تفعيل العمق الإستراتيجي الإسلامي

  • 3/10/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بعد زيارته الناجحة لماليزيا اختتم خادم الحرمن الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز المرحلة الأولى من جولته الآسيوية بزيارة رسمية لكل من إندونيسيا وسلطنة بروناي؛ وهما دولتان تشكلان عمقاً إسلامياً مهماً في جنوب شرق آسيا. وتعد زيارة الملك سلمان لإندونيسيا التي تعد أكبر الدول الإسلامية من حيث تعداد السكان أول زيارة لعاهل سعودي منذ 46 عاماً، وكان فخامة الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو على رأس مستقبلي الملك سلمان في مطار حليم الدولي بالعاصمة الإندونيسية وسط حفاوة واضحة على المستويين الرسمي والشعبي عكست عمق العلاقات بين البلدين التي شهدت تطوراً كبيراً منذ زيارة فخامة الرئيس ويدودو للمملكة في سبتمبر 2015م. وعقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وفخامة الرئيس جوكو ويدودو رئيس جمهورية إندونيسيا جلسة مباحثات رسمية في قصر إستانة الرئاسي بجاكرتا. وفي بداية الجلسة، ألقى فخامة الرئيس الإندونيسي كلمة جدد فيها الترحيب بخادم الحرمين الشريفين في إندونيسيا واصفاً زيارة خادم الحرمين الشريفين بالتاريخية. وأكد فخامته عمق العلاقات القائمة بين المملكة وإندونيسيا، وحرص بلاده على تعزيزها وتنميتها في مختلف المجالات بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين. وأشار إلى استعداد بلاده بأن تكون شريكاً إستراتيجياً للمملكة في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. كما ألقى خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- كلمة عبر فيها عن سروره لزيارة الجمهورية الإندونيسية الشقيقة، مشيداً بحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، متطلعاً أن تسهم هذه الزيارة في تطوير علاقات البلدين إلى آفاق أرحب بما يخدم مصالحهما المشتركة. وقال الملك سلمان في كلمته: «استذكر بالتقدير زيارة فخامتكم إلى المملكة العربية السعودية في عام 2015م التي فتحت آفاقاً جديدة في العلاقات بين بلدينا الشقيقين في جميع المجالات، وما تبعها من زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين، وانطلاقاً من القواسم المشتركة التي تجمع بين بلدينا، وبحكم عضويتهما في منظمة التعاون الإسلامي، وهيئة الأمم المتحدة، ومجموعة العشرين، فإن الحاجة تدعو لتوثيق أواصر التعاون بينهما في جميع المجالات. إن التحديات التي تواجه العالم وفي مقدمتها ظاهرة الإرهاب، تحتم علينا جميعاً تعميق الحوار وتكثيف الجهود لمواجهة هذه التحديات، مقدرين موقف إندونيسيا في دعم التضامن الإسلامي، ودعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وسعي إندونيسيا لتقريب المواقف بين الدول الإسلامية. إن تطوير علاقاتنا على أسس راسخة ومتينة سوف يسهم إيجاباً في معالجة الأزمات والقضايا الإقليمية والدولية، ويعزز التعاون بين الدول الإسلامية القائم على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحل النزاعات بالطرق السلمية وفقاً لميثاق منظمة التعاون الإسلامي وميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي». المتحدث باسم الرئاسة الإندونيسية دارملان شاه وصف الاستقبال الشعبى الكبير للملك سلمان عند وصوله جاكارتا بأنه يعكس التقدير الذي يحظى به خادم الحرمين الشريفين في الأوساط الشعبية الإندونيسية، وأكد شاه أن الزيارة الملكية مهمة وتاريخية وستدشن عهداً جديداً من الشراكة الإستراتيجية بين البلدين في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاستثمارية والثقافية والإسلامية، وقال شاه إن المملكة وإندونيسيا يعتبران ركيزة الوسطية والاعتدال والتعايش السلمي وتدعمان حوار الأديان وفهم ثقافة الآخر وتنبذان التشدد والإرهاب بأشكاله كافة. وأوضح شاه أن مباحثات القمة بين خادم الحرمين الشريفين وفخامة الرئيس الإندونيسي في قصر الإستانة كانت إيجابية ومثمرة للغاية وستشهد العلاقات بين البلدين نماءً وازدهاراً في المرحلة القادمة وستكون مثالًا للعالم الإسلامي. وبحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وفخامة