يستمرّ لبنان في «تفكيك» أزماته الداخلية التي يختصرها هذه الأيام عنوان قانون الانتخاب الذي «يقبض» على المشهد الداخلي ويشي بخروج «جمرِ» الاستقطاباتِ السياسية - الطائفية - المذهبية الى فوق «رماد» التسوية التي أنهتْ الفراغ الرئاسي قبل أربعة أشهر ونيّف، في وقتٍ تعاين بيروت بعنايةٍ مؤشرات عودة «الرمادية» الى علاقاته مع المجتمعيْن العربي والدولي على خلفية إضفاء الرئيس ميشال عون الشرعية على سلاح «حزب الله»، ثم اندفاعة الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله، «على وهج» موقف رأس الدولة، مستعيداً الحملات الشعواء ضدّ المملكة العربية السعودية ومُطْلِقاً هجوماً غير مسبوق و«بالاسم» على دولة الإمارات العربية المتّحدة.وقبل أسبوع من التقرير الدوري للأمين العام للأمم المتحدة حول القرار 1701 الذي اعتبر المجتمع الدولي ان موقف الرئيس عون مخالِف لمندرجاته والذي يفترض ان يشكّل ما يشبه «خريطة طريق» تعاطي عواصم القرار مع المعطى البالغ الحساسية الذي شكّله كلام رئيس الجمهورية، فإن لبنان بقي امس «تحت تأثير» الغيوم التي عادتْ تتراكم في فضاء علاقاته العربية ولا سيما الخليجية، وهو ما عبّرت عنه تباعاً مجموعة إشارات أبرزها:• تَحفُّظ السعودية، مدعومة من الإمارات والبحرين، على البند التقليدي الذي يرد عادة في بيانات مجلس جامعة الدول العربية والمتعلق بالتضامن مع لبنان وذلك خلال اجتماع الدورة العادية الـ 147 لمجلس الجامعة في القاهرة الذي عُقد على مستوى المندوبين، وهو ما بُرّر بحسب ما نُقل عن المندوب الكويتي في المجلس السفير احمد البكر، بالمواقف اللبنانية الرسمية الداعمة لحزب الله، في إشارة الى مواقف الرئيس عون.• التقارير التي تحدّثت عن ان الخارجية الإماراتية استدعت سفير لبنان في أبو ظبي وأبلغته احتجاجها الشديد على تصريحات عون وأن سلطات ابو ظبي أوقفت المباحثات مع الجانب اللبناني بشأن ترتيب زيارة رئيس الجمهورية للإمارات.وكان بارزاً في هذا السياق ان السفارة الإماراتية في بيروت لم تُصدِر اي نفي لهذه التقارير ورفضت التعليق عليها.• المعلومات التي سُرِّبت عن إلغاء خادم الحرَمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مشروع زيارة للبنان كان سيختتم بها الجولة التي يقوم بها حالياً على عدد من الدول، وذلك تتويجاً للصفحة الجديدة التي كان يفترض انها فُتحت في العلاقات مع المملكة ابان زيارة عون لها قبل شهرين.واذ شخصت الأنظار يوم امس الى اجتماع الدورة العادية (147) لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية الذي التأم في القاهرة لرصْد موقف كل من وزيريْ خارجية السعودية والإمارات خصوصاً حيال بند التضامن مع لبنان، بدا واضحاً ان بيروت تحاول تَدارُك اي انزلاق لعلاقاتها مع دول الخليج مجدداً الى دائرة التوتر وايضاً اي محاولات لاستثمار المناخ الذي ساد عقب تصريحات الرئيس عون على هامش زيارته لمصر الشهر الماضي وتجدُّد حملة نصر الله على السعودية وتوسيع الهجوم الى الإمارات «لإعادة عقارب الساعة الى الوراء» وإجهاض كل الايجابيات التي حققتها زيارة رئيس الجمهورية للسعودية.وكان لافتاً في هذا السياق، ما أكدتْه مصادر رسمية واسعة الاطلاع في بيروت لـ «الراي» من ان لبنان تلقى قبل أيام قليلة رداً من المملكة العربية السعودية على دعوة الرئيس عون للعاهل السعودي لزيارة لبنان، مشيرة الى ان الرسالة الجوابية تضمّنت موافقة على تلبية الدعوة على ان يُحدّد موعد الزيارة عبر الدوائر المعنية في البلدين ووفق الأصول.وأوضحتْ المصادر نفسها رداً على ما قيل عن ان دولة الإمارات تعيد النظر في دعوة الرئيس اللبناني لزيارتها، «ان رئيس الجمهورية لم يتلقّ دعوة ليعاد النظر بها»، مستغربة «هذه البلبلة المقصودة والتشويش على علاقات لبنان الخارجية».ويأتي مجمل هذه التطورات مع بدء العدّ العكسي لانعقاد القمة العربية في عمان في 28 و 29 الجاري، وسط ترقُّب كبير للتعاطي العربي والخليجي مع لبنان فيها، ومعاينة للكلمة التي سيلقيها الرئيس عون واذا كانت ستكون كفيلة بتبديد اي التباساتٍ او انها ستستدرج المزيد من التحفظات حيال الموقف الرسمي اللبناني، علماً ان التقديرات تشير الى ان الرئيس سعد الحريري سيكون في عداد الوفد اللبناني الى القمة.ومن خلف «غبار» هذا العنوان المستجدّ، يلتئم مجلس الوزراء اللبناني اليوم في جلسة واحدة بعدما استُبعد خيار عقد جلستين تُخصص أحداهما لإقرار الموازنة العامة التي لم ينته بحثها اول من امس وسيُستكمل الجمعة. وسيتخلل جلسة الحكومة اليوم إقرار سلّة من التعيينات الامنية والعسكرية والقضائية وأبرزها جوزف عون قائداً للجيش، انطوان صليباً مديراً عاماً لامن الدولة ونائبه سمير سنان، بدري ضاهر مديراً عاما للجمارك، عماد عثمان مديراً عاما لقوى الامن الداخلي، خالد حمود رئيساً لشعبة المعلومات، القاضي بركان سعد رئيساً لهيئة التفتيش القضائي، فريال دلول مفوض الحكومة لدى مجلس شورى الدولة.
مشاركة :