مرصد الأزهر يفنّد أكاذيب الإرهابيين بـ 8 لغات

  • 3/10/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: «الخليج» كثّف الأزهر جهوده الدعوية والإعلامية لكشف جماعات التطرف والتكفير في العالمين العربي والإسلامي، وتفنيد أكاذيبهم لحماية جماهير المسلمين وخاصة الشباب من ضلالهم، حيث يواصل مرصد الأزهر بلغات أجنبية رصد ومتابعة كل ما يصدر عن الجماعات الضالة في العالم، والرد على ما يروّجون من مفاهيم دينية كاذبة، يستهدفون بها استقطاب الشباب للقيام بعمليات عنف تحت شعارات دينية. فما قصة مرصد الأزهر؟ وما الأهداف المنوطة به؟ وما أبرز جهوده خلال الفترة الوجيزة التي قضاها في رصد ومتابعة جماعات التطرف والتكفير؟ وكيف يقوم بدوره وسط موجات من الخلط بين التدين والتطرف؟ وما أبرز المفاهيم المغلوطة التي يحرص على تصحيحها؟تساؤلات كثيرة نحاول الإجابة عنها من المسؤولين عن هذا المرصد الفريد، وذلك من خلال السطور الآتية: في البداية يؤكد د. محمد عبد الفضيل، منسق عام مرصد الأزهر، أن المرصد فرض نفسه على ساحة العمل الإسلامي رغم حداثة إنشائه (افتتح في الثالث من يونيو 2015)، حيث قام برصد ومتابعة آلاف الفتاوى والمقالات والخطب والمؤلفات المتطرفة وتحليل كل ما يصدر عن جماعات التطرف والتكفير بثماني لغات أجنبية، حيث يؤدي مرصد الأزهر واجباته في المتابعة والرصد وتصحيح المفاهيم المغلوطة، ونجح في تفكيك الفكر المتطرف، وقد تضاعفت جهوده خلال العام الماضي (2016)، حيث شهد نشاطاً كبيراً ومكثفاً، وأطلق حملتين توعويتين تحت عنوان «يدّعون ونصحح» و«مفهوم الجهاد في الإسلام»، لتصحيح المفاهيم المغلوطة وتفنيد ما تستند إليه جماعات التطرف والإرهاب، كما شارك المرصد في العديد من المؤتمرات والفعاليات كان من بينها «الملتقى الدولي الأول للشباب المسيحي والمسلم»، و«المؤتمر الوطني الأول للشباب»، بمدينة شرم الشيخ تحت شعار «ابدع.. انطلق»، و«المؤتمر الدولي لوقاية الشباب من التطرف والإرهاب»، في مقاطعة «كيبك» بكندا، واختتمها بمؤتمر التنوع الديني «التعددية والتسامح والتماسك الاجتماعي في المنطقة العربية» في العاصمة الأردنية عمذان. ويضيف: ولأن المرصد أصبح معلماً من معالم الأزهر الحديث، فإن العديد من ضيوف الأزهر من كبار الشخصيات العالمية يحرصون على زيارته والتعرف إلى مهامه خلال زيارتهم للأزهر، وقد شهد مؤخراً العديد من الزيارات الرسمية المهمة، كان منها زيارة الرئيس توني تان، رئيس جمهورية سنغافورة، والسيد جيرار لارشيه، رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، والسيد فولكر كاودر، زعيم الأغلبية البرلمانية بالبوندستاج الألماني، والشيخة لبنى القاسمي، وزيرة الدولة للتسامح الإماراتية، وغيرهم الكثير الذين أشادوا بدور المرصد في مواجهة الفكر المتطرف وتصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الشباب في العالم أجمع. خلية نحل وعن أسلوب عمل مرصد الأزهر يقول د. عبد الفضيل: المرصد يتابع أنشطة الجماعات الإرهابية بثماني لغات، ويرصد ما تبثه هذه الجماعات عبر وسائل التواصل ويرد عليها ويفندها من خلال الرؤية الصحيحة للإسلام، وذلك إضافة إلى متابعة المرصد لكل ما يتعرض له الإسلام والمسلمون من مظاهر عنف واضطهاد ديني وعرقي، وهو ما