الرئيس جوكو ويدودو رئيس جمهورية إندونيسيا، تم في قصر إستانة الرئاسي في جاكرتا، التوقيع على إعلان مشترك ومذكرات تفاهم وبرامج تعاون بين حكومتي المملكة العربية السعودية وجمهورية إندونيسيا. وقد جرى التوقيع على إعلان مشترك حول رفع مستوى الرئاسة للجنة المشتركة، كما جرى توقيع مذكرة تفاهم بشأن مساهمة الصندوق السعودي للتنمية في تمويل مشروعات إنمائية. وتم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون الثقافي، كما تم توقيع برنامج التعاون في مجال قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كذلك تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في المجالات الصحية، وجرى التوقيع على مذكرة تفاهم لإطار تشغيلي للنقل الجوي. وأيضاً التوقيع على برنامج تعاون علمي وتعليمي، وتم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الشؤون الإسلامية، كما تم توقيع مذكرة تفاهم في مجال المصائد البحرية والثروة السمكية، وتوقيع برنامج التعاون في المجال التجارى، كما جرى توقيع اتفاق تعاون في مجال مكافحة الجريمة، وعقب مراسم التوقيع قلد فخامة الرئيس الإندونيسي خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- وسام (نجمة الجمهورية الإندونيسية) الذي يعد أعلى أوسمة الجمهورية تقديراً لجهود الملك المفدى في مختلف المجالات. وزار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- مقر البرلمان الإندونيسي وألقى كلمة أمام أعضاء البرلمان قال فيها إن التحديات التي تواجه أمتنَا الإسلاميةَ خاصة، والعالم بصفة عامة، وفي مقدمتها ظاهرة التطرف والإرهاب وصدامُ الثقافاتِ وعدمُ احترامِ سيادة الدول والتدَخل في شؤونِها الداخلية، تستدعي أن نقفَ صفاً واحداً في مواجهةِ هذه التحديات، وأن ننسقَ المواقفَ والجهودَ، بما يخدمُ مصالحَنا المشتركة والأمن والسلم الدوليين. وكان رئيس مجلس النواب الإندونيسي قد ألقى كلمة ترحيبية، واصفاً الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين بأنها توثيق لعلاقات الأخوة بين البلدين الشقيقين. وأشاد برؤية المملكة 2030، وأهدافها المستقبلية، مشيراً إلى التحديات التي تواجه العالم وأهمية التعاون لتحقيق الأمن والسلام. وبحضور فخامة الرئيس الإندونيسي استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله- نخبة من أبرز الشخصيات الإسلامية والأديان الأخرى في إندونيسيا. وعبر خادم الحرمين الشريفين عن سعادته بهذا اللقاء، مشيراً - أيده الله- إلى أن إندونيسيا تتمتع باستقرار سياسي ونهضة اقتصادية تسعد كل إنسان محب، وذلك نتيجة روح التسامح والتعايش بين أبناء الشعب الإندونيسي بجميع فئاته. وأكد الملك المفدى أهمية العمل على التواصل والحوار بين أتباع الأديان والثقافات لتعزيز مبادئ التسامح، لافتاً النظر إلى أن الأديان تسعى لحماية حقوق الإنسان وسعادته، ومن المهم محاربة الغلو والتطرف في جميع الأديان والثقافات. وتطرق خادم الحرمين الشريفين إلى أن المملكة تبنت مفهوم الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وأسهمت في إنشاء مركز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا رغبة منها في تعزيز الحوار بين الجميع. بعد ذلك تحدث فخامة الرئيس الإندونيسي، عن أهمية روح التسامح والاعتدال بين مختلف أتباع الأديان. وأكد اعتزازه وجميع أصحاب الأديان المختلفة في إندونيسيا بزيارة خادم الحرمين الشريفين لبلادهم، التي ستسهم في تعزيز التعاون لما فيه خير البلدين والشعبين الشقيقين. عقب ذلك تحدث عدد من الشخصيات من مختلف الأديان الإندونيسيين الذين أبدوا سعادتهم بالزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين لإندونيسيا، وشكرهم له - حفظه الله- على إتاحة الفرصة للالتقاء به. وعدوا مثل هذه اللقاءات المهمة دافعاً كبيراً لنشر ثقافة الاعتدال والتسامح ومكافحة الإرهاب والتطرف بين مختلف أتباع الأديان والثقافات وتحقيق السلام والأمن الدوليين. «ملتقى الأعمال السعودي - الإندونيسي» يعقد أربع اتفاقيات ب 13.5مليار ريال وعلى هامش زيارة خادم الحرمين الشريفين عقد ملتقى الأعمال