جدد وزراء الخارجية العرب، في اجتماعهم أمس خلال الدورة (147) لمجلس الجامعة العربية، التزام بلادهم الكامل والتمسك بمبادرة السلام العربية كما طرحت عام 2002 دون تغيير، وضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه، بما فيها حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة، وإطلاق سراح جميع الأسرى من سجون الاحتلال، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، استناداً إلى القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وقرارات القمم العربية المتعاقبة. وطالب الوزراء جميع الدول بالالتزام بقراري مجلس الأمن 476 و478 لعام 1980، ومبادئ القانون الدولي، التي تعتبر القانون الإسرائيلي بضم القدس، ملغى وباطلا، وعدم إنشاء بعثات دبلوماسية فيها أو نقل السفارات إليها، واعتبار إنشاء أي بعثة دبلوماسية في القدس أو نقلها إلى المدينة، اعتداءً صريحاً على حقوق الشعب الفلسطيني وجميع المسلمين والمسيحيين، وانتهاكاً خطيراً للقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية الصادرة بتاريخ 9 – 7 -2004، ومن شأنها أن تُشكل تهديداً جدياً للسلم والأمن في المنطقة، إضافة إلى أنها تساهم في نسف حل الدولتين. كما دعوا الدول الأعضاء، والأمين العام، ومجالس السفراء العربية، وبعثات الجامعة، إلى العمل على متابعة أي توجه لخرق قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي في هذا الشأن، والتصدي له بفاعلية. وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية عبد القادر مساهل، إن الاجتماع التشاوري الذي سبق الجلسة الافتتاحية ساهم بدرجة عالية في توافق عربي - عربي كامل حول نقاط الخلاف التي أثارت جدلا خلال الاجتماعات التمهيدية التي عقدها المندوبون الدائمون. وردا عما إذا كان موضوع عضوية سوريا تمت مناقشته، قال أبو الغيط، إن الوضع العربي الحالي ليس جاهزا لعودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية. من جانبه، أوضح مساهل أن الجلسة المغلقة شهدت تفاهما حول الأزمات والمشكلات التي تتعرض لها المنطقة واتفق الجميع على ضرورة إصلاح منظومة الجامعة العربية وحل أزمات ليبيا واليمن وسوريا بعيدا عن التدخلات الخارجية. وقال الوزير الجزائري: «نقوم بالتنسيق والتشاور حاليا حول الأزمة في ليبيا، لأنه لا بديل عن الحل السياسي والحوار بين كل الليبيين ما عدا المنظمات الإرهابية». وقال: «لدينا علاقات متميزة مع كل الأطراف في ليبيا وكذلك مع دول الجوار النيجر والسودان وتشاد لكن المشكلة أن العمليات الإرهابية تتمكن من ليبيا في ظل غياب مؤسسات الدولة وعدم وجود جيش موحد». وانتقد تعدد المبادرات وقال: «لهذا فضلت الجزائر العمل تحت شعار الأمم المتحدة واتفاق الصخيرات الذي أعطى الشرعية للجميع بما في ذلك البرلمان الذي انتهت فترة ولايته منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015». مضيفا: «الاتفاق السياسي أعطى شرعية للجميع وإذا كانت هناك خلافات فيمكن إدخال بعض التعديلات لأنه ليس بقرآن». وحول موقف البرلمان الليبي الذي صوت أمس على إلغاء الاتفاق السياسي والمجلس الرئاسي، قال أبو الغيط، إنه من المبكر اتخاذ موقف عربي موحد من إعلان مجلس النواب الليبي في طبرق، مؤكدًا أنه ينبغي التيقن من صحة هذا النبأ ثم قياس ردود الفعل والمواقف