مما لا شك فيه أن المنشآت المتوسطة وصغيرة الحجم تدعم تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل والإنتاج في دول العالم التي تدرك أهمية هذا القطاع حيث تعمل في بيئة أكثر مرونة إلى الانتشار والتكيف مع مختلف الظروف، نظرًا لصغر حجم الاستثمار والملكية، وهذا يسهم في تحقيق التوازن ماديًا واقتصاديًا لتغطية النقص للمنتجات والأعمال التي تقع خارج نطاق المشاريع والمنشآت الكبيرة، بل إنها تشكل مصدر ضغط تنافسي وتحريراً للسوق من الاحتكار وارتفاع أسعار السلع، أيضًا سهولة اتخاذ القرار (المالك) في الأغلب شخص واحد وهو من يديرها إدارياّ وماليًا وفنيًا، حيث يغلب على ملكيتها الطابع الأسري باستثمار محدود ومنخفض التكلفة ولا يتطلب القرار والإجراءات لنظام حوكمة ولا مجالس إدارات للموافقة على الإستراتيجية وصنع القرارات يضاف إلى ذلك بأن أغلب تلك الشركات تعتمد على الموارد المحلية الأولية والعمالة الأجنبية متدنية الأجور وهذا يخفض التكلفة التشغيلية ويساعدها على النمو متى ما كان المناخ صحيا للعمل في بيئة محفزة. تصنيف المنشآت بين صغير ومتوسط الحجم يختلف من دولة إلى أخرى، في السعودية يتم استخدام معيار عدد العمالة وحجم المبيعات بما لا يتجاوز 30 مليونا للصغيرة فيما صنفت المتوسطة ما بين 70-50 مليون ريال، وهي تشكل ما يزيد عن %93 من إجمالي الشركات المسجلة في المملكة، ونظرًا لإسهام هذا القطاع في الناتج المحلي بما يزيد عن 30% تم إنشاء هيئة بمسمى (الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة) بقرار وزاري عام 2015م يضاف إلى ذلك الحث على تمويل صناديق الدولة كبرنامج كفالة التابع لصندوق التنمية الصناعية الذي يوفر ضمانات للبنوك التجارية بكفالة %80 من تكلفة التمويل بما لا يتعدى مليونا وستمائة ألف ريال. ما يشكل نقطة سوداء في هيكلتها الوظيفية التخفي بالسعودة الوهمية التي تخالف المأمول بأن تكون ملاذا آمنا للحد من البطالة وتوظيف الخريجين المواطنين بنسبة كبيرة للعمل في أغلب الأعمال الإدارية والفنية اقتداء بالدول المتقدمة التي تعتمد على هذا القطاع المهم والقابل للنمو في تدعيم اقتصادها وسد الفجوات بينما الواقع أنها بمنزلة حاضنة للوافدين حيث يعمل فيها ما يقارب من %70 من إجمالي عدد العاملين الأجانب. من المعوقات التي أجبرت كثيرا من هذه الشركات الخروج من السوق البيروقراطية والمتطلبات والرسوم الحكومية المتعددة التي نمت مؤخراً مما أثقل موازنات الشركات، إضافة لضعف التدفقات النقدية نتيجة التأخير في سداد المستحقات الحكومية، وهذا جعلها تبحث عن تمويل لسد الالتزامات التي عليها وضمنها رواتب العمال أو دفع الرسوم عبر البنوك التجارية، ولكن المطالبات التي يصعب على المُلّاك توفيرها ومن أهمها ضعف السجل الائتماني والضمانات برهن الأصول متدنية القيمة اضطرهم للبيع أو تأجيرها للأجانب لتستفيد من هذه الظروف وتستأثر بمدخرات وخيرات البلد، وتبع ذلك مخالفات للأنظمة وتستر ومطالبة بدفع الغرامات بدلاً من تسخير الجهود لتطوير القطاع ورفع كفاءة الإدارات بالتدريب والتوجيه ووضع إستراتيجيات نمو مع تحسين بيئة العمل، يضاف إلى ذلك الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة وتذليل كل العقبات فيما يتعلق بتقليص الرسوم والتعجيل بدفع المستحقات والمساهمة في دفع جزء من مستحقات العمالة الوطنية لتخفيف الأعباء على الشركات بنفس الدعم الذي يجده القطاع الخاص في التعليم الأهلي لسعودة القطاع كحقيقة وليس وهما لوجود بند تم إقراره في موازنة العام 2017 بدعم المنشآت الصغيرة ومتوسطة الحجم إضافة لتوجيه الرسوم التي تدفعها الشركات نتيجة عدم الالتزام بالسعودة إلى الشركات التي تطبقها وتحرص على توظيف أبناء الوطن.
مشاركة :