يطلق عليه «الإسلاموفوبيا»، ويحرص المرصد كذلك على مساعدة الجاليات المسلمة في الخارج على الاندماج في المجتمعات الغربية مع الحفاظ على هويتهم الدينية والثقافية. وجولة سريعة داخل المرصد للتعرف إلى مكوناته وأبرز ما يقوم به تشعرك أنك أمام نموذج فريد للعمل والإتقان، حيث تجد مجموعات من الشباب والباحثين الذين يجيدون العديد من اللغات الأجنبية، يعملون بدأب على مدار الساعة كخلية نحل وفقاً لاستراتيجية مرسومة بعناية شديدة وتستند إلى صحيح الدين ووسطيته، ليرصدوا بدقة كل ما تبثه التنظيمات المتطرفة ويتابعوا كل ما ينشر عن الإسلام والمسلمين في العالم على مواقع الإنترنت، وصفحات التواصل الاجتماعي، ومراكز الدراسات والأبحاث المعنية بالتطرف والإرهاب، ودراسة أحوال المسلمين في العالم، فضلاً عن متابعة القنوات التلفزيونية وإصدارات الصحف والمجلات باللغة العربية وثماني لغات أجنبية حية، لكي يتم الرد عليها من خلال لجان متخصصة، ليغلق المرصد على الإرهابيين والمتطرفين وأصحاب الآراء المتشددة جميع المنافذ التي يتسللون منها إلى عقول الشباب، وليحث المسلمين في الغرب على الاندماج في مجتمعاتهم واحترام قوانين البلاد التي يعيشون فيها. مخاطبة غير المسلمين ويوضح د. كمال بريقع، رئيس وحدة الرصد باللغة الإنجليزية بمرصد الأزهر، أن المرصد لا يخاطب المسلمين فقط، ولكنه يخاطب غير المسلمين أيضاً لكي يصحح المفاهيم المغلوطة التي تروج عن الإسلام في الغرب، ولذلك يحرص على مخاطبة غير المسلمين بمنطق عقلاني يتفق مع أسلوب تفكيرهم، ويقول: عندما نخاطب شخصاً غربياً لا نعتمد على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والنصوص الدينية التي لا يؤمن بها، ولكن نخاطب عقله وضميره ونقدم له ما يقنعه بأن الإسلام لا يمكن أن يقف موقفاً معادياً من حقوق الإنسان، وأن هدف التشريعات الإسلامية جميعها هو مصلحة الإنسان وحماية عقله وجسده من كل ما هو ضار به. ويضيف: عندما نستعين ببعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة في خطابنا الدعوي لغير المسلمين، فإننا نستهدف إسقاطها على الواقع، لنؤكد أن الإسلام يحمل كل ما يتطلع إليه الإنسان من آمال وتطلعات، وهو دين تقدم وعلم ونهضة وتحضّر، وأنه بريء من سلوكات وأفعال المتخلفين الذين يتمسحون به وهم لا يطبقون حتى أقل القليل من تعاليمه ولا يلتزمون بآدابه وأخلاقياته. نشاط مميز وعن نشاط المرصد الخارجي يقول د. عبد الرحمن فودة، رئيس وحدة الرصد باللغة الفرنسية: للمرصد نشاط دولي متميز، حيث يحرص على المشاركة بأعضائه وتقاريره المختلفة في العديد من المؤتمرات الدولية التي تناقش قضايا الإسلام والإرهاب وعلاقة المسلم بغير المسلم، وتعزيز قيم التسامح والرحمة والعيش المشترك ومناهضة «الإسلاموفوبيا» ومساعدة الأقليات المسلمة على الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها مع المحافظة على هويتهم والمساعدة على تقديم الحلول الشرعية والفقهية والعملية للقضايا التي يواجهونها، ويفتح المرصد أبوابه للتعاون مع المؤسسات المعنية بنشر ثقافة السلام ومكافحة الكراهية ودعم التعددية والتشجيع على تأسيس مجتمعات آمنة تنعم بالرخاء والأمن والسلام. مفهوم الجهادوعن أهم المفاهيم المغلوطة التي تم تصحيحها من خلال