المدينة المنورة واس دعا المشاركون في المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب الذي نظمته الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إلى إنشاء مركز بحثي متميز باسم خادم الحرمين الشريفين لدراسات المناصحة الفكرية يكون مقره الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وإنشاء مراكز رعاية أولية للمعالجة الفكرية في كل مدينة تهتم بتقديم الاستشارات الفكرية للأسرة وتقديم برامج عملية فكرية وقائية ضد الغلو والأفكار المنحرفة. وأشاد المشاركون في المؤتمر الذي استمر ليومين واختتم أعماله أمس، بالمعالجة الحكيمة التي تضمنها الأمر السامي الكريم الذي صدر مؤخراً بتاريخ 3/4/1435هـ، وبيان وزارة الداخلية المبني عليه، الذي تناول الإرهاب ومكافحة كل ما يستهدفه من إخلال بمنهج البلاد الشرعي ونظام الدولة ووحدتها وأمنها واستقرارها أو إلحاق الضرر بمكانتها عربياً وإسلامياً ودولياً أو بعلاقتها مع الدول الأخرى، كما سدّ الطريق بالمتابعة والمحاسبة أمام كل فكر إلحادي يدعو إلى التشكيك في ثوابت الدين الإسلامي التي تقوم عليها البلاد أو خلع بيعة ولي الأمر ومبايعة أي حزب أو تنظيم أو تيار أو جماعة أو فرد داخل البلاد أو خارجها أو المشاركة أو التحريض أو الدعوة إلى القتال في أماكن الصراعات في الدول الأخرى، وحثّ المؤتمرون الدول العربية والإسلامية على أن تحذو حذو المملكة في هذه المعالجة الحكيمة للإرهاب وسد منافذه وتجفيف منابعه. وأشاد المؤتمر بتجربة المملكة في المعالجة الفكرية للإرهاب وبرامج الوقاية والمناصحة والرعاية التي تقوم بها وزارات وجامعات ومراكز منها مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية والإدارة العامة للأمن الفكري في وزارة الداخلية، وما حققته من نتائج باهرة تؤكد على أهمية الإفادة من تلك التجربة وتطويرها وحث المؤتمر المجتمع الدولي إلى الإفادة من هذه التجربة الرائدة والعمل على تطبيقها. ودعا المؤتمرون مؤسساتِ الدول العربية والإسلامية ومنظمات المجتمعِ المدني فيها بالعمل على إنشاء مراكز تتولى وضع برامج مدروسة لإعادة تأهيل المنحرفين والجناة الذين يخرجون من السجون بعد قضاء محكوميتهم، تقوم على تحقيق الرعاية الفكرية والصحية والاجتماعية لإشعارهم بالاستقرار والسلام النفسي وإكسابهم الخبرة فيما يحسنون من المهن وإشباع حاجتهم المالية ومتابعتهم بالتوجيه والنصح. وأوصى المؤتمر بإنشاء معهد أو مؤسسة أو مركز يُعنى بجمع الحلول الإبداعية المقدمة من كافة المهتمين بمحاربة فكر التطرف وتحويل هذه الحلول إلى برامج عملية للتطبيق واقتراح الميزانيات والدعم المالي والتقني والجهات التي تقوم بذلك، كما دعا إلى أن يتم تدريس مقررات خاصة بتنمية الأمن الفكري، والتعرف على أصوله وقواعده وطرق حمايته، وذلك في المدارس والجامعات وخاصة في كليات إعداد المعلمين من أجل إمداد المعلمين بقواعد وأصول تمكنهم من تربية الطلاب وتوجيههم وفقاً لمفهوم الأمن الفكري وأبعاده ومطالبه في المجتمع. واقترح المؤتمر على وزارات التربية والتعليم العالي أن تقوم بتحديث المفردات والكتب والمقررات، وربطها بمتطلبات التنمية وسوق العمل، وغرس حب العمل في نفوس الطلاب، وتنمية روح المبادرة والإبداع فيهم؛ لما في ذلك من حد للبطالة ومن آثار إيجابية في إرساء الأمن ومكافحة الإرهاب. ورأى المؤتمر أن يُعاد النظر من قبل المسؤولين عن التعليم العام في عالمنا العربي والإسلامي في أهداف ومناهج تدريس المواد الدينية والتاريخية في مراحل التعليم المختلفة، بحيث تكون أكثر تأثيراً في إبراز وسطية الإسلام، وتفاعلاً مع قضايا أمتنا العربية والإسلامية المعاصرة، وتوازناً في التدريس والتعليم بين ثقافة الذاكرة وثقافة