عادت تركيا إلى التلويح بالهجوم على وحدات حماية الشعب الكردية، في مدينة منبج السورية، بعد يوم واحد من اجتماع لرؤساء أركان تركيا وأميركا وروسيا، في مدينة أنطاليا جنوب تركيا، حيث تم بحث تطورات العمليات العسكرية في سوريا والعراق، وتم الاتفاق على تقييم اتخاذ إجراءات جديدة لمنع وقوع حوادث غير مرغوب فيها بين قوات الدول الثلاث. وبعد أن أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، تزامناً مع انعقاد الاجتماع، أن تدخل تركيا في منبج سيصبح بلا جدوى، إذا لم يتم التنسيق مع كل من واشنطن وموسكو، قال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، أمس، إن القوات التركية ستضرب وحدات الحماية الكردية المدعومة من واشنطن، في منبج، في ريف حلب الشمالي الشرقي، إذا لم يغادروها. وتحدث جاويش أوغلو للمرة الأولى عن دعم روسي محتمل لهذه القوات، قائلاً إن ذلك قد يشكل معضلة بالنسبة لتركيا، وسنعارض ذلك بكل تأكيد. وبالمقابل، فإننا سندعم أي محاولة روسية تهدف إلى تطهير مناطق شمال سوريا من عناصر هذا التنظيم. وأعلنت أنقرة مراراً أن واشنطن تعهدت بإخراج عناصر وحدات حماية الشعب الكردية إلى شرق الفرات، وقالت مصادر تركية إنه تم بحث الأمر في اجتماع رؤساء الأركان، لكن كل ما تم التوصل إليه هو الاتفاق على تقييم إجراءات لمنع الصدام بين قوات الدول الثلاث. ويزور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان موسكو اليوم، وسيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسيكون الملف السوري والتطورات على الأرض في مقدمة أجندة المباحثات. وسبق أن حصلت تركيا على دعم من روسيا ضد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، عندما أغلقت موسكو مكتب تمثيل له بناء على طلب من إردوغان خلال زيارته في أغسطس (آب) الماضي. وتعمق التنسيق أكثر بين أنقرة وموسكو في حلب، لكن اعتباراً من مفاوضات آستانة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أظهرت موسكو دعماً لأكراد سوريا، وقدمت مقترحاً لدستور جديد لسوريا، يضمن إقامة حكم ذاتي للأكراد في شمال سوريا، وهو ما ترفضه أنقرة، وكذلك فصائل المعارضة المسلحة الموالية لها. من جانبه، قال مارك تونر، المتحدث باسم الخارجية، إنّ اللقاء الثلاثي الذي عُقد في أنطاليا جاء لبحث القيام بعملية أكثر فاعلية في سوريا ضد «داعش»، لافتاً إلى أن القادة الثلاثة تناولوا في إطار محاربة «داعش» عملية منبج، بالإضافة إلى مناقشة التنظيمات الإرهابية الأخرى في المنطقة، مثل تنظيم العمال الكردستاني و«جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً). وفي معرض إجابته عن سؤال مفاده: هل توصلتم إلى اتفاق مع تركيا فيما يخص الدعم الأميركي لوحدات الحماية الشعبية؟ قال تونر: «إننا ندعم منذ زمن قوات وحدات الحماية الشعبية الموجودة في شمال سوريا، ولا سيما أنّ وحدات الحماية الشعبية قد أثبتت فاعليتها في محاربة (داعش)». وأضاف تونر أنّ الولايات المتحدة الأميركية تحترمُ ادعاءات تركيا بوجود ارتباط بين حزب العمال الكردستاني ووحدات الحماية الشعبية. واعتبر المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين أن تصريحات تونر تحمل إشارة إيجابية بالنسبة لتركيا، وقال في مؤتمر صحافي في أنقرة، أمس، إن بلاده جاهزة للتعاون مع دول التحالف الدولي ضد «داعش» لتطهير سوريا من التنظيمات الإرهابية، لكن بشرط عدم مشاركة وحدات حماية الشعب الكردية في هذه العملية. في الوقت نفسه، قال جاويش أوغلو إن أنقرة بحثت عملية تحرير مدينة الرقة من يد تنظيم داعش مع الولايات المتحدة، غير أن قراراً لم يتخذ بعد، لافتاً إلى أن واشنطن تبدو مشوشة بشأن خطط لشن هجوم على الرقة، معقل تنظيم داعش في سوريا، وشدد على أن تركيا لن تقبل بمشاركة القوات الكردية في هذه العملية. على صعيد آخر، كشفت مصادر تركية لصحيفة «حريت» عن أنه لن يتم تسليم الطيار السوري الذي سقطت طائرته في الأراضي التركية، إلا بعد اعتذار سوريا على أعلى مستوى من تركيا لخرق الطائرة السورية للأجواء التركية، في حين تبذل روسيا أقصى جهدها لعودة الطيار السوري إلى بلاده.
مشاركة :