة الركود وذلك من خلال القيام بجولات متعددة من التيسير الكمي. وقد تضمنت هذه الجولات شراء كميات كبيرة من السندات الحكومية والأوراق المالية المضمونة من قبل الحكومة، وهو ما أدى إلى تضخم الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي من حوالي900 مليار دولار إلى حوالي 4.5 تريليون دولار في الوقت الراهن. وقد كان التيسير الكمي استثنائياً في نطاقه وحجمه وكان من المتوقع أن يتم تخفيضه في مرحلة ما. وقد طالب البعض ببدء عملية التخفيض بشكل عاجل. ومن شأن عكس مسار التيسير الكمي أن يرفع أسعار الفائدة طويلة الأجل، وقد يوفر طريقة بديلة لتشديد السياسة النقدية مقارنة بتعديل أسعار الفائدة قصيرة الأجل. وينبغي لهذه الطريقة أن تكون أكثر جدوى خاصة لأن الدولار الأميركي يتأثر بدرجة أقل بأسعار الفائدة طويلة الأجل مقارنة مع أسعار الفائدة قصيرة المدى، وهو ما يعني أن عكس مسار التيسير الكمي يمكن أن يوفر التشديد المطلوب في أسعار الفائدة على القروض دون إحداث ارتفاع في قيمة الدولار حيث أن ذلك يضر بالصادرات. وبالإضافة إلى ذلك، فإن حجم وتوسع الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي قد أثارا انتقادات سياسية ويمكن لعكس مسار التيسير الكمي أن يساعد في درء هذه الانتقادات، بحسب «QNB». حجج لكن هناك أيضاً بعض الحجج التي تعارض خفض التيسير الكمي بشكل متعجل. أولاً، على الرغم من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يسعى لاستخدام عملية «عكس التيسير الكمي» كبديل لرفع أسعار الفائدة، يمكن للأسواق أن تفسر التعجل في عكس مسار التيسير الكمي على أنه مؤشر على أن أسعار الفائدة سترتفع بوتيرة أسرع من المتوقع، وذلك من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع قيمة الدولار وهروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، وهو نفس السيناريو الذي حدث في عام 2013 إبّان «نوبة غضب». ثانياً، إن استيعاب تأثير التيسير الكمي وعملية عكس مساره يعتبر أكثر تعقيداً مقارنة مع استيعاب تأثير أسعار الفائدة قصيرة الأجل. وقد يرغب بنك الاحتياطي الفيدرالي في بناء مساحة كافية للسماح بخفض أسعار الفائدة بطريقة مجدية في حال أتت عملية عكس التيسير الكمي بنتائج سلبية. ولذلك يصر بنك الاحتياطي الفيدرالي على عدم تخفيض ميزانيته إلا بعد المضي قدماً في تشديد أسعار الفائدة. ثالثاً، على الرغم من الانتقادات السياسية، لا توجد أدلة كافية على أن ضخامة الميزانيات العمومية للبنوك المركزية تؤثر سلباً على اقتصاداتها. فالبنوك المركزية في المملكة المتحدة واليابان وسويسرا لها ميزانيات عمومية أكبر من بنك الاحتياطي الفيدرالي قياساً بحجم اقتصاداتها. ومع ذلك، فإن النتائج السلبية المرتبطة بكبر حجم الميزانيات العمومية للبنوك المركزية في تلك البلدان تعتبر قليلة أو تكاد تنعدم. في ضوء هذه الحجج، لا نعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيتعجل في عكس مسار التيسير الكمي وتخفيض ميزانيته العمومية. ونتيجة لذلك، لا نتوقع لهذه العملية أن تبدأ إلا في وقت ما خلال عام 2018. وفي غضون ذلك، سيواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل بطريقة تدريجية. وهذا يعني إجراء جولتين من رفع أسعار الفائدة في عام 2017.;

مشاركة :