«أوبك» بين سندان تخفيض الإنتاج ومطرقة عدم تمديده

  • 3/9/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يعقد مؤتمر في هيوستن الأميركية تحت مسمى 2017 CERA Week خلال الفترة «6 – 10 مارس» من الشهر الجاري، هو عبارة عن تجمع عالمي سنوي يحضره قادة الصناعة النفطية والطاقة. هذا الاجتماع يضم العديد من الشخصيات المهمة والمؤثرة في عالم النفط وفي سياساته وفي صنع استراتيجيات المستقبل، من بينهم وزير النفط السعودي ووزير الطاقة الاماراتي ووزير الطاقة الروسي وأمين عام منظمة الاقطار المصدرة للبترول أوبك، كما يشارك في هذا المؤتمر العديد من الرؤساء التنفيذيين للشركات النفطية العالمية من بينها اكسون وشيفرون وشل وشركات إنتاج النفط الصخري. يطرح المؤتمر العديد من المواضيع التي تتعلق بمستقبل النفط والطاقة وتنمية مواردها ومناقشة المخاطر التي تحيق بمختلف الصناعات النفطية وحجم الاستثمارات العالمية المرصودة. ولعل أبرز المواضيع التي قد يتناولها المؤتمر في حواراته اتفاق أوبك الأخير الذي مضى عليه أكثر من ثلاثة أشهر منذ إعلانه في نهاية نوفمبر 2016 ومضى أكثر من شهرين على سريان تنفيذه منذ بداية يناير 2017، والذي يستهدف خفض 1.2 مليون برميل يومياً بالإضافة إلى مجموعة الدول من خارج أوبك التي تستهدف خفض انتاجها 600 ألف برميل يوميا. ترى هل حقق الاتفاق التاريخي أهدافه ؟ هل ارتفعت الأسعار إلى المستويات المطلوبة والتي تسمح بضخ مزيد من الأموال للاستثمار في مجال الطاقة بمختلف أشكالها؟ هل نجحت سياسة أوبك واستراتيجيتها في خفض الإنتاج ؟ بالرجوع إلى أداء الأسواق النفطية ومدى تجاوبها مع دخول اتفاق أوبك إلى حيز التنفيذ، نجد أن متوسط سعر نفط القياس خام برنت لشهر يناير هو 54.60 دولاراً للبرميل، بينما كان متوسط السعر لنفس الخام لشهر ديسمبر 2016 هو 52.50 دولاراً، مما يعني أن الاتفاق حقق نجاحا في رفع مستوى أسعار النفط ولو بمقدار ضئيل. وقد يعزى ذلك إلى نسبة الالتزام التي قدرتها أوبك 84 %، وكان متوسط السعر لشهر فبراير 55 دولاراً للبرميل محققا زيادة طفيفة بلغت حوالي 60 سنتاً للبرميل رغم تصريحات من أوبك بأن نسبة الالتزام حوالي %94 !! إن أكثر الدول تحمسا لخفض إنتاج النفط من خارج أوبك هي روسيا أكبر منتج للنفط والغاز في العالم والتي وعدت بخفض إنتاجها بمقدار 300 ألف برميل يوميا، وتبين أن ما قامت به من خفض لا يتعدى نسبة 33 % !! فنزويلا صاحبة أكبر احتياطي نفطي عالمي ومن أكثر المؤيدين لخفض الإنتاج لم يتعد التزامها 7 % !! ، العراق ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك لم تلتزم بما وعدت به بخفض 210 آلاف برميل، بينما كانت نسبة الخفض بحدود %48 وإيران ثالث أكبر المصدرين للنفط نسبة التزامها صفر %. لكن من هي الدول الأكثر التزاما وتزيد نسبة التزامها عن 100 %؟ إنهما السعودية وانغولا، إذ تتحمل الرياض الآن أكثر 60 % من كمية أوبك المطلوب خفضها. كان هناك تصريح لافت وغريب لأمين عام منظمة أوبك محمد باركيندو في ديسمبر 2016 حول إشراك الولايات المتحدة الأميركية ضمن اتفاق أوبك، إذ اعتبرها شريكاً استراتيجياً وليست مصدر قلق للجهود التي تسعى المنظمة إليها في عملية إعادة التوازن للسوق النفطية!! إلا أن الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب بعد تنصيبه صرح بأنه يسعى إلى تحقيق استقلالية تامة عن منظمة أوبك واستيراد النفط منها، وأنه سيقوم بدعم الصناعات النفطية التقليدية وغير التقليدية، وكذلك تخفيف القيود والضرائب والقوانين المتعلقة بالبيئة. وأشار إلى أنه لا يحبذ الدخول في اتفاقيات جماعية، بل يفضل عليها الاتفاقيات الثنائية. هذا يعني بكل وضوح دخول الحكومة الامبلاكية كشريك وداعم للصناعات النفطية، ولن تكون الحكومة عائقا امام الشركات النفطية الاميركية. وقد سارعت شركة اكسون موبيل إلى ضخ استثمارات كبيرة تقدر بحوالي 5.5 مليارات دولار لسنة 2017 في النفط الصخري، كما تتطلع اميركا لزيادة إنتاجها إلى 15 مليون برميل يوميا في حلول عام 2020. فإذا كان الرئيس الاميركي الأسبق دويت ايزنهاور وضع كوتا لاستيراد النفط الخام في عام 1956 فإن الرئيس الامبلاكي الحالي سيمنع استيراد النفط من الخارج في غضون سنوات قليلة. ونحن على قرابة مسافة زمنية تتناقص لا تتعدى الشهرين و20 يوما عن اجتماع أوبك المقبل في مايو، فإن مثل هذه النتائج ستؤثر حتما على جدية الاتفاق وفاعليته. ولا شك أن هناك دولاً من خارج الاتفاق تستفيد من ارتفاع أسعار النفط مثل كندا والبرازيل لتزيد من إنتاجها بالإضافة إلى ارتفاع مستوى إنتاج النفط الصخري وارتفاع عدد المنصات إلى 610 من أصل 477 منصة قبل الاتفاق! في مثل استمرار هذه الظروف يفرض الواقع علينا سؤالا مهما: إلى أي مدى نجحت سياسة أوبك واستراتيجيتها لدعم الأسعار؟ هل ستقوم أوبك بتمديد الاتفاق الحالي؟ وهل سترفع أوبك نسبة الخفض في إنتاجها الأمر الذي قد يعرضها لخسارة المزيد من حصتها السوقية؟ وهل القبول والالتزام لدى الدول المجتمعة سيستمر على نفس الوتيرة؟ كما أن خيار العودة إلى ترك الأسواق لتحديد مسار الأسعار بنفسها قد يعرض الأسواق النفطية إلى الانخفاض مرة أخرى. نأمل أن يكشف هذا المؤتمر جوانب من تلك التساؤلات المحرجة والمخيفة في بعض الأحيان. عبدالحميد العوضيخبير متخصص في تكرير وتسويق النفط

مشاركة :