أما وإما

  • 4/25/2014
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

النسخة: الورقية - سعودي عندما يصبح اختلاف الرأي يفسد للود قضية، ويتحول تنافر الآراء إلى خلافات شخصية وقطيعة دائمة، حينها تتأكد أنك أمام مشكلة تصورات مجتمع. الاختلاف في أصله رحمة والجو الديمقراطي والتنوع مكسب للوصول إلى قناعة متقاربة لتحقيق التكامل المنشود. الأب في المنزل لا يقبل النقاش، والأخ الأكبر يتسلط على إخوته، والمعلم يعطي درسه الملقن بتثاقل ثم ينصرف! إذاً كيف لأبنائنا والأجيال القادمة أن يتعلموا لغة الحوار بالحجة؟! الوسط الرياضي ليس بمعزلٍ عن ذلك، إذ تظهر نظرية المغالبة والتي تحركها الميول إلى الأندية. لا أحد يقبل أن يُمس ناديه ولو بنقدٍ حقٍ، من يطرح رأيه بصفته إعلامياً يجب أن تُفتح معه صفحات التاريخ الأبيض والأسود وتفتش عن الميول والآراء السابقة، وكأن ذلك الإعلامي رجل جامد لا يتغير ولا يتطور مع الزمن وغير مسموح له بأن يعمل على تشكل آرائه ولن تقبل عثراته وأخطاؤه السابقة. يتعامل المجتمع مع أفكار الإعلامي والرياضي الذي يوافقه في الميول بطريقة المفتاح الذي يمكنه من فتح كل الأبواب، والحقيقة أن لكل مدخل مفتاح خاص به، سلاحه النقاش الحضاري ومخرجه القناعة بأن تعدد الآراء إثراء. أخي صاحب القناة ورئيس التحرير.. دعني أقدم لك رسالتي بحب وبصفتي فرداً أخاف على ابنك وابني وعلى أجيال متلاحقة، فنحن عانينا من احتكار المفردة ما عانينا، دعونا نرسم لهم على جدار الحي آذان الاستماع لتقبل قوافل التعددية وتحيي غربة المارة. فتلك الأقلام والفضائيات عليها مسؤولية يجب أن تكون أهلاً لها، عليها أن تقدم مضادات التعصب وحُقن الحياة كي تحميهم ذاتياً مما يحتمل أن يواجهوه مستقبلاً من دون توجيه مباشر. تعلمنا أن الألوان الأساسية ثلاثة، والآن تكاد تصل إلى مائة ولم يتغير في الأمر شيء سوى ذائقة متعددة ولوحات بيعت بالملايين. يقول الله عز وجل في سورة النساء: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أمَّةً وَاحِدَةً وَلايَزالونَ مُخْتَلِفينَ». وكان عمر بن الخطاب يستشير حتى غير المسلمين، ولكن هناك ضوابط عامة للآراء تتلخص في (الضابط الأخلاقي) والذي ينشأ من التربية، و(الضابط القانوني) إذ إن القضاء هو الفيصل للمتجاوزين. بل إن التشريع ميزنا عن غيرنا من العالم الغربي بأن جعل حرية التعبير واجبة، ولنا في غزوة بدر ومشورة الحباب بن منذر للرسول صلى الله عليه وسلم مثالٌ حيٌ لأهمية تقبل الآراء وفائدتها، وكذلك في اختلاف رأي الفاروق وأبي بكر في التعامل مع الأسرى. مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي استحدثه الملك عبدالله في تموز (يوليو) ٢٠٠٣ يقوم بأدوار جيدة ويقيم ندوات باستمرار، لكنه يحتاج إلى دعم أولياء الأمور بإرسال أبنائهم للحضور، إذ حضرت إحدى الندوات ولاحظت ضعف الإقبال على رغم أن الدعوة عامة! لذا أخشى من يوم يتحول فيه ذلك القلم إلى أداة قتل فعلية صنعها الإعلام بحبره الأزرق وحوله إلى أحمر، لذا لا تعلّموا أبناءكم التقوقع على الذات، بل كونوا القدوة التي غابت في هذا الزمان وافتحوا الأسئلة على مصراعيها، فالخيال رحب يتسع للجميع، وخلايا الدماغ هي الوحيدة التي لا تتجدد، إذ إنها تموت وتنشأ بعدها يومياً ملايين.

مشاركة :