لا ينبغي لـ «الاحتياطي الفيدرالي» الإسراع في تشديد السياسة النقدية

  • 6/25/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الاحتياطي الفيدرالي يتقدم على غيره من البنوك المركزية الغربية المهمة، من حيث تطبيع السياسة النقدية. هذا أثار نقاشا حيا. من الأسئلة البارزة هناك سؤال حول ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي حكيما في المضي قُدما في تشديده للسياسة وما إذا كان ينبغي له تغيير هدفه للتضخم. هناك سؤال ثالث أيضاً قيد النقاش: هل ينبغي للرئيس استبدال جانيت ييلين رئيسة مجلس البنك حين تنتهي فترة ولايتها في كانون الثاني (يناير)؟ الإجابات عن جميع الأسئلة الثلاثة هي: لا.لماذا لا ينبغي أن يعجل الاحتياطي الفيدرالي بجهوده في تشديد السياسة النقدية؟ حتى بعد الخطوة الأخيرة، سعر الفائدة على الودائع بين المصارف لا يتجاوز 1.25 في المائة. علاوة على ذلك، انخفض معدل البطالة إلى مستويات متواضعة. حتى أن هذا صحيح على مقياس أوسع يسمح باحتساب العاملين "المرتبطين هامشياً" و"الذين يعملون بدوام جزئي".لكن لا تزال هناك حجة قوية ضد التشديد: التضخم منخفض بعناد. علاوة على ذلك، كما أشارت جانيت ييلين في مؤتمرها الصحافي في 14 حزيران (يونيو)، التضخم كان أقل من هدف الاحتياطي الفيدرالي لمدة "خمسة أعوام تقريباً". من المعقول أن نسأل ما إذا كان البنك المركزي الذي يقوم بالتشديد وفي الوقت نفسه يفشل باستمرار في تحقيق هدفه يأخذ الأمر الأخير على محمل الجد.هل نسبة 2 في المائة هي الحد الأقصى، وليست هدفا متناظرا؟ هي بالتأكيد حد أقصى بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي الذي يُحدد هدفه بأنه "أقل، لكنه قريب من 2 في المائة على المدى المتوسط".هناك سبب واحد لتجنّب مزيد من الإجراءات المتشددة هو إثبات أن الاحتياطي الفيدرالي على استعداد للسماح بتجاوز التضخم بنسبة 2 في المائة بقدر السماح له بالبقاء دون تلك النسبة. هناك سبب آخر هو أن البيانات لا تُظهر أي تسارع زائد عن الحد في الاقتصاد. ويشعر الكثيرون بالقلق إزاء ارتفاع التضخم منذ أن تصرّف الاحتياطي الفيدرالي بشكل حاسم ضد الكساد الذي كان يلوح في الأفق في أواخر عام 2008. وقد تجاهلهم الاحتياطي الفيدرالي إلى حد كبير. وينبغي له تجاهلهم.في شرح معارضته لقرار حزيران (يونيو) القاضي برفع أسعار الفائدة، يؤكد نيل كاشاكاري، من الاحتياطي الفيدرالي في مينيا بوليس، أن المخاطر غير متناظرة. إذا شدد الاحتياطي الفيدرالي في وقت قريب جداً وبقوة فوق الحد، يُمكن أن يكون الاقتصاد ضعيفاً بلا داعٍ. إذا أخذنا فكرة التباطؤ على محمل الجد (تأثير الركود الدائم على المدى الطويل)، فإن هذه الخسائر يُمكن أن تكون إلى الأبد. إذا شدد الاحتياطي الفيدرالي في وقت متأخر جداً وبشكل ضعيف دون الحد، فإن التضخم سيرتفع مؤقتاً. الخطأ السابق سيكون أسوأ بكثير.علاوة على ذلك، عندما تكون التوقعات راسخة جيداً، فإن أثر انخفاض معدل البطالة على التضخم قد يكون ضعيفا. أوليفييه بلانشار، الذي يعمل الآن في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن، يُشير إلى أن العلاقة اليوم تُشبه علاقة الستينيات أكثر من علاقة السبعينيات، مع الزيادة الهائلة في التضخم. هناك مثال تاريخي قد يكون مفيدا في هذا المقام. بين عام 1960 وعام 1970، معدل البطالة في ألمانيا الغربية كان أقل من 1 في المائة لفترات طويلة. لكن التضخم لم يُظهر أي زيادة طويلة الأمد. ولم يرتفع التضخم باستمرار إلا في التضخم العالمي في السبعينيات.