قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستثناء العراقيين من قائمة حظر القادمين من بعض البلدان يسلط الضوء على مستقبل علاقات واشنطن ونوعية أصدقاء وحلفاء وشركاء إدارة ترامب وسياستها في المرحلة القادمة، فما هي ملامح هذه السياسة؟ بإعلان الإدارة الأمريكية الأمر التنفيذي الثاني للرئيس دونالد ترامب، خرج العراقيين من قائمة المحظور من دخول الولايات المتحدة، وهي التي يتندر عليها البعض بوصفها "قائمة الممنوعين من دخول الفردوس". جاء الاستثناء بعد محادثات أجراها مسؤولون بمستويات عليا في الإدارة الأمريكية في العراق وفي واشنطن، وبعد مشاورات مع وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين اللذين نقلا للرئيس الأمريكي قلق المسؤولين العراقيين من تداعيات القرار التي قد تؤثر على جبهة الحرب على الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وسوريا، وهو ما أكده في حوار مع DW الدكتور غسان العطية، مدير المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية بلندن، مشيرا إلى أنّ " العراق شريك أساسي للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة ( داعش)، والشريك يجب أن يعامل كشريك لا أن يعامل كطرف مشكوك فيه ...وجاء القرار الجديد تصحيحا للموقف بناء على هذا الأساس". الولايات المتحدة تغلق الباب بوجه الفقراء! اليمن فقر وجوع وقنابل من كل الجهات ! ومن ينظر إلى قرار الرئيس الأمريكي التنفيذي الجديد يخلص بقليل من التأمل إلى أنّ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية قد سد الباب بوجه القادمين إلى بلاده من الدول لم يشارك أي عراقي أو سوري أو يماني مثلا في تنفيذ أي هجوم إرهابي تسبب بمقتل أمريكيين داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فإن 9 من منفذي هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 هم سعوديون، ومن مجموع كل العمليات الإرهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1975 وصولا إلى عام 2015 شكل السعوديون العدد الأكبر من المنفذين والذي وصل إلى 19 إرهابيا حسب إحصائية نشرتها صحيفة "ذا اتلانتك" الأمريكية عام 2015. ومع كل هذا فإنّ إيران وليبيا والصومال والسودان واليمن وسوريا ستواجه 90 يوما من الحظر المعلن في الولايات المتحدة، ولن تواجه أي دولة خليجية تحديدات سفر على مواطنيها إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ويشير مقال ظهر في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في (السادس من آذار/ مارس 2017) إلى إعلان مارغريت هوانغ المدير التنفيذي لفرع منظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية بأنّ النظام الجديد " سيثير مخاوف جمة وقلقا كبيرا لألوف العائلات، مروجا مرة أخرى لأجندة كراهية المسلمين". نادي البترودولار ويلاحظ المراقب أنّ كل المسموح بدخولهم إلى الأراضي الأمريكية باستثناء الأفغان، قادمون من دول غنية، وهو ما يوجه الأنظار إلى أصدقاء وحلفاء وشركاء الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة. وفي هذا السياق يقول الدكتور غسان العطية، معلقا على نوع الصداقات والتحالفات المقبلة في المنطقة، بالقول" دون شك إنّ الدول النفطية في الشرق الأوسط والسعودية تحديدا هي من الحلفاء الأساسيين للولايات المتحدة، فهذه الدول تحتاج إلى التحالف مع واشنطن بسبب مخاوفها الإقليمية من إيران ". ولا ينسى المطلعون على المشهد الأمريكي ما قاله الرئيس ترامب بشأن النفط العراقي ورغبته في أن يأخذ هذا النفط ليوظفه في خدمة مصالح الولايات المتحدة " الولايات المتحدة بعقلية رجل الأعمال ترامب ترى أنّ المال العربي يجب أن يوظف لأهداف سياسية لا المال الأمريكي"، حسب وصف د. العطية. وفي معرض شرحه لمواقف العداء التي أعلنها الرئيس ترامب للاتفاق الدولي مع إيران، ومدى المخاوف الخليجية والشرق أوسطية من هذا الاتفاق قال الدكتور العطية" تراهن دول الخليج على أن الرئيس ترامب سيكون أكثر حزما مع إيران، والسؤال الكبير هنا هو كيف؟ هل بالإمكان تصور صدام عسكري؟" العلاقة المحتملة بين أمريكا وبين الخليج مقابل إيران السعودية ثابت التكامل في العلاقات الامريكية الخليجية أخطر ما في المنع الجديد هو تواصل حظر الإيرانيين من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أمر سيضر تماما بما درجت عليه السياسة الأمريكية منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979 والتي اعتمدت سياسة الباب المفتوح للهاربين من إيران الإسلامية، بما كان سيشجع على تشكيل تيار معارض قد يزعج أو يقلق النظام الإسلامي في إيران. وسلّط د العطية الضوء على جانب إنساني في العلاقة المحتملة بين أمريكا وبين الخليج، في مقابل إيران، وما يمكن أن ينجم عنها بالقول" الصراع الطائفي السعودي الإيراني تحول إلى معارك بالوكالة في العراق وسوريا، وتحالفت الولايات المتحدة مع دول الخليج، ومن يدفع الثمن هو الشعب السوري والشعب العراقي" وخلص إلى القول"من يريد أن يحارب داعش عليه أن يكسب العرب السنة، ومن يريد أن يقلل النفوذ الإيراني عليه أن يكسب العرب الشيعة".
مشاركة :