عين الرئيس السوداني، عمر البشير، أول رئيس للوزراء في عهده منذ وصوله إلى السلطة عام 1989. واختار البشير نائبه الأول، الفريق أول ركن بكري حسن صالح، لشغل هذا المنصب الذي كان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي آخر من تولاه. وجاء استحداث المنصب تنفيذا لتوصيات الحوار الوطني، الذي أطلقه البشير في 27 يناير 2014، بين مكونات الشعب السوداني السياسية والمدنية والعسكرية المختلفة، مطلقاً عليه اسم "الوثبة"، وقاطعته أغلب الأحزاب، إضافة إلى فصائل المعارضة المسلحة. وأثار تعيين بكري، نائباً أول ورئيساً للوزراء، والذي يعد الأول من نوعه، منذ 28 عاماً جدلاً دستورياً بين أوساط القوى السياسية في البلاد. وترى الطبقة السياسية المعارضة في السودان أن قرار استحداث المنصب هو إلغاء عملي للحوار الوطني ومخرجاته، وعدم اعتراف بالفترة الانتقالية التي يتم بمقتضاها التحول الديمقراطي والتحول السلمي للسلطة، فضلاً عن إنقاصه من قيمة منصب رئيس مجلس الوزراء، حيث لم يعطه التعديل حق تعيين حكومته، وأبقى هذا الحق بيد الرئيس. بالإضافة الى ذلك نص على أن "يشكل رئيس الجمهورية حكومة وفاق وطني تتولى السلطة التنفيذية حتى إجراء الانتخابات وتكوين الحكومة الجديدة في عام 2020". وعقب أدائه اليمين الدستورية أمام رئيس البلاد عمر البشير، قال رئيس الوزراء السوداني، الذي سيحتفظ بمنصبه كنائب أول للرئيس، في تصريحات للصحافيين: "أتمنى أن أحمل الأمانة كتكليف بحقها، خدمةً للبلاد التي تخطو في هذه المرحلة على توافق سياسي". وأشار صالح إلى أن "ملامح الحكومة الجديدة ستكون على هدى مخرجات الحوار الوطني من كل ألوان الطيف السياسي والقوى السياسية والمجتمعية التي شاركت فيه". من جهته، دافع البشير عن اختيار نائبه الأول رئيساً للوزراء، ورأى في التعيين "خطوة كبيرة نحو تنفيذ مخرجات الحوار وضرورة تثبيته كحل لجميع الخلافات. وأكد أن "الوثيقة الوطنية التي خرج بها الحوار بمثابة أساس لمستقبل البلاد، وأنها ستظل مفتوحة ليلحق بها الجميع في أي وقت". ويتزامن استحداث المنصب الجديد مع حالة من الغليان الشعبي تشهدها الساحة السودانية ضد الإجراءات الاقتصادية للحكومة السودانية. وتستهدف هذه الاحتجاجات بشكل مباشر الرئيس السوداني، خاصة أنه يمسك بزمام الأمور في السودان، إما من خلال تزعمه حزب المؤتمر الوطني الحاكم، أو من خلال الحكومة. ويحكم البشير من خلال نظام رئاسي منذ توليه السلطة في العام 1989 عقب انقلاب عسكري. وأُلغى وقتها منصب رئيس الوزراء الذي كان يتولاه زعيم حزب الأمة الصادق المهدي ضمن ائتلاف منبثق عن انتخابات 1986. ويطفو على السطح سؤال يطرحه الكثير من السودانيين: ماذا يعني تعيين بكري، وهو جزء من السلطة لأكثر من 27 عاماً، تقلّد خلالها مواقع مهمة في الأمن والداخلية والدفاع كوزير لهما، بالإضافة إلى وزارة رئاسة الجمهورية، وأخيراً نائباً أولا للرئيس؟. ما الهدف من استحداث منصب رئيس وزراء في السودان؟ ما أثر استحداث هذا المنصب على العمل السياسي؟ هل المنصب شكلي أم فعلا أتى نزولا عند مطالب الشعب السوداني؟ كيف سيساهم هذا المنصب في حل مشاكل السودان السياسية، والاقتصادية والأمنية، أو غيرها؟
مشاركة :