القاهرة - للوهلة الأولى.. يظن الناظر للوحة تركيبية في العاصمة المصرية القاهرة أنها جدارية يغلب على رسمها اللونان الأحمر والأرجواني لثلاثة أشخاص يجلسون حول طاولة. لكن عندما يدقق النظر فيها يدرك أن عيونهم تنبض بالحياة ليكتشف عندها أنهم بشر من روح ودم. وهذه اللوحة التركيبية واسمها "أفتر دينر" أو (بعد العشاء) هي أحدث عمل فني ينبض بالحياة للفنانة الأميركية المقيمة في القاهرة شانيل عريف. وتستخدم عريف البشر وما حولهم كقماش ترسم عليه لتبدع أعمالا تبدو عند النظرة الأولى كأنها لوحات ثنائية الأبعاد استخدمت في رسمها ضربات بالفرشاة ولعب بالضوء والظلال. وتوضح عريف أنه لا فرق بين الرسم على الورق والقماش والرسم على البشر. وقالت "ليس الأمر في غاية الصعوبة لأني أطبق نفس التقنية في لوحات ثنائية الأبعاد أرسمها كما تعرفون على أوراق الرسم. إنه نفس الأمر لكن على نطاق أكبر. وعندما تنظر للشخص أو الموديل تعرف أنك لا تنظر له كشخص ثلاثي الأبعاد لكني أنظر لهم، حرفيا، كقماش وأطبق نفس تقنية الفنون الجميلة التي أرسم بها على القماش أو الورق." وكانت شانيل عريف، وهي ابنة لسعودي وإيرانية هاجرا للولايات المتحدة، تقدمت لدراسة الماكياج وفنون تلوين الجسد في لوس أنجليس العام الماضي. وفي أعقاب عودتها لمصر اعتمدت على أصدقائها الذين قدموا لها أجسادهم ووقتهم لتجرب عليهم فنها. وقالت صديقة لعريف وموديل في لوحاتها تدعى مي منصور "من اللطيف أن تُرسم. تكون مثل القماش وفقا لتصور شخص ما وما عليك إلا أن تُركز لتصبح.. تُبقى قاعد ومركز لتبقى فقط في مزاج معين في حالة تأمل. لذا كل ما في الأمر لطيف". وعادة ما تبدأ عريف عملها الفني برسم مسودة تستلهمها من حالة عاطفية أو مزاجية تعبر عنها في لوحة. وفي كل عمل فني تسعى عريف جاهدة لخلق شيء يجعل المشاهد ينسى المساحة التي يشغلها موضوع عملها الفني. وقالت زائرة لأحدث عمل فني لعريف وهي الكاتبة سلمى بركات "النهاردة هذه اللوحة التركيبية فكرة جديدة. واللي عاجبني إنهم يعودون للحياة. يعني بالعكس بدل ما إحنا نزنق الناس وتيجي تتفرج على حاجة مش عايشة. أنت دلوقتي شايف اللوحة عايشة بالناس. فالفكرة دي هي فكرة جديدة ممكن تعمل ثورة بالفعل في موضوع الفن وكده. وأنا أول مرة أشوف الموضوع ده في مصر وبجد مبهورة جدا بالشغل وبالحاجات الجديدة وبالمادة اللي مستعملاها. حاجة خيالية يعني. فعلا عاجباني جدا بجد". وهذا المفهوم الفني الذي تستلهمه عريف من أعمال الفنانة الأمريكية أليكسا ميدي يعد جديدا على المشهد الفني المعاصر في مصر حيث يبذل الفنانون جهدا كبيرا ليتواصلوا مع الجمهور المحافظ. وقالت شانيل عريف "يجب أن أقول أن مصر هي المكان الأكثر إلهاما لي. فهناك شيء ما بخصوصها. في غاية التشويش والطاقة العالية جدا كما تعرفون. هناك كثير من الأشياء تُرى وتجارب وشخصيات. ليست سعيدة دائما لكني أتصور أن مصر على وجه التحديد هي أكثر الأماكن إلهاما لي حتى الآن". وأضافت "من الجنون أن تتمكن من إبداع ذلك الوهم البصري من التقنية ثلاثية الأبعاد وثنائية الأبعاد. كما أنه يؤثر على الناس بشكل مختلف. أقصد عندما ترسم على جسم شخص ما أو تبدع شيئا ما بجسم الإنسان فإن الناس يتأثرون أكثر به. فهناك شيء يشبه الحميمية بشأنه". وأكملت عريف لوحتها التركيبية هذه في غضون ستة أيام لتعطي بها دفعة للمشهد الإبداعي في مصر.
مشاركة :