الاحتياطي الفيدرالي متحمس للغاية بشأن التشديد. لكن هل ينبغي له أيضاً رفع هدفه للتضخم؟ هذه مسألة منفصلة، كما أشار مارتن ساندبو. إذا فشل شخص ما بتحقيق هدفه، فإن مناقشة ما إذا كان ينبغي رفعه يبدو في الأساس كأنه انحراف. مع ذلك، جادل مختصو الاقتصاد النافذون لصالح رفع الهدف. الحجة الرئيسة هي أنه قد تكون هناك حاجة إلى أسعار الفائدة الحقيقية السلبية للغاية على المدى القصير في الركود التالي، لأن معدل التوازن الحقيقي منخفض جداً. حين يكون التضخم بنسبة 2 في المائة، فإن "الحدود الصفرية" على أسعار الفائدة الاسمية على المدى القصير تُقيّد المرونة الهابطة اللازمة في أسعار الفائدة الحقيقية.هذه الحجة ستكون أقوى إذا كان من الصعب فعلاً تخفيض أسعار الفائدة الاسمية على المدى القصير إلى أقل من صفر. لكن ليس هناك حد مُلزم من هذا القبيل. لن يتحوّل الناس إلى النقود لتجنّب أسعار الفائدة السلبية حتى بعدة نقاط مئوية، خاصة إذا كان الأخير من غير المتوقع أن يدوم. العمل بالنقدية هو أمر غير مريح للغاية. إذا لزم الأمر، بالإمكان تقييد القدرة على تحويل الودائع المصرفية إلى نقود، من خلال نظام فرض الرسوم. بمجرد أن نفهم هذا، فإن أسعار الفائدة الاسمية السلبية للغاية تُصبح ممكنة. الحد الأدنى من صفر هو أسطوري بقدر قطع مسافة ميل خلال أربع دقائق، الذي تحقق فعلا في عام 1954.هذا أمر غير مهم إذا كان تغيير الهدف بدون تكاليف. لكنه ليس كذلك. الكثير من الجهود بُذلت في تحديد الهدف الذي بنسبة 2 في المائة. في الأزمة الأخيرة، هذا أبقى توقعات التضخم مرتفعة وبالتالي أسعار الفائدة الحقيقية منخفضة. تغيير الهدف بالتأكيد سيعمل على زعزعة التوقعات بشأن أي هدف في المستقبل: إذا تخلّوا عن نسبة 2 في المائة مقابل نسبة 4 في المائة، فلماذا لا يرفع محافظو البنوك المركزية الهدف إلى 8 في المائة؟ نعم، يجب دراسة المسألة. ونعم يجب النظر في كيفية جعل أسعار الفائدة الاسمية السلبية تعمل بشكل أفضل. لكن لا يجب تغيير الهدف بدون الكثير من التفكير الدقيق.أخيراً، هل ينبغي لدونالد ترمب استبدال شخص آخر بييلين؟ ناريانا كوتشرلاكوتا، الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي في مينيا بوليس، يوفّر إجابة سلبية. على افتراض أن ترمب لا يُعاني مرض الأموال الصعبة للغاية مع معيار الذهب الذي يعاني منه كثير من الجمهوريين، يجب أن تكون ييلين الخيار المتفوق. كنت أتمنى أن تتخذ مزيد من المخاطر على جانب التوسيع، لكن على جانب كفاءتها واستعدادها لموازنة الحجج بطريقة غير إيديولوجية ليس هناك شك. لنتذكر أن رونالد ريجان أعاد تعيين بول فولكر، الديموقراطي الذي عيّنه جيمي كارتر، تماما كما أعاد بيل كلينتون تعيين ألان جرينسبان، الجمهوري الذي عيّنه ريجان، وباراك أوباما أعاد تعيين بن برنانكي، الجمهوري الذي عيّنه جورج دبليو بوش. التقليد القائل إن الاحتياطي الفيدرالي غير سياسي، يُمثل الحزبين ومدعوم من رؤساء كل من الحزبين، بغض النظر عن الحزب الذي ينتمي إليه رئيس مجلس الإدارة، خدم البلاد بشكل مُثير للإعجاب.إذا أراد ترمب اتّخاذ خطوة صغيرة لاكتساب سمعة في حسن التقدير، ينبغي له إعادة تعيين ييلين. في وقت الاضطراب، هذا ليس الوقت المناسب لعمليات خروج جذرية جديدة. لندع الاحتياطي الفيدرالي يُعزز، تحت قيادة ييلين، الانتعاش الذي تحتاج إليه الولايات المتحدة، والرئيس.Image: category: FINANCIAL TIMESAuthor: مارتن وولف من لندنpublication date: الأحد, يونيو 25, 2017 - 03:00

مشاركة :