التفكير والإبداع، داعين وزارات التربية والتعليم أن تقوم بتربية الطلاب وتدريبهم على عدم القبول والتسليم المطلق لكل ما يقال أو يكتب في أوساطهم عبر الوسائل التكنولوجية المعاصرة حتى لا يكونوا عرضة للأفكار المنحرفة وما تطلقه من شبهات، كما ناشدوا وزارات الثقافة والإعلام تفعيل البرامج الثقافية والإعلامية في مجالات تأهيل الأسرة بتكثيف توعيتها باستعمال الحكمة في التوجيه والإرشاد والإقناع والتأثير بالقول والعمل بما يتناسب مع روح العصر ويراعي المكان ولا يخالف ضوابط الشريعة الإسلامية. كما ناشدوا المسؤولين عن القنوات الفضائية في العالم العربي والإسلامي بوضع سياسة إعلامية بمشاركة لجان خبرة من أهل الشريعة والإعلام لتبني الأعمال الإعلامية الجادة التي تتناول المعالجة الفكرية للإرهاب والإنفاق عليها وتمويلها وإنتاجها وتوزيعها لإيصالها إلى شريحة عريضة من فئات المجتمع. ودعا المؤتمر المؤسسات العلمية والثقافية والإعلامية في البلاد العربية والإسلامية للقيام بدورها في توظيف الوسائل التقنية الحديثة في التعريف الصحيح بالإسلام وتعاليمه لاسيما فريضة الجهاد وأنواعه، وإبراز حقائقه، والرد على الشبهات المثارة حوله، مناشدين الآباء والأمهات في مجتمعاتنا العربية والإسلاميةِ الحرص على تنشئة الأبناء تنشئة إسلامية صالحة على المنهج الوسطي، والقيام بدورهم في التوعية والوقاية من الانحراف والتطرف، والاهتمام بالأساليب التربوية التي تحقق الأمن الفكري والنفسي والإشباع العاطفي للأبناء، وإكسابهم مهارات الحوار، وتمييزِ الأفكار الغريبة، وتحقق القيم السامية في محيط الأسرة وخارجها كمفهوم الوسطية والاعتدال والتسامحِ. ونبّه المؤتمر إلى أهمية معالجة نقاط الضعف داخل الأسرة المسلمة (كاختلال ترتيب الأولويات والعنف الأسري وغياب لغة الحوار)، والعمل على معالجتها، كما دعا المؤتمر إلى استثمار نقاط القوة في الأسرة (كالالتزام الديني والترابط الأسري)، وتحويلها إلى برامج عملية محركة ومفعّلة للدور الوقائي للأسرة، حاثين الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة في الدول العربية والإسلامية على أن تعنى بإعداد برامجِ تنموية واجتماعية واقتصادية ومشاريع مستمرة شاملة لذوي الدخل المحدود؛ لتأمين فرص عمل لهم أو توفير قروض صغيرة ميسرة؛ لسد الطريق أمام استغلال المتطرفين الذين يستهدفونهم لحاجتهم المادية في أعمالهم الإرهابية. وأوصى المؤتمر أن تُكوِّن وزارات الثقافة والإعلام في كل الدول العربية والإسلامية لجنة علمية فيها لمتابعة ما ينشر في الصحف والمجلات وعلى صفحات الشبكة العنكبوتية من مقالات وأبحاث ودراسات ونقاشات مؤيدة للإرهاب ومخالفة للنهج الوسطي المعتدل، مما يسهم في التفريق بين أبناء أمتنا ويشتتها ويُصدِّعُ بنيانها ويوهن قوتها، كالإساءة لولاة الأمور ورجال الدولة والأمن والجيش، والدعوة للخروج عليهم، واختلاق الأراجيف والأكاذيب عليهم، والإشادة والثناء على جماعات وفئات الفكر الإرهابي، ونشر الشائعات المغرضة الداعية إلى الإرهاب، والاستهانة بسفك الدماء المعصومة. ودعا المؤتمر أن تستكتب وزارات الثقافة والإعلام في الدول العربية والإسلامية الباحثين المشتغلين في مجال الدعوة والإعلام في جميع أنحاء العالم؛ لإعداد دراسات وبحوث علمية مؤصلة تبرز الآثار السلبية للبرامج واللقاءات والأحاديث التلفازية السيئة التي تُبث من القنوات الفضائية المختلفة في الوقت الحاضر، وتحدث ثلمة في الثوابت الشرعية لدى الشباب، وتؤثر في فكرهم وأخلاقهم وسلوكهم، وتفرخ فيهم الإرهاب، وأن يتم التعاون بين الوزارات المعنية والجمعيات والمراكز الإسلامية المتخصصة، فتدعم هذه الكتابات بالنشر والتوزيع بين فئات المجتمع المختلفة.
مشاركة :