السعودي - الإندونيسي، وشهد الملتقى توقيع أربع مذكرات واتفاقيات استثمارية في المملكة بقطاعات الطاقة والصحة والإسكان والسياحة بقيمة إجمالية بلغت 13.500 مليار ريال، كما تم توقيع مذكرة تفاهم بين مجلس الغرف السعودية وغرفة إندونيسيا لتأسيس مجلس أعمال سعودي - إندونيسي مشترك لدعم وتطوير الشراكات والعلاقات التجارية وقطاع الأعمال بين البلدين، كما قدمت الهيئة العامة للاستثمار في الملتقى للجانب الإندونيسي عرضاً لأهداف والفرص الاستثمارية لرؤية المملكة 2030، وعقد الجانبان اجتماعات ثنائية لرجال الأعمال من البلدين. وقدم مسؤولو الهيئة العامة للاستثمار عروضاً لجذب الاستثمارات في عدد من القطاعات هي القطاعات المالية والمصرفية، والنقل واللوجستيات، والبتروكيماويات، وصناعات الأغذية، والصحة والأدوية، والقطاع السياحي. الجدير بالذكر أن حجم التبادل التجاري بين المملكة وجمهورية إندونيسيا بلغ في عام 2015 أكثر من 19 مليار ريال، في حين بلغ عدد المشاريع المشتركة بين البلدين 8 مشاريع خدمية، وبلغ عدد مشاريع الاستثمار الإندونيسي في المملكة بملكية 100 % خمسة مشاريع متنوعة. رجل السلام في «دار السلام» وفي المحطة الثالثة من جولته الآسيوية حل خادم الحرمين الشريفين ضيفاً على جلالة السلطان حسن البلقيه السبت الماضي في زيارة رسمية لسلطنة بروناي، وأُعد للملك سلمان استقبال رسمى وشعبى حافل في العاصمة «دار السلام». وتزامنت زيارة الملك سلمان مع مناسبة مرور 30 عاماً على إنشاء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وعقد - حفظه الله- جلسة مباحثات رسمية مع السلطان حسن البلقيه شملت آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين، وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتوسيع آفاق التعاون بينهما في المجالات كافة، خاصة في مجال التعاون التجاري والاستثماري، بما في ذلك البحث عن الفرص الاستثمارية المشتركة بين البلدين، وقلد جلالة السلطان حسن البلقيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسام الأسرة المالكة لعرش بروناي، أعلى وسام في السلطنة. وأشار بيان مشترك إلى أن الجانبين اتفقا على تنشيط الاتفاقية العامة الموقعة بين البلدين التي تشمل المجالات الاقتصادية والاستثمارية والفنية والتعليمية والثقافية والشبابية والرياضية، وعلى أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والشؤون الإسلامية. ويتطلع القائدان إلى أن يخرج اجتماع اللجنة السعودية البروناوية المشتركة المقرر عقده هذا العام بنتائج تخدم اقتصاد البلدين، وتعزز التعاون بين القطاع الخاص فيهما. وأشاد جلالة السلطان حسن البلقيه بالجهود التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين وحكومة المملكة العربية السعودية لخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من حجاج ومعتمرين وزوار، منوهاً جلالته بما يلقاه حجاج بروناي دار السلام من عناية واهتمام. وتبادل القائدان الآراء حول القضايا الإقليمية والدولية بما في ذلك آخر المستجدات في الشرق الأوسط، وأكدا على أهمية التوصل إلى حل دائم وشامل وعادل للقضية الفلسطينية وفقاً لمضامين مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، كما أكد القائدان أيضاً على أهمية إيجاد حل سياسي للأزمة السورية على أساس بيان جنيف (1) وقرار مجلس الأمن رقم ( 2254 ) وعلى أهمية تقديم المساعدات الإنسانية وأعمال الإغاثة للنازحين واللاجئين السوريين. وشدد القائدان على أهمية المحافظة على وحدة اليمن، وتحقيق أمنه واستقراره، وعلى أهمية الحل السياسي للأزمة اليمنية على أساس المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن رقم (2216)، مؤكدين دعمهما للسلطة الشرعية في اليمن، وكذلك تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق اليمنية كافة. واتفق القائدان على تنسيق المواقف في منظمة التعاون الإسلامي والأجهزة المرتبطة بها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، ومصلحة الأمة الإسلامية، كما أكدا على ضرورة نبذ التطرف ومحاربة الإرهاب بأشكاله وصورة كافة، وأياً كان مصدره.

مشاركة :