مرصد الأزهر يقول د. محمد عبد الفضيل: لدينا لجان علمية ترد على أبرز ما يثيره المتطرفون من قضايا وتقديمها للمسلمين وغير المسلمين الذين يتابعون نشاط المرصد، ومن أهم ما قدّمناه من ردود على أكاذيب وجهل المتطرفين ما يتعلق بالجهاد وبيان حكم الشرع فيما ارتكبه تنظيم «داعش» الإرهابي باسم الإسلام. وقال منسق عام مرصد الأزهر: لقد حرصنا من خلال توضيح كل ما يتعلق بالجهاد على أن نرد على هؤلاء المتطرفين الذين يشوّهون فريضة الجهاد ويخلطون بين الجهاد المشروع دفاعاً عن الحقوق والإرهاب المذموم لقهر الشعوب ونهب ثرواتها، وأوضحنا بالأدلة والبراهين أن الجهاد في الإسلام يعني «الحرب الدفاعية في سبيل الله»، ومن المنطقي أن يكون فرضاً ولازماً إذا دعت إليه الأحوال والظروف، ولا يعني كون الجهاد فريضة في الإسلام أن يحمل كل مسلم سيفه أو سلاحه ويقاتل الآخرين بشكل مستقل فهذه جريمة كبرى. وحول دعوة بعض التنظيمات الإرهابية للشباب للقتال في صفوفهم والزعم بأن الجهاد فرض على كل مسلم.. أوضح مرصد الأزهر من خلال لجنته الشرعية أن الجهاد- في حالة وجود ما يستدعيه فعلاً- غير متعين على كل مسلم، بمعنى أن جيش الدولة ينوب عن أفراد المسلمين في تحمّل هذه الفريضة، بحيث تسقط مطالبة باقي الأفراد بها ولا يسألون عنها أمام الله تعالى يوم القيامة، ولو فاجأ العدو بلداً مسلماً ودخله واحتاج الجيش مساعدة الأفراد فهنا يجب على كل مسلم أن يقاوم العدو بكل ما يملك من نفس أو مال أو غيرهما، وهذا أمر منطقي لا يماري فيه أحد. متى يباح القتال؟ ويرد مرصد الأزهر على إشكالية مهمة يروّج لها المتطرفون، وهي أن قتال المسلمين لغير المسلمين سببه الكفر وليس العدوان.. ويقول: لقد أجمع جمهور العلماء استناداً إلى القرآن الكريم وتاريخ النبي (صلى الله عليه وسلم) مع غير المسلمين على أن العدوان على المسلمين هو السبب الرئيسي الذي يبيح للمسلمين القتال، أما المخالفة في الدين وحده - من دون عدوان - فإنها لا تصلح سبباً لإباحة الحرب، لأن القرآن أقر حرية الناس في الإيمان أو الكفر: «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، والقرآن لا يناقض بعضه بعضاص. وعن القتال العشوائي الذي تقوم به التنظيمات المتطرفة ويذهب ضحيته الشيوخ والنساء والأطفال، أوضح مرصد الأزهر جرم ما تقوم به هذه التنظيمات من عنف وإرهاب ضد المسلمين وغيرهم، مؤكداً أن الإسلام يحرّم ويجرّم قتل النساء والأطفال والشيوخ والرهبان والأعمى والمقعد والأجير في معسكر العدو.وأوضح مرصد الأزهر أن الحرب في شريعة الإسلام منضبطة بقواعد إنسانية وأخلاقية، تتجلى في كثير من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأوامر خلفائه الراشدين لقادة الجيوش، مثل قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه: «لا تغدروا، ولا تمثّلوا، ولا تقتلوا طفلًا صغيراً، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأةً، ولا تعقروا نخلًا، ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرةً مثمرةً، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرةً ولا بعيرًا إلّا لمأكلةٍ (أي: للأكل فقط)، وسوف تجدون أقوامًا قد فرّغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرّغوا أنفسهم له».

مشاركة :