العربية لبلورة موقف موحد من هذه الخطوة المفاجأة، وأشار الأمين العام إلى وجود مساع لضم الاتحاد الأوروبي للآلية الثلاثية المعنية بليبيا التي تضم الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. فيما علق مساهل قائلا إن إعلان البرلمان الليبي إلغاء اتفاق الصخيرات يعني إلغاء المجلس لنفسه وعمله، معربًا عن استغرابه الشديد لهذه الخطوة في الوقت الذي تتجه فيه جميع الأصوات في ليبيا نحو التوافق وتأكيد الحل السياسي لوقف التصعيد العسكري، وتابع: «كيف يتم ذلك وهل المجلس كله اجتمع وهل اكتمل نصابه، يجب أن نتأكد وهذه الخطوة لا قيمة لها لأنها تعني إلغاء البرلمان لنفسه». وأكد مساهل أن بلاده تدعم الحل السياسي والمصالحة الوطنية في ليبيا، وكذلك تعزيز دول الجوار الليبي وضرورة أن تكون كل الجهود داعمة ومساندة لمساعي الأمم المتحدة، لأن كثرة المبادرات تؤدي إلى فشلها، مشيدًا بنتائج الاجتماع الثلاثي في تونس وكذلك اجتماعات القاهرة لدول الجوار الليبي. وكان وزراء الخارجية العرب قد شددوا في كلماتهم خلال الجلسة الافتتاحية للدورة (147) لمجلس الجامعة العربية، أمس، على ضرورة الإصلاح الشامل لمنظومة العمل العربي المشترك، بما يتناسب مع التحديات والأزمات التي تمر بها المنطقة العربية في الأراضي الفلسطينية وسوريا وليبيا واليمن والعراق. وقال وزير خارجية تونس رئيس الدورة الماضية، خميس الجهيناوي، إن المنطقة العربية تمر بظروف صعبة وأوضاع دقيقة تهدد الأمن القومي والعربي بسبب استمرار حالة عدم الاستقرار في عدد من الدول العربية. وأكد أن فلسطين تظل على رأس الأولويات، داعياً إلى تكثيف التحركات العربية على مستوى الأمم المتحدة لحشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية العادلة وضد سياسات إسرائيل، وبخاصة الاستيطان مع التمسك بحل الدولتين. وحول الوضع في سوريا، حذر من خطورة الأوضاع الإنسانية، داعياً إلى تسريع مسار التسوية السياسية للأزمة من خلال الحوار حتى تستعيد سوريا أمنها واستقرارها ورفع المعاناة عن الشعب السوري. بدوره، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية إن الصورة الإجمالية للوضع العربي تُشير إلى أن المنطقة ما زالت في عين العاصفة، فالاضطرابات تضرب بعض بُلدانهـا، والأزمات بعضها مُستحكم وبعضها تفاقم وبعضها يُراوح مكانه، ومحاولات الحل تتواصل، ولكن من دون نتائج حاسمة أو تسويات دائمة. وفيما يتعلق بالوضع السوري أكد أن وقف إطلاق النار الذي تم تثبيته في محادثات آستانة هو خطوة إيجابية لوقف نزيف الدم، مشدداً على أنه لا بديل عن تسوية سياسية للحرب الدائرة تُلبي طموحات الشعب، وتأخذ في الحسبان وحدة سوريا وتكاملها الإقليمي. وأعرب الأمين العام للجامعة عن قلقه وانزعاجه حيال الغياب العربي شبه الكامل عن تسوية الأزمة السورية، في مقابل الحضور اللافت لقوى إقليمية ودولية بعضها لا يأخذ المصالح العربية في الحسبان. وعلى صعيد الأزمتين اليمنية والليبية، قال أبو الغيط: «إننا نلمس تحركات دبلوماسية وجهوداً من أجل حلحلة هذه الأزمات حقناً للدماء العربية، وصوناً لتماسك نسيج الأوطان والدول، ومن المُهم تكثيف الجهود الجارية وتعزيزها، وصولاً إلى تسوية هذه الأزمات الخطيرة، ويتعين على الدبلوماسية العربية أن تعمل بالتضافر مع الجهود الأممية وغيرها».
مشاركة :