كتبت - هناء صالح الترك: أكّد المحامي والخبير القانوني الأستاذ يوسف أحمد الزمان، أن التعديلات الجديدة، لقانون العقوبات القطري رقم 11 لسنة 2004، تستهدف تشديد العقوبة على الأفعال التي تمس الحياة الخاصة للأفراد، والمعاقب عليها أصلاً بالمادة (233) من قانون العقوبات ولا تمس حرية الصحافة التي يكفلها القانون والدستور. وقال في تصريحات خاصة لـ الراية: تلك التعديلات لا تمثل مساساً بحق الصحف في نشر أخبار وصور الحوادث، لافتاً إلى أن الصحافة تعمل وفق إطار أخلاقي وتسعى لتوخي الموضوعية والحيادية في نشر الصور دون إساءة أو تشهير، لأن الصور تمثل تعبيراً صادقاً في تأييدها للخبر، بما يكون معه للصور معنى في سياق سرد الأحداث. وأضاف: يُشترط هنا الالتزام بالمهنية واستخدام الصور في إطار أخلاقي وفقاً لما درج عليه العرف والعادات والتقاليد وعدم التحيز والتشهير والإساءة.. فإذا ما ثبت أن التقاط أو نقل الصور للمصابين أو المتوفين في الحوادث تم في إطار من الحرفية والأمانة بقصد تعزيز الخبر ونشر الوعي عن الحوادث دون قصد الإساءة، وكلما جاء التقاط ونقل الصورة دون تخصيص لفرد معين وفي إطار صورة عامة للحادث، كان ذلك أدعى للمصداقية والبعد عن الإساءة الشخصية، لأن هدف المشرع من التعديل هو حماية الخصوصية وعدم إظهار الشخص في صورة لا يوافق هو على نشرها أو نقلها. ضوابط قانونية وقال: إذا كانت الصور الملتقطة لمكان عام ولحشد من الناس ويظهر في تلك الصور عدة أفراد دون تخصيص، وكان هدف نشر الصورة هو لخدمة المصلحة العامة والتواصل مع الجمهور بقصد إحاطته بالحدث عندها يكون الصحفي في مأمن من المسؤولية الجنائية. وأضاف: مع التطور الكبير الذي حدث في وسائل التقنيات الحديثة وسهولة امتلاك الأشخاص لهذه التقنيات المعاصرة من أجهزة اتصال ونقل معلومات وإساءة استعمالها من قِبل البعض، ما قد يُسبب أضراراً بالآخرين وانتهاك حرياتهم وخصوصياتهم والإساءة إليهم، كان من المتعين إعادة النظر في العقوبة المقررة لهذه الأفعال، وكذلك تجريم الأفعال التي لم تكن مجرمة وغير معاقب عليها، وذلك ليأتي قانون العقوبات مسايراً للواقع لتجريم بعض الأفعال المستحدثة التي تُرتكب بواسطة أجهزة الاتصال الحديثة، والتي أصبحت منتشرة الآن، لاسيما تلك المتعلقة باستخدام أجهزة الهواتف النقالة بالتقاط الصور للأفراد في الأماكن العامة ونشرها على الملأ. حماية الحياة الخاصة وأوضح أن التعديل تناول تجريم ومعاقبة كل شخص بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبالغرامة التي لا تزيد على 10 آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للأفراد بغير رضائهم في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وذلك بالتقاط أو نقل صور أو مقاطع فيديو لفرد أو أفراد في مكان عام عن طريق جهاز أياً كان نوعه سواءٌ كان هاتفاً نقالاً أو جهاز كمبيوتر لوحي كالأيباد أو آلة تصوير أياً كان شكلها أو جهاز لاختراق الشبكات اللاسلكية بقصد استخدامها في الإساءة والتشهير، وكذلك في حالة ما إذا التقط شخص أو نقل صوراً أو مقاطع فيديو للمصابين أو المتوفين في الحوادث عن طريق جهاز أياً كان نوعه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وقال: الثابت أن المشرع يهدف بالدرجة الأولى من هذه التعديلات إلى حماية الحياة الخاصة للأفراد وعدم السماح بانتهاك خصوصية الأفراد، تلك الخصوصية المصانة دستورياً وفقاً لنص المادة (37) من الدستور، إذ لخصوصية الإنسان حرمتها فلا يجوز تعرض أي شخص لأي تدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، أو أي تدخلات تمس شرفه أو سمعته. القيم الأخلاقية وأضاف: أن انتشار وسائل الاتصال الحديثة وسوء استغلال البعض لها ساهم كثيراً في انتهاك خصوصية الأفراد، ليس في المجتمع القطري فحسب وإنما في جميع المجتمعات، إذ أصبحت خصوصية كل فرد معرضة للانتهاك ولم تعد جدران المنازل وأبوابها كافية لحماية تلك الخصوصية التي كان ينعم بها الإنسان، بما يستلزم من المشرع والجهات المختصة تكريس حماية خصوصية الأفراد وتوطيد دعائمها في المجتمع ونشر الوعي بأهمية الحياة الخاصة لجميع الأفراد، ومعاقبة كل من يخرج على هذه القيم الأخلاقية التي تعتبر من مقومات الحياة الأساسية لأشخاص المجتمع، لينعم الجميع بالإطمئنان والأمان، والمحافظة على حق الشخص في خصوصية وسرية حياته وعدم انتهاك حرمة تلك الخصوصية.
مشاركة :