لا يقوى المغاربة على مقاومة مشاهدة الاستعراضات الخطرة التي يقوم بها مروضو الثعابين أمام الجمهور مباشرة في الشوارع تجسيداً لثقافة شعبية قديمة تشجع على استعراض الثعابين الخطرة لتربية النشء على الشجاعة والإقدام، فحتى الخائفون يدفعهم الفضول لمتابعة تحركات الثعابين السامة واستعراضات مربيها الذين يحولون هذه الحية إلى حيوان مسالم يرقص ويتمايل على أنغام الناي. ورغم الحوادث التي يتسبب بها مروضو الثعابين والرهبة التي يخلقونها عند البعض إلا أن الطابع البدوي الذي يميز أداءهم والفرجة الشعبية العريقة التي يخلقونها، تدفع السلطات إلى التغاضي عنهم. يقوم حاوي الثعابين بالعزف على المزمار ليسحر الثعابين ويحثها على الخروج من مخدعها متراقصة جاذبة أعداداً كبيرة من المتفرجين الذين يتحلقون حولها في أسواق وشوارع الأحياء الشعبية، وتتفاعل الأفاعي ذات السم القاتل مع الحركات التي يقوم بها مروض الثعابين وهو يعزف موسيقاه. وترتفع حرارة العرض باستعراضات خطرة تحبس الأنفاس وتدفع أعداداً من الجمهور إلى الهرب والتخلي عن متابعة العرض بينما تصفق القلة الباقية لهذه الاستعراضات، بل وتتطوع للمشاركة فيها، بحمل أفعى «كوبرا» ووضعها حول العنق أو في الجيب غير آبهين بما يمكن إن يتسبب بها الثعبان الذي لا يخضع لعملية نزع السم بشكل دوري. استعراضات خطرة بحثاً عن إكراميات يقوم مروض الثعابين باستعراضات خطرة مثل إدخال رأس الثعبان في فمه أو استفزاز الأفعى لتقوم بلدغه ثم التفاخر بنزع السم بنفسه، ومنهم من يقوم بالتجول بين الجمهور المتحلق ووضع عدد من الثعابين على رأس أحد المتفرجين فجأة مما يتسبب بحالة هلع وخوف بين الجمهور. وقد تسببت هذه الاستعراضات في حوادث خطيرة كان آخرها وفاة مروض أفاع يعمل بساحة جامع الفنا بمراكش بعد تعرضه للدغة ثعبان حين كان يقدم عرضاً أمام مجموعة من السياح الأجانب، حيث اكتفى بالاعتماد على نفسه باستخراج السم عبر امتصاصه بفمه. ويقول حاوي الثعابين رشيد العناوي: إن بعض مربي الثعابين يلجأون إلى أساليب عدة من أجل ربح المال ولا يهتمون بما يمكن أن تسبب أفعالهم، حيث يقوم بعضهم برمي الثعبان على المتحلقين حوله وآخرون يفاجئون المارة بوضع الثعبان على كتف أحدهم أو عند قدميه ويرفضون إزالته إلا بعد الحصول على مبلغ مالي. ويضيف أن ابتزاز المارة والسياح أصبح الشغل الشاغل لبعض مروضي الثعابين خاصة الذين انحسر عنهم الجمهور أو المبتدئين في هذا المجال، ورغم تذمر الناس من تصرفاتهم وجشعهم فإنهم لا يتوقفون عن القيام بأعمال خطيرة قد تتسبب في كارثة إما بإصابة أحد الجمهور بلدغة أو بنشر الهلع والرعب بين الناس. استجداء الناس وإرهابهم في فصل الصيف تكثر استعراضات حاوي الثعابين مما يدفع بعضهم إلى البحث عن مناطق جديدة بعيدة عن الأسواق والحدائق العامة، حيث يتزاحم مروضو الثعابين على تقديم استعراضاتهم، ولا يتردد حواة الأفاعي في القيام بجولات على الأحياء السكنية ويدعون الناس للتحلق من حولهم لمشاهدة الاستعراض بينما يتجرأ آخرون على التجول بين الإقامات السكينة لاستجداء الناس بالثعابين وإرهابهم بها ليجودوا عليهم بالعطايا. وتقول ربة البيت سعيدة الحراش التي عاشت تجربة صعبة بسبب استهتار حاوي ثعابين، إن «مروضي الثعابين ينقلون الأفاعي من الأودية والجبال إلى الأسواق الشعبية والمواسم والمهرجانات والأحياء السكنية لتقديم استعراضاتهم دون مراعاة خطورتها على الجمهور وخاصة على الأطفال الذين لا يترددون في الاقتراب منها بشكل كبير ظناً منهم أنها مسالمة...»، وتضيف أن «مروضي الثعابين الذين يجولون وسط الأحياء مستغلين تغاضي السلطات عنهم بداعي أنهم يروجون للتراث ويقدمون فرجة شعبية يسعون إلى إخافة الساكنة بطرق الباب ومفاجأة الناس بالحية أو تركها على عتبة المنزل لإرغام سكان البيت على منحهم مبلغاً مالياً كبيراً». وعن تجربتها مع مروضي الأفاعي قالت سعيدة إنها كادت تفقد ابنها حين تعرض للدغ ثعبان خلال مداعبته له في إحدى زيارات حاوي ثعابين للحي لولا لطف الله بها، ومنذ ذلك اليوم أصبحت ترفض التعامل مع مروضي الثعابين لكنهم لا يتخذون الاحتياطات الكافية للتعامل مع زواحف سامة وعدوانية. وبعد الحوادث التي تسبب بها مروضو الأفاعي فرضت السلطات عليهم بعض الشروط كمنع تطويق عنق السياح بالأفاعي السامة وعدم الاعتماد على الكوبرا في الاستعراض الذي يقدمونه.